رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حصاد 2021.. زيادة الطلب تدعم سوق النفط و«أوميكرون» يكبح صعود الأسعار

جريدة الدستور

اكتظ عام 2021 بالأحداث الاقتصادية الكبرى ، وإن كانت أقل وطأة من العام السابق عليه، فبين متحور "دلتا" من فيروس "كورونا" الذي انتشر في بداية العام، و"أوميكرون" الذي انتشر في نهايته، بدأ الاقتصاد العالمي يتعافى، مع جائحة "التضخم" التي ضربت العالم، وسط تعافٍ بطيء من تداعيات الفيروس .
وكان أداء النفط، بصفته أحد أهم أدوات الاستثمار والمضاربة في العالم، انعكاساً لحال الاقتصاد العالمي، إذ شهد صعوداً وهبوطاً يومياً وأسبوعياً وشهرياً معتاداً، لكنه في المجمل سجل ارتفاعاً تسعى الدول المنتجة إلى الحفاظ على زخمه وسط ضغوط الجائحة .
وارتفع خام "برنت" القياسي بنحو 40.68% خلال العام الجاري، إذ بدأ العام عند 51.80 دولار للبرميل واستقر قبل 13 يوماً من نهاية العام عند 73.52 دولار، وكذلك ارتفع سعر خام "نايمكس" الأمريكي بنسبة 43.62%، إذ بدأ تداولات العام عند 48.52 دولار للبرميل ليستقر عند 70.73 دولار للبرميل .
وعلى صعيد الطلب ، تصدرت الصين قائمة الدول الأكثر استيراداً للنفط، وهي ثاني أكبر مستهلك له على مستوى العالم، بواقع 10.5 مليون برميل يومياً مسجلة في سبتمبر الماضي، وبارتفاع شهري قدره 0.8 مليون برميل، بحسب البيانات الرسمية الصينية وبيانات منظمة "أوبك".
وقد زاد النشاط الصناعي الصيني خلال الشهور الأخيرة من 2021 بعد أن شهد تباطؤاً خلال الشهور الأولى تلاه ارتفاعاً بوتيرة بطيئة، وقد ارتفع حجم الناتج الصناعي الصيني ذو القيمة المُضافة بنسبة 3.8% على أساس سنوي في شهر نوفمبر الماضي، بحسب نتائج بيانات رسمية أصدرتها الهيئة الصينية للإحصاء .
لكن مقارنة بعام ذروة جائحة "كورونا" في الإغلاق والنشاط، ارتفع حجم الناتج الصناعي بنسبة 10.1%، خلال الأشهر الـ11 الأولى من العام الجاري، أما الولايات المتحدة صاحبة المركز الثاني بين الدول المستوردة للنفط، والأولى بين منتجيه ومستهلكيه، بحسب بيانات أوبك الشهرية، فقد زاد ما استوردته في سبتمبر إلى 6.4 مليون برميل يومياً.
وحل في المرتبة الثالثة والرابعة، الهند واليابان على التوالي بين أكبر مستوردي النفط في العالم، بمتوسط واردات يومية 4.1 مليون برميل يومياً للهند و2.7 مليون برميل يومياً لليابان.
وعلى صعيد العرض، أعربت منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك"، في بداية العام، عن تفاؤلها "الحذر" حيال إمكانية تعافي سوق النفط في 2021، من تبعات أزمة وباء "كورونا"، حين قال أمينها العام محمد باركيندو خلال منتدى الطاقة العالمي لمجلس الأطلسي: "نتفق جميعاً على أن التعافي هش ولا يزال هناك المزيد من عدم اليقين، لكننا نشعر بالتفاؤل الحذر بأن التعافي سيتحقق هذا العام".
ويشار إلى أنه، مع ظهور جائحة كورونا مطلع عام 2020، أقدمت الدول المصدرة للنفط على تخفيضات إضافية ضخمة من أجل مواجهة انخفاض الطلب على النفط بسبب إجراءات الإغلاق وتراجع حركة الطيران، ما أفقد أسعار النفط أكثر من 20% من قيمتها خلال العام الماضي.
وفي أعقاب ظهور الفيروس، أدى انخفاض الطلب على النفط إلى تراجع أسعار خام برنت من 66.03 دولار للبرميل نهاية 2019 إلى مستويات تدور حول 20 دولار للبرميل في مارس 2020، ووصلت حدة أزمة أسعار البترول في أبريل 2020 بعد نزول سعر خام النفط الأمريكي في العقود المستقبلية لأقل من صفر لأول مرة في تاريخه مع تخمة المعروض وعبء تكاليف التخزين.
