رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المستشار خفاجي: السادات جعل القضاء مستقلا واتخذ من وشاحه زيًا رسميًا

انور السادات
انور السادات

تحتفل الأمة العربية السبت القادم فى 25 ديسمبر بذكرى مولد الرئيس الراحل محمد أنور السادات بطل الحرب والسلام الذي ولد يوم  “25 ديسمبر 1918 وتوفي يوم  6 أكتوبر 1981” وهو ثالث رئيس لجمهورية مصر العربية فى عصرها الجمهورى وفى عهده تحقق نصر الأمة العربية فى حرب 6 أكتوبر 1973 المجيدة.

كشف الفقيه المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة أثناء ترأسه لجنة المناقشة والحكم فى رسالة الدكتوراه المقدمة من أحد الباحثين لجامعة دمياط عن العلاقة بين القضاء والنظام السياسى المصرى أن الرئيس السادات جعل القضاء مستقلًا واتخذ من وشاح القضاء زيًا رسميًا مع زى القائد الأعلى للقوات المسلحة عام 1977 بقرار جمهورى رقم 469 لسنة 1977 رمزًا للحق مع القوة ورفض أن يتشح بما يتشح به رؤساء الدول بأرفع نياشين الدولة وأن السادات يعرف قيمة العدل لأنه ذاق طعم العدالة بعد أن تجرع مرارة الظلم من اتهامات 1946 وحكم المحكمة ببراءته 1948 غير مسار حياته السياسية كما كشف الأسباب الخفية لرئيسين عظيمين التى جعلت عبد الناصر يؤمن بوحدة السلطات وجعلت السادات يؤمن بالفصل بينها.

وقال القاضي الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة أثناء ترأسه لجنة المناقشة والحكم فى لرسالة الدكتوراه المقدمة من أحد الباحثين لجامعة دمياط عن العلاقة بين القضاء والنظام السياسى المصرى أن الرئيس البطل محمد أنور السادات كان يجلَ السلطة القضائية ويؤكد استقلالها حيث أعلن استقلال القضاء وقدسية حرمته  فى خطابه عند لقائه برجال القضاء فى 12 يناير 1971 بقوله:" القضاء حرم مقدس له جلاله وقدسيته وهو ملك الشعب كله وهو قومى بطبيعته " ثم بقوله فى خطابه إلى الأمة فى 5 فبراير 1977: " أن دولة المؤسسات لا يمكن قيامها دون تمتع السلطة القضائية باستقلال كامل كسلطة محترمة مصونة كرامتها " وحديثه إلى التلفزيون العربى فى 24 يوليو 1977 بأن "القضاء بطبيعته يجب أن يكون مستقلًا لأنه يقيم الوزن والعدل بين الناس" ثم عبر عن أرقى معانى الإجلال للقضاة فى خطابه عند لقائه بالمجلس الأعلى للهيئات القضائية ورجال القضاء فى 19 أكتوبر 1977 بقوله: "القضاة هم سلطان الحق الذى يدعم قوة الأمة وسلطانها وهم رجال المنصة العالية وأصحاب المقام الرفيع، فليس فى مصر صاحب مقام رفيع غير القضاة".

وأضاف الفقيه القاضى خفاجى، أن الرئيس أنور السادات كان يعتبر سيادة القانون واحترام السلطة القضائية أساسًا لشرعية نظام الحكم، ووافق فى ديسمبر 1975 على استقلال موازنة للقضاء وتحسين أحوالهم المادية وكان مؤمنًا بحق التقاضى وإزالة أية موانع تؤدى إليه، ثم أعلن فى كلمته التى ألقاها حين لقائه برجال القضاء فى 26 ديسمبر 1975 أنه " يجب أن يعود القضاء إلى مكانه المقدس العالى".

ثم أعلن السادات أمام اجتماعه بالمجلس الأعلى للجامعات فى 30 يناير 1977 تدعيمه لحصانة القضاء بقوله أعدنا القضاة المفصولين  بعد عزلهم عام 1969 إلى مناصبهم وأعدنا صيانة حرمة القضاء واستقلاله بعد ما ناله" وكان السادات يرى ضرورة إبعاد القضاة عن العمل السياسى لذا أعلن غضبته من اعتراض القضاة على قانون حماية القيم من العيب واعتبر الاعتراض عملًا سياسيًا محظورًا وكان يرى أنه يجب على نوادى القضاة الابتعاد عن تبنى أية مواقف سياسية بما يتعارض مع قدسية عمل القضاء.

