رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

باحثة: حادث ليفربول يُنذر بحجم الخطر الإرهابى على أوروبا

الباحثة مني قشطة
الباحثة مني قشطة

بعد مرور نحو شهر على مقتل النائب البريطاني عن حزب المحافظين “ديفيد أميس” إثر تعرضه لعملية طعن داخل الكنيسة الميثودية في لاي أون سي بمقاطعة إسكس شرق إنجلترا على يد شاب بريطاني من أصول صومالية، شهدت مدينة ليفربول بشمال إنجلترا في 14 من نوفمبر الجاري هجومًا انتحاريًا وصفته الشرطة البريطانية بأنه “حادث إرهابي” أدّى إلى مقتل شخص وإصابة آخر. 

في هذا السياق، أجرت منى قشطة الباحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية دراسة حول الواقعة، وأسبابها بجانب استعراضها تفاصيل ودلالات الهجوم، وتبعاته.

تؤكد الباحثة أنه أُبلغت شرطة ميرسيسا قبيل الساعة 11 صباحًا بالتوقيت المحلي يوم 14 نوفمبر (2021)، بوقوع انفجار لسيارة أمام مستشفى للنساء وعلى بعد أمتار من كاتدرائية ليفربول الواقعة في شمال غرب إنجلترا، في الوقت الذي تجمع فيه مئات الجنود وقدامى المحاربين لإحياء ذكرى ضحايا المحاربين في الحرب العالمية الأولى. 

 

 

وتابعت: أنه عن تفاصيل تنفيذ الهجوم، ذكر “راس جاكسون”، مدير شرطة مكافحة الإرهاب في المنطقة، أن الهجوم وقع باستخدام قنبلة يدوية الصنع، استقل صاحبها سيارة أجرة في شارع روتلاند، قرب حديقة سيفتون العامة، وطلب من سائق السيارة الذهاب إلى مستشفى النساء التي كانت على بعد 10 دقائق. 

وأكدت «قشطة»، أنه فى ضوء الهجومين الأخيرين، أعلنت الحكومة البريطانية رفع مستوى التأهب الأمني للتهديدات الإرهابية من “كبير” إلى “شديد”، وهو ثاني أعلى مستوى، وفقًا للتصنيف البريطاني، ولفتت أن ذلك يعني أن بريطانيا ستشهد الفترة المقبلة حالة انتشار أوسع لأجهزة مكافحة الإرهاب، وتكثيف العمل الاستخباراتي حول المشتبه بهم؛ تحسبًا لأية تهديدات إرهابية مُحتملة، لا سيما أن منفذي الهجمات الأخيرة قد يكونون على صلة بخلايا أخرى نائمة داخل بريطانيا، قد تجد في تلك الهجمات حافزًا للقيام بعمليات إرهابية مماثلة.

سياق ودلالات الهجوم

أشارت الباحثة بالمركز المصري، إلى أن الهجوم يأتي في وقت تشهد فيه القارة الأوروبية تصاعدًا ملحوظًا فيما يعرف بـ«عمليات الذئاب المنفردة»، والتي تحمل بصمات تنظيم داعش الإرهابي؛ إذ عمد الأخير في فترات “عدم التمكين” إلى التعويل على تلك الهجمات ذات الطابع الفردي، لتوسيع نفوذه في ساحات جديدة بعد خسارته في معاقله التقليدية بسوريا والعراق.

وأكدت أنه يمكن إيعاز تنامي مخاطر التهديدات الإرهابية مؤخرًا في الجغرافيا الأوروبية إلى جمله من العوامل، أولها، عودة المقاتلين الأوروبيين في صفوف تنظيم داعش من المخيمات التي تأوي عائلات الدواعش في سوريا والعراق، مثل مخيمي الهول وروج إلى بلدانهم. وتمثل عودة هؤلاء “قنبلة موقوتة” تهدد الدول الأوروبية بالانفجار في أي وقت حال عودتهم إلى ممارسة نشاطهم الإرهابي مرة أخرى. 

وشددت أنه بالإضافة إلى ذلك وجود خلايا نائمة بالفعل داخل المجتمعات الأوروبية تشبعوا بالأفكار المتطرفة عبر الإنترنت، إذ تتصاعد المخاوف من قيام تلك الخلايا باستغلال حالة الانفتاح والتجمعات حاليًا بعد عامين من الإغلاق بسبب جائحة كورونا، في مواصلة عملياتها الإرهابية، علاوة علي الأزمة الأفغانية المتفاقمة منذ سقوط العاصمة الأفغانية كابول في قبضة حركة طالبان، وما قد يتمخض عنها من موجة جديدة من المهاجرين القادمين من أفغانستان نحو الدول الأوروبي، ما يطرح احتمالية اندساس بين هؤلاء المهاجرين عناصر إرهابية من تنظيمي القاعدة وداعش، لاسيما أن الأخير صعد نجمه مؤخرًا وبدأ يتوسع شمالًا وجنوبًا في الجغرافيا الأفغانية.

ونوهت في دراستها إلي التهديدات الناشئة عن جماعات اليمين المتطرف، لا سيما مع تنامي خطابات تلك الجماعات التي تحض على الكراهية والعنف عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتؤكد أن فى هذا السياق يمكن القول إن خلفية منفذي الهجومين الأخيرين في بريطانيا “كونهم من أصل عربي” ربما تؤدى إلى تعزيز ظاهرة الإسلاموفوبيا وتنامي خطاب الكراهية الذي يتبناه اليمين المتطرف ضد الأجانب، وبالأخص المسلمين منهم، وذلك ما كشفت عنه مؤخرًا “كيم جونسون” إحدى نائبات مدينة ليفربول أمام مجلس العموم البريطاني، إذ ذكرت أن المسلمين يعانون بالفعل من الكراهية العنصرية بعد الحادث الإرهابي الأخير الذي وقع في مستشفى ليفربول للنساء.

وفي ضوء ما سبق، ترى الباحثة إن سلسلة الهجمات المنفردة التي شهدتها بعض الدول الأوروبية خلال الأشهر القليلة الماضية تُنذر بحجم الخطر الإرهابي الذي قد تشهده القارة العجوز التي ما كادت أن تتنفس الصعداء من تداعيات جائحة فيروس كورونا حتى وجدت نفسها في مواجهة تنامي الخطر الإرهابي من جديد.