رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اليوم ولد لكم مُخلص

"أبشركم بفرح عظيم، يكون للعالم كلّه: لقد ولد لكم اليوم المخلّص الذي هو المسيح الرب" 
نعم، واليوم الجمعة 7 يناير يحتفل المصريون بعيد الميلاد المجيد، ومعلوم أن حدث ميلاد السيد المسيح هو من الأعياد المسيحية الكبرى، فقد انتظرته البشرية طويلاً جدًا، بعد أن هدى النجم المجوس وأوصلهم إلى المسيح ليسجدوا له، ويقدموا له فعل عبادة، فيما أقربهم إليه لم يهتموا بحدث ولادته، أما "هيرودس" الملك فقد خاف منه على عرشه، فتربص به شرًا، عندما دعا المجوس سرًا، وتحقق منهم زمن ظهور النجم، وكان في نيته أن يفتك بالوليد الجديد خوفًا منه على عرشه الزائل، ولكن الله الذي يعلم ما في القلوب علم ما كان يضمره "هيرودس"، فأوعز في الحلم إلى المجوس لكي لا يرجعوا إليه. 
وعليه، صارت مصر الوطن الثاني الذي استضاف السيد المسيح طفلاً فباركه، ليحقق نبوءة العهد القديم القائلة: "مبارك شعبى مصر"، وفى العهد الجديد باحتمائه بها قبل أكثر من ألفى عام..
ثلاث آيات متتاليات فى الإصحاح الثانى لإنجيل متى، ذكر فيها اسم مصر ثلاث مرات، تحمل الكثير من المعانى للوطن الثانى للمسيح بعد موطنه فلسطين، يقول الإنجيل بحسب متى البشير من الآية 13 وحتى 15: "وَبَعْدَمَا انْصَرَفُوا، إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لِيُوسُفَ فِى حُلْمٍ قَائِلاً: "قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ، وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ. لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ الصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُ 14 فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ لَيْلاً وَانْصَرَفَ إِلَى مِصْرَ. 15 وَكَانَ هُنَاكَ إِلَى وَفَاةِ هِيرُودُسَ. لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِل: "مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْني" مصر هى الوطن الوحيد الذى احتضن المسيح بعد فلسطين، فلم تطأ قدماه بلدًا آخر غير موطنه سوى مصر"، لكن قبل الحديث عن رحلة السيد المسيح إلى مصر .. نذكر أيضًا أن مصر كما جاء فى "العهد القديم"، البلد الذى استضاف أبانا إبراهيم، فى زمن الجوع، ثم اختار الله ليوسف أن يعيش ويكبر فى مصر، بعد أن باعه إخوته لقافلة الإسماعيليين، فكانت مصر ملجأه، وحين حلت السنوات السبع العجاف كانت مصر عامرة بالخير فلجأ لها يعقوب وأبناؤه الذين عاشوا فى مصر لفترة طويلة جدًا.
لقد نزل السيد المسيح  إلى العالم هادئا بدون ضجة، ودخله في خفاء لم يشعر به أحد.. يذكر قداسة البابا شنودة الثالث أنه لم يحدد من قبل موعد مجيئه.. ولد في يوم مجهول، لم تستعد له الأرض ولا السماء، ولم يستقلبه فيه أحد. يوم ميلاده كان نكره بالنسبة إلى العالم، مع أنه من أعظم الأيام، إذ بدأ فيه عمل الخلاص الذي تم على الصليب..
وحول رحلة العائلة المقدسة إلى مصر "ذُكرت مصر في الكتاب المقدس: 465 مرة" يحدثنا الكاتب الكبير ناجح إبراهيم "اختلف المؤرخون حول مدة رحلة العائلة المقدسة لمصر وأكثرهم حددوها بعامين، وآخرون بثلاث سنوات ونصف السنة، وما سوى هذين الرأيين غير صحيح على الراجح، بداية من وصولهم إلى العريش، ووصولًا إلى القاهرة جنوبًا، ثم عبور النيل إلى المطرية وعين شمس. وبعدها قصدوا مصر القديمة وسكنت العائلة مغارة كانت معدّة لمبيت الغرباء، وتقع الآن تحت كنيسة أبى سرجة، ثم اتجهوا إلى الجنوب، بداية من المعادى، ثم إلى منف "ميت رهينة الآن بجوار البدرشين"، ثم إلى البهنسا ومنطقة دير الجرانوس ومنها إلى سمالوط، ثم الأشمونين، ومنها إلى ديروط الشريف التى كان يطلق عليها وقتها "فيليس" وأقاموا فيها أيامًا، ثم اتجهوا إلى القوصية، ثم إلى قرية مير الذين أكرموا وفادتهم، وبلادهم غنية ببركة المسيح وأمه ومن مير إلى أهم محطة فى الرحلة كلها، حيث أقام المسيح أول معبد دشّنه فى العالم، وهو "الدير المحرق"، وهو أطول فترة مكث فيها في مكان وتعبّد فيه المسيح وأمه، وهو آخر نقطة وصلتها العائلة المقدسة فى مصر على أرجح الأقوال.." ..
كل عام ومصرنا الحبيبة وشعبها العظيم ورئيسها الرائع.. ويا رب بارك بلادي.