وفي 12 أبريل 2020 بعد محادثات شاقة استمرت أربعة أيام، اتفقت مجموعة "أوبك+" على تخفيض الإنتاج النفطي بواقع 9.7 مليون برميل يوميا، أي حوالي 10% من الإنتاج العالمي، في شهري مايو ويونيو، و7.7 مليون برميل من أول يوليو وحتى نهاية العام 2020.
وفي السادس من يونيو 2020 قررت مجموعة "أوبك +" استمرار خفض الإنتاج 9.7 مليون برميل يوميا لمدة شهر إضافي في يوليو، من أجل التأكد من استعادة التوازن في السوق، قبل تخفيف خفض الإنتاج إلى 7.7 مليون برميل.
وفي 15 يوليو 2020 اتفقت مجموعة "أوبك +" على تقليص خفض الإنتاج بشكل رسمي إلى 7.7 مليون برميل من أول شهر أغسطس حتى نهاية 2020، وقد ساهمت تلك القرارات في تحسن أسعار النفط خاصة بعد تعافي الطلب على النفط بشكل تدريجي مع انخفاض حدة انتشار فيروس كورونا وإلغاء أغلب قرارات الإغلاق، إذ ارتفع خام برنت فوق مستوى 50 دولار للبرميل في أواخر العام الماضي لأول مرة منذ بداية أزمة كورونا.
وفي الثالث من ديسمبر 2020 قررت مجموعة "أوبك +"تقليص خفض الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يوميا في يناير، إلى 7.2 مليون برميل يوميا، وفي أول أبريل الماضي قرر التحالف زيادة إنتاج النفط بنحو 2.1 مليون برميل يومياً في الفترة بين شهري مايو ويوليو.
وعاودت "أوبك+" الاجتماع في يوليو لتقرر زيادة الإنتاج شهرياً بمقدار 400 ألف برميل يومياً بدءاً من أغسطس الماضي ، ليتم تقييم تطورات السوق وأداء الدول المشاركة خلال الشهر الجاري.
وبدءاً من الأيام العشرة الأخيرة من شهر أغسطس الماضي ارتفعت الأسعار إلى أن وصل سعر برميل خام برنت في 20 أكتوبر إلى 85.82 دولار، في حين وصل سعر الخام الأمريكي إلى 83.87 دولار، وهو ما دفع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى تكرار طلبها من منتجي النفط زيادة الإنتاج لخفض سعره عالمياً لكبح موجة التضخم في الولايات المتحدة.
وانتقد جاك سوليفان، مستشار البيت الأبيض، في أغسطس الماضي كبار منتجي النفط بسبب الزيادة غير الكافية للإنتاج، في ظل تعافي اقتصادات من جائحة "كورونا"، قائلاً: "ببساطة هذا غير كاف في لحظة حرجة للانتعاش العالمي"، وأن الإدارة الأمريكية تحث الدول الأعضاء في "أوبك+" على "أهمية المنافسة في السوق لتحديد الأسعار"، لترد "أوبك+" بالإبقاء على سياستها.
لكن الرياح جاءت بما لا تشتهي سفن المنتجين، إذ أعلنت جنوب إفريقيا في آخر شهر أكتوبر الماضي اكتشاف سلالة "أوميكرون" من فيروس "كورونا"، ليبدأ فصلاً جديداً من الضغوط على أسعار النفط، وأنهت العقود الآجلة لخام برنت آخر جلسات الأسبوع الماضي على انخفاض لتسجل 73.52 دولار للبرميل، فيما انخفض الخام الأمريكي إلى 70.86 دولار للبرميل.
أما توقعات نمو الطلب العالمي على النفط، فقد تباينت بين وكالة الطاقة الدولية ومنظمة "أوبك" وإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، إذ بلغت توقعات الأولى 99.5 مليون برميل يوميا، في ذهبت تقديرات الثانية إلى 100.46 مليون برميل يومياً، وبلغت توقعات "أوبك" 100.79 مليون برميل يومياً.
ويتوقع بنك "جولدمان ساكس" الأمريكي أن 100 دولار للبرميل بحلول عام 2023 تحت وطأة زيادة الطلب على وقود الطيران والنقل والبنية التحتية،
وبين التوقعات والتقارير الأسبوعية والشهرية لكبار المنتجين وكبار المستهلكين يبقى النفط رهين عدة متغيرات، أبرزها في الوقت الحالي ما وصفه وزراء صحة مجموعة السبع مطلع الأسبوع الجاري بأنه "الخطر الصحي الأكبر في العالم" وهو متحور "أوميكرون" من فيروس كورونا.