رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الموضوع أكبر من سوستة!

استيائي كمشاهد من استضافة "سوستة" صاحب كليب البطة، هو أمر يخصني دون غيري ولن أشغلكم كثيراً به، كذا إقدام المذيع أو مبادرته أو موافقته علي إجراء اللقاء من عدمه، أمر يخص المذيع والقناة التي يعمل بها وله ولها الحق في استضافة كل من راق لهم استضافته أو إجراء المقابلات معه، غضب البعض علي البرنامج أو رضاؤهم عنه، انتقادهم للمذيع أو ثناؤهم عليه أمر يخص الغاضبين أو الراضين ولا يسأل عنه غيرهم.
أردت أن أقول هذا من البداية لكي نكون واضحين!
الأغنية التي على أثرها جرت المقابلة ومن أجلها تم الحوار ستكون هي محور مقالي، الذي لم أكن أبداً لأكتبه لولا حرصي الشديد علي بلدي، التي أراد الله لها أن تكون وطناً للجميع، بمن فيهم كاتب هذا المقال، والمنتقدون والراضون والغاضبون والمطرب والمذيع!
لن أتحدث عن الأغنية من حيث اللحن أو الكلمات، فقد عاهدت نفسي قبل أيام علي الابتعاد الكامل عن الحديث في موضوع الأغنيات والمهرجانات والهدايا والحفلات والتحقيقات والنقابات، حرصاً علي سلامي النفسي واتزان قواي العقلية!
سأسمح لنفسي فقط بالحديث عما حوته الأغنية من بذاءات وما احتوت عليه من ضلالات!
أنا لا أعرف الصغير سوستة، لم أكن أبداً أعرفه، لا هو ولا بطته التي تخلت عنه وهجرته، أو تركته وباعته قبل أن يحل ضيفاً علي المذيع والبرنامج وتليفزيون منزلنا العامر، وكان لثلاثتهم الفضل في توجهي لموقع الفيديوهات الأشهر لكي أشاهد الأغنية وأعرف إيه حكايتها وليتني مافعلت!
ما رأيته ياسادة خلال الدقيقتين و28 ثانية يكفي تماما لتشويه ما أنجزته الدولة علي مدار ثمانى سنوات ونيف، في ذهن من لم يعش بيننا هنا واكتفي بالمشاهدة من بعيد، مناظر مسيئة، وكلاب ضالة وأشياء قميئة، كان هذا ما حواه الفيديو، فلماذا يفعلون هذا؟! 
إن كل من يعيشون اليوم علي أرض مصر، يدركون تمام الإدراك حجم ما تم تحقيقه من إنجاز يكاد يقترب من الإعجاز، وليس في الأمر أي مبالغة،  فهذا هو واقعنا اليوم، وما نحن متأكدون منه كوننا نراه ونلمسه، ولكن ماذا عن الآخرين ممن ليسوا مصريين، وقد يسوقهم حظهم يوما إلي مشاهدة أغنية "مصرية" بطلها شاب صغير يرتدي ثيابا رثة، وينتعل "شبشباً" قديماً، يسير مترنحاً تارة، وتارة يهيم علي وجهه فوق الأحجار المتسخة، وسط جدران متهدمة، وشوارع غير نظيفة تملؤها القمامة، وتصطف علي جنباتها السيارات المتهالكة، وأرصفة متردية سالت علي أحجارها الزيوت، واتسخت بطونها بالشحم، يهذي بكلمات غير مفهومة، وفي يده زجاجة يقربها من فمه، علي طريقة المخدرين أو التائهين أو السكاري، ينوح باحثاً عن حبيبته الضائعة، والتي يتضح لنا في نهاية كل هذا العبث، أنها لم تكن سوي بطة تائهة!
موضوع سخيف لايمكن أن يمت لأي نوع من أنواع الفنون بصلة، هذا ما شاهدته أنا، وما هو متاح الآن أمام سكان العالم علي اختلافهم ليشاهدوه، فهل يليق هذا ببلدنا وبنا؟!
هل هذه هي شوارعنا؟ وهل هذا هو حال النظافة فيها؟!
وهل سيكون ذلك محفزاً للسياح علي القدوم إلي هنا؟ 
كيف يطمئنون للمجىء إلي بلد تلك هي شوارعه، وهذا هو حال الشباب فيه؟! 
" يا إخواننا الموضوع زاد وفاض وخرج عن كل حدود"
الموضوع أكبر من سوستة وحبيبته البطة، الحكاية زادت ولابد لها من وقفة، واتخاذ إجراء حازم تجاه أولئك الصغار، لأن باختصار، لادي بلدنا، ولا دول شبابنا، ولا ده شكل شوارعنا، ولا دي أغانينا، ولاده فننا!
حاكموهم أو حاسبوهم أو أوقفوهم أو امنعوهم ليظل بلدنا جميلا في أعين العالم مثلما كان دائماً قبل أن يظهر هؤلاء .
حفظ الله مصرنا جميلة، نظيفة، راقية، متحضرة ولو كره الكارهون .