وأشار الفقيه القاضى أن الرئيس السادات كان يرى أن أى أمة ترقى بالقضاء والجيش معًا، بقضائها العادل وسلطتها العسكرية القوية، وذلك بقوله بخطابه من الإسكندرية فى 16 أغسطس 1978 "القضاء هو الحق، والعسكرية هى القوة، وأن الحق بغير قوة لا يبقى، وأن القوة بغير الحق غادرة مدمرة " كما اتخذ السادات من وشاح القضاء زيًا رسميًا للقائد الأعلى  للقوات المسلحة منذ عام 1977 بالقرار الجمهورى رقم 469 لسنة 1977 فى 5 أكتوبر 1977 وقال السادات فى لقائه مع رجال القضاء فى 11 أكتوبر 1980 بقوله:" صححت كل ما حدث للقضاة بقرار واحد وعاد القضاة وعادت جميع الحقوق ،وأكثر من ذلك رفضت أن أتشح بما يتشح به رؤساء الدول بأرفع نياشين الدولة واتشحت بوشاح القضاء ومن وقتها وأنا جاهز لأى شئ يمس القضاء من قريب أو بعيد".

وأوضح الفقيه خفاجى، بأن إجلال الرئيس أنور السادات للسلطة القضائية لم يكن بغير سبب فقد كان يعرف قيمة العدل، لأسباب فى مكنونه النفسى العميق، إذ ذاق طعم العدالة بعد أن تجرع مرارة الظلم من الاتهامات التى وجهت إليه مع أخرين فى قضية اغتيال أمين عثمان باشا وزير المالية فى عهد حكومة مصطفى النحاس فى 5 يناير عام 1946 – وأمين عثمان باشا اسكندرانى النشأة درس بكلية فيكتوريا وتلقى تعليمه العالى بانجلترا بجامعة أكسفورد عام 1920 وتزوج من البريطانية كاترين كريكورى -  وقضت المحكمة حينذاك بجلسة 24 يوليو 1948 ببراءة أنور السادات  من التهم التى وجهت إليه قبل ثورة 23 يوليو 1952 بعد أن قضى بالسجن 31 شهرًا وهو الحكم الذى غير مسار حياته السياسية،  لذا فهو يعرف قيمة وأهمية العدل فى حياة الناس.

وذكر الفقيه الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى أن الأسباب الخفية التى جعلت عبد الناصر يؤمن بوحدة السلطات وجعلت السادات يؤمن بالفصل بينها يرجع إلى المكنون النفسى فى فكر عبد الناصر وفكر السادات، فبالنسبة لعصر عبد الناصر جاء بعد عصر طويل  للملكية وكان إنشاء النظام الجمهورى وليد الحدث عقب ثورة 23 يوليو 1952 وكان عبد الناصر فى قلب مجلس قيادة الثورة واُختير رئيسًا للجمهورية – الرئيس الثانى بعد محمد نجيب – وذلك فى 25 يونيو 1956.

وكان النظام الجمهورى حديث النشأة وعمل بعد إزاحة الملك على توفير الديمقراطية لكن لم يكن يتوفر للنظام الجديدة الحنكة السياسية بألاعيبها المتنوعة التى كانت تعرفها الأنظمة الديمقراطية الحديثة وإن كانت شخصية جمال عبد الناصر جُبلت بحكم فطرته وكفاحه ضد الإنجليز على قيم الحرية والكرامة العربية والكبرياء المصرى وسيطرت علي تلك الفترة الأولى من النظام الجمهورى فى عهد عبد الناصر بدءًا من عام 1956 النزعة ضد الاستعمار وتلك النزعة اقتضت بكل قوة الوحدة فى كل شئ حتى ولو فى تنظيم السلطات الأمر الذى جعل من الاتحاد الاشتراكى تنظيما شاملا لقوى الشعب تتفرع منه سلطات الدولة وإن كان عبد الناصر كان يجل السلطة القضائية حتى أفسد العلاقة بينه وبينهم وزير العدل حينذاك والقانونيين المحيطين به.

واختتم الفقيه القاضى أما فى عهد الرئيس أنور السادات الذى تولى السلطة بالإنابة بعد وفاة عبد الناصر اعتبارا من 28 سبتمبر 1970 وفعليًا اعتبارًا من 17 أكتوبر 1970 فقد مضى على ثورة 23 يوليو 1952 قرابة ثمانية عشر عامًا عاش فيها السادات واكتسب فلسفة جديدة تبتعد عن فكرة الاستعمار تقوم على البناء والتنمية بعد انتصار أكتوبر المجيد عام 1973 وبناء الفصل بين السلطات.

فضلًا عما كان يمتاز به الرئيس السادات من مهارة سياسية ودهاء فطرى نحو الصبر والحكمة السياسية اكتسبها من تعرضه للسجن وللظلم عام 1946 من تهمة اغتيال أمين عثمان باشا وزير المالية فى حكومة الوفد برئاسة مصطفى النحاس وجاء حكم المحكمة ببراءته بمثابة المكنون النفسى لإجلال السلطة القضائية.