رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ليبيا.. الانتخابات إلى أين؟

الأمور في ليبيا مازالت مبهمة حتى اللحظة.. لا أحد يعلم هل ستجري الانتخابات فى موعدها في ٢٤ ديسمبر الجاري أم لا؟ استبعاد ثم طعون ثم عودة للترشح مرة أخرى.. عاد سيف الإسلام نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي للانتخابات مرة أخرى بعد حكم قضائي من محكمة سبها التي حوصرت ومُنع القضاة من ممارسة عملهم لعدة أيام.. عودة سيف الإسلام ستربك المشهد الانتخابي دون شك.. فهو رقم صعب في المعادلة لا يمكن تجاهله بأي شكل.. فهو مازال يحظي بشعبية بين أوساط الليبيين خاصة القبائل منهم.. ولا ننسى أنه كان صاحب مشروع إصلاحي في حياة والده، وكان يعتبر المرشح الأقوى لخلافته.. نقطة مهمة أخرى وهي أن غالبية الليبيين لم يكونوا في حاجة لثورة علي القذافي، ولكن طالتهم سهام ما سمي بالربيع العربي في ٢٠١١ ضمن المخطط الذي تزعمته إدارة أوباما لتغيير الشرق الأوسط وتقسيمه بين تركيا السنية التي تتولى رعاية حكومات الإخوان في شمال إفريقيا، وإيران الشيعية التي ستتزعم الشرق العربي.. ولكن أفشل الجيش المصري هذا المخطط في ٢٠١٣، وبالتالي عودة نجل القذافي ربما تحظى بنسبة تأييد كبيرة من الليبيين الذين يرون فيه المخلص والمنقذ من حالة الفوضى والانقسام والانهيار التي يعيشها الليبيون منذ ١٠ سنوات. وبالتالي إذا خاض سيف الإسلام الانتخابات بشكل نهائى سيشكل تهديدًا كبيرًا للمرشحين الرئيسيين أمثال المشير حفتر والمستشار عقيلة صالح وفتحي باشاغا، وعبدالحميد الدبيبة إن خاض السباق الانتخابي.. ولكن المعضلة الرئيسية: هل تعقد الانتخابات من الأساس خاصة مع تواجد المرتزقة والميليشيات المسلحة وفوضى السلاح غرب ليبيا.. بالإضافة لتلميحات خالد المشرى الإخوانى رئيس ما يسمى المجلس الأعلى للدولة رجل أنقرة في تركيا وزعيم الميليشيات الإخوانية بأنه لن يتم القبول بنتائج الانتخابات؟ وهو بالتأكيد يقصد إن فاز أحد من الشرق الليبي من الثلاثي عقيلة وحفتر وسيف الإسلام.. ورفض الميليشيات المسلحة لبعض المرشحين، لا سيما سيف الإسلام القذافي والمشير خليفة حفتر من أهم التحديات التي قد تعرقل إجراء الانتخابات في موعدها.
وتعتبر هذه "تحذيرات صريحة تكشف مدى المأزق الذي يواجه مستقبل الاستقرار في ليبيا وليس فقط إجراء الانتخابات والصراع عليها".
هل الدول الكبرى لديها الإرادة الحقيقية لإنجاح هذه الانتخابات والعمل على استقرار ليبيا؟.. هناك شك في ذلك، ولكن إذا كانت ترغب في تمرير الاستحقاق الانتخابي فعليها أن تسلك طريقًا واحدًا وهو إجبار تركيا على سحب قواتها ومرتزقتها من الغرب الليبي، فهي الوحيدة غير الراغبة في إجراء الانتخابات، لأنها تريد ليبيا ضعيفة منقسمة حتى تبقى على مشروعها الاستعماري بدعم إخوان ليبيا للسيطرة على ثروات ليبيا من ناحية، والتحكم في دولة استراتيجية تتحكم في شرق المتوسط، وجنوب أوروبا، واستخدام ورقة الهجرة غير الشرعية وسيلة ابتزاز للغرب من ناحية أخري.. القوى الدولية والإقليمية خاصة دول الجوار الليبي مثل مصر والجزائر أمام اختبار حقيقي لإنجاح هذه الانتخابات والمجىء برئيس منتخب لليبيا.. لأن استقرار ليبيا هو استقرار للمنطقة بالكامل ومصر أكبر المستفيدين حتى تتفرغ للبناء والتنمية وقضية سد النهضة.