رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

واقعة مؤلمة .. وخطر يهدد أبناءنا!

واقعة مؤلمة، تثير الغضب والحزن ولا يجب أن تمر مرور الكرام على الإطلاق، 

واقعة يجب أن يتوقف كل أب وأم أمامها كثيراً، لأنها تعكس ظاهرة مدمرة لأبنائنا.

إنها واقعة التنمر على فتاة مصابة بمتلازمة داون عبر منصة فيس بوك من قبل  احد الأشخاص. 

نشرت الشابة الجميلة  صوراً لحفل زفافها على شاب مصاب بدوره بمتلازمة داون، معبرة مثل غيرها من الفتيات عن سعادتها بالمناسبة الأهم في حياة غالبية بناتنا، 

ومن بين عشرات التهانئ التي استقبلتها صدمت بصورة  وتعليق مسئ من هذا الشخص قاصداً السخرية منهما.

وقابلت الفتاة الإساءة بقدر كبير من التحضر محاولة هي وأقاربها أن توضح لهذا المتجاوز مدى الإساءة التي يحملها تعليقه، والألم النفسي الذي تعرضت له،

لكنه تمادى في غيه وتنمره ، وواصل السخرية والسباب، 

لجأت الفتاة إلى النيابة العامة التي أحسنت بتوفير منصة سريعة وسهلة للإبلاغ عن الجرائم الإلكترونية،  وتم اتخاذ الإجراءات القانونية مباشرة حيال المتنمر والقبض عليه،  وأقر بجرمه.

من الرائع أن ينصفك القانون، ولا أجمل من أن تجد من   ينصفك ويرد إليه حقك.

لكن هذه الواقعة تستحق وقفة كما أشرت، فمنصات السوشيال ميديا أصبحت ساحات مفتوحة للتنمر، في ظل اعتقاد البعض أنهم مطلقي اليد للإساءة إلى الصغير والكبير دون حساب أو مسائلة.

وبعيداً عن شخصية المتنمر، الذي يعتبره خبراء النفسي شخصاً مضطرباً يعاني من ضعف في الشخصية وخلل في السلوك وشعور متأصل بعدم الأمان، فإن هناك مسؤولية كبرى تقع على عاتق الآباء لحماية ابنائهم من هذا الخطر المدمر.

مصطلح التنمر صار أكثر رواجاً في الآونة الأخيرة، وبدأنا نسبياً نفهم مظاهره وأشكاله، سواء في المدرسة او الشارع أو النادي، لكن لا زلنا في حاجة إلى وعي بمخاطر التنمر الإلكتروني.

ويعتبره خبراء مكافحة الجرائم التقنية من أخطر التهديدات التي تحيق بالأطفال والمراهقين، وتكررت حالات محاولات الانتحار لأطفال تعرضوا للتنمر والسخرية بسبب صورهم أو أشكالهم، فضلاً عن الإصابة بالاكتئاب والإحباط وانعدام الثقة بالنفس.

من الضروري أن يدرك الآباء التبعات القانونية لهذا السلوك، حماية لأبنائنا، من التنمر سواء كانوا ضحايا أو متهمين، فقد أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي القانون 189 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات رقم 58 لسنة 37 لتشديد عقوبة التنمر.

ونصت المادة الجديدة على أنه يعد تنمراً، كل استعراض قوة أو سيطرة للجاني أو استغلال ضعف المجني عليه، أو لحالة يعتقد الجاني أنها تسيء للمجني عليه، كالجنس أو العرق أو الدين أو الأوصاف البدنية، أو الحالة الصحية أو العقلية أو المستوى الاجتماعي، بقصد تخويفه أو وضعه موضع السخرية أو الحط من شانه أو إقصائه عن محيطه الاجتماعي.

وبحسب التعديل، تم تشديد العقوبة، لتصل الي الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، أو بإحدى العقوبتين، وتصل في حالات مشددة إلى الحبس سنة وغرامة لا تزيد على 100 ألف جنيه.

وتشديد عقوبة هذا السلوك الإجرامي يعكس إدراك الدولة، لمخاطر التنمر وتبعاته، لكن يتبقى علينا كآباء أن نحصن أبنائنا ونحميهم، لأن الأثر النفسي لهذه الجريمة يمتد طويلاً، ويؤدي في أحيان كثيرة إلى خضوع الطفل أو المجني عليه للمتنمر، فضلاً عن تبعاته النفسية كما ذكرنا سابقاً، 

كما يجب إدراك أن التنمر الإلكتروني قد يقع من شخص في دولة أخرى على بعد آلاف الأميال، ما يزيد من صعوبة مسائلته أو مقاضاته، لذا يجب أن نكون الدرع الذي يحمي أبناءنا ويحتضنهم قبل أن يقع ما لا يحمد عقباه..

  • محام بالنقض