رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

انتبه .. قبل أن يورطك هاتفك فى هذه الجريمة!

لا يدرك كثيرون أن الهاتف الذي لا يفارق أيادينا، ربما يتحول إلى أداة تورطنا في جرائم مختلفة، سنناقش إحداها في هذا المقال، في ظل الجدل المثار حولها، وهي جريمة انتهاك خصوصية الغير بتصويرهم دون إذن، وخلط البعض بين التصوير في الأماكن الخاصة والعامة، وذلك حتى لا يجد أحدنا نفسه فجأة تحت طائلة المساءلة القانونية!

لقد حرص المشرع على تجريم التصوير في الأماكن الخاصة وتشدد حيال كل ما يمس حُرمة الحياة الخاصة، فحق لكل شخص الاعتراض على تصويره أو نشر صوره، واستخدامها بأي شكل من الأشكال دون رضاه بصرف النظر عما إذا كانت تلك الصور صحيحة أو غير ذلك.

وعملاً بموجبات نص المادة 309 مكرر من قانون العقوبات "يعاقب كل من اعتدى على حُرمة الحياة الخاصة بأن التقط أو نقل بجهاز من الأجهزة أيًا كان نوعه صورة شخص في مكان خاص بالحبس مدة لا تزيد عن سنة".

كما نصت المادة 25 من قانون تقنية المعلومات "على معاقبة كل من نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات صورًا تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه، بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد عن مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين".

وبالانتقال إلى التصوير في الأماكن العامة، باعتباره الأكثر تكرارًا وشيوعًا، ويقوم به معظمنا في الحدائق والشواطئ والفنادق والحفلات، لكن ماذا لو انتهكت صورة ما التقطناها خصوصية شخص تصادف وجوده في المكان ذاته؟

لقد تعددت الآراء الفقهية بشأنها، فمنهم من رأى أنه، لا جريمة في ذلك معتبرين أن وجود الشخص في مكان عام يجعله جزءًا منه، ومنهم من رأى أن تلك القاعدة ليست مطلقة بل مقيدة بشروط منها، ألا يكون التقاط الصورة، أو نشرها يمس الحياة الخاصة، وأن تلتقط ضمن المشهد العام للمكان، فإذا ثبت عكس ذلك وأصبح القصد هو الشخص يعد تعديًا على خصوصيته.

واستنادًا إلى ذلك يمكننا القول إن الحظر المطلق للتصوير في الأماكن الخاصة لا يعني أن التصوير خلسة في الأماكن العامة مباح، إذ إن غالبية الفقه القانوني المعاصر يميل الى أن التصوير الذي ينتهك حرمة الحياة الخاصة مرفوض حتى في الأماكن العامة، فلا يجوز إطلاقًا تتبع الشخص أو تصويره دون علمه مهما كانت الدوافع، لأن حرمة الحياة الخاصة مصونة بموجب الدستور والقانون، والتصوير بهذه الطريقه يعد انتهاكًا لهذه الحرمة.

يجب أن ندرك جميعًا أن الصورة انعكاس لشخصية الإنسان ليس في مظهرها المادي فقط، بل في جوهرها كذلك، كونها تحمل ملامحه وتعكس مشاعره وحالته النفسية وآثار الزمن عليه، ما يجعلها أحد العناصر الأساسية المرتبطة بحياته الخاصة، والاعتداء عليها بأي صورة من الصور والتقاطها دون إذن يمثل اعتداءً على حرمة تلك الحياة.

يتعمد البعض اختلاس صور لآخرين في الأماكن العامة، وتكون الضحايا عادة من النساء، دون رادع أخلاقي أو إنساني لذا نهيب بالمشرع تجريم التصوير في الأماكن العامة إذا كان الغرض منه تتبع الشخص، لما فيه من انتهاك للخصوصية ومساس بطمأنينة الإنسان التي لا يجوز لأحد التعدي عليها.

  • محامٍ بالنقض .. مستشار قانوني أول بدبي