رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

احذر.. قبل أن تقع فى الفخ

مع طول الوقت الذي تقضيه على وسائل التواصل قد يوقعك حظك السيئ فيجعل منك ضحية لبعض النصابين الذين اتخذوا من الفضاء الإلكتروني ساحة لهم فتخفَّوا وراء الكيبورد؛ ليعيشوا وهمًا وعالمًا خاصًا بهم يصطادون من خلاله ضحاياهم، وهنا ستكتشف أنك وقعت ضحية عملية نصب واحتيال ممنهجة، في تطور طبيعي لعالم افتراضي نما وتطور حتى كاد رذاذه أن يصيب الكثيرين.
إذ سيقترب النصّاب الإلكتروني منك على استحياء في البداية طالبًا صداقتك ومع تجاهلك سيدلف إليك من جديد على الخاص مرسلًا رسائل ود ومحبة وتقدير لإبداعك، سيأخذك فضولك إلى تصفح صفحته الشخصية لتعرف عنه بعض التفاصيل، وهنا قد تقع بأناملك في المصيدة الإلكترونية، فللرجل ألقاب متعددة- ستكتشف لاحقًا زيفها لكن ربما بعد فوات الأوان- فسيضع الرجل لقب دكتور قبل اسمه ولا مانع من أن ينسب نفسه لإحدى الجهات الرسمية أو الجامعات غير الحكومية كعضو هيئة تدريس بها، وحين تدخل إلى صفحته لتقرأ عقليته وكيف يفكر وتوجهاته ستجده يتسق مع أفكارك ولا مانع من أن يكون مؤسسًا لإحدى الصفحات الوطنية التي تؤكد ولاءه وإيمانه بمعتقداتك السياسية، هنا ستطمئن مبدئيًا من أنه غير مغرض وليست لديه توجهات تضر بك ولا بوطنك وعندها ستضغط على زر قبول الصداقة ومعها تكون- كما قال الفنان عادل إمام- قد وقعت في الفخ.
ستجد هذا النصاب نشيطًا جدًا عبر الفضاء الإلكتروني ومجاملًا لأقصى حد ودائرة علاقاته ممتدة ومتشعبة في قطاعات كثيرة- إلكترونيًا أيضًا- وهنا لا تنخدع بكثرة كتاباته معزيًا هذا ومهنئًا ذاك من المشاهير، فهو بالفعل لا يعرفهم لكنه من كثرة تتبعه لصفحات النجوم وأخبارهم يلتقط أفراحهم وأحزانهم ومن ثم يستغلها لإيهام ضحاياه بتعدد علاقاته وتشعبها، وبالمناسبة فإنك سترصد في كلام هذا النصاب الإلكتروني أدبًا وأخلاقًا وكثيرًا من الشعارات الدينية والمشاركات لآيات قرآنية وأحاديث نبوية تدغدغ المشاعر وتبث فيك نوعًا من الطمأنينة نحوه.
بعد فترة ستجده يلح في طلب اللقاء والتعارف الشخصي، وهذه هي المرحلة الثانية في لعبة النصاب الإلكتروني، ومع الإلحاح ستقبل اللقاء حينها سيأتيك هذا الرجل في سيارة فارهة، إن كنت واعيًا واستدرجت سائقها للحديث من خلال كوب شاي يدعوه إليه سائقك ستكتشف أنه وسيارته مستأجرين وستعرف حينها محل سكن هذا النصاب الذي سيحاول إخفاءه عنك بشدة.
سيمرر النصّاب اللقاء الأول دون طلبات محددة، ومع اللقاء الثاني سيدخل في تفاصيل بيزنس خاص يدعوك إليه وستتورط معه بالطبع، إذ لن يطلب منك أموالًا للشراكة، لكنك حينها ستدفع ما هو أكثر من المال، إنه تاريخ من الشقاء وقائمة من العلاقات التي تغامر بها وجدار من الثقة والاحترام بينك وبين خلق كثر سيكونون عرضة للهدم بحكم هذه الشراكة غير المتوازنة.
عندما تبدأ خطوات تنفيذ مشروعكما المشترك ستجد الأمور تجري بسرعة غير معتادة، هنا تمهل إنه ليس تيسيرًا إلاهيًا- كما تظن- بل غواية الشيطان التي تسهل وقوعك في المصيدة، بالطبع ستكون بينك وبينه أوراق ثبوتية كبطاقته الشخصية مثلًا، احتفظ بصور لكل الأوراق فحتمًا ستحتاج إليها حين تقرر ملاحقته أمنيًا وربما قضائيًا حين يبدأ مشروعكما فعليًا ستندفع بكل أمانة لإنجاح المشروع مستخدمًا كل مهاراتك وعلاقاتك ومستدعيًا خبراتك، تمهل ولا تكن مخلصًا معه لهذا الحد فحتمًا ستكشف لك الأيام حقيقة الرجل.
قد تجد له معارف كُثر من وسطك الذي تعمل فيه فلا تنخدع بحديثه تليفونيًا مع فلان أو عن فلان من منافسيك في الوسط، فهو غالبًا ما يعمل مزدوجًا وبالتوازي عليك وعليهم، كما يستغل علاقتك به معهم أيضًا ولا تكن سخيًا معه في البداية فلا تبادر بإظهار كرمك فتتحمل عنه فواتير العزومات مبكرًا، والأهم لا تتوسع في الاستعانة بمساعدين مهنيين لإنجاح العمل، فهؤلاء فواتيرهم باهظة وقد تتحملها وحدك حين يفر الرجل بجريمته.
مع أول اكتشافك لعملية النصب توقف حيث أنت مكتفيًا بما تكبدته من خسائر ولا تتمادى في مسايرته بحجة السعي لاسترداد حقك وحقوق فريق العمل معك، فأنت في رحلة البحث خلفه لن تجد إلا مزيدًا من الخسائر النفسية والمالية أيضًا، إذا كنت حصيفاً تذكر أن عندك له أوراقًا فيها عنوان سكنه، تتبعه ولكن بالسُبل القانونية.
وإذا تمكنت من دخول بيته سيفتح لك أحدهم وبالطبع لن تجد النصاب موجودًا فقد ذهب يبحث عن ضحية جديدة، ولكنك ستكتشف من شكل الأثاث وموقع البيت حقيقة الرجل وهذا هو "ليفل" الوحش في اللعبة، غير أن أول ما سيلفت نظرك هو جهاز الكمبيوتر القديم الذي يتصدر المشهد في الغرفة لا تستجب لرغبتك الكامنة وتحطم الجهاز- أداة النصاب في خداعك- بل لُم نفسك فقد أوقعت نفسك في الفخ واكتفِ بما تكبّدته من خسائر وأسأل الله السلامة.