رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«البهيحى».. رواية مصطفى البلكى عن العشق والحرية

رواية البهيجى
رواية البهيجى

فى روايته “البهيحى” كان الكاتب مصطفى البلكى مبدعا فى قدرته على فهم النوازع النفسية لأبطاله ، لأنه غزل على منوال الضعف البشرى ، بين أن الإنسان قد يكون ظالما ومظلوما فى الوقت نفسه، لذا لم تكن السمة العامه لابطال حكايته مرتكزة على فكرة الأبيض او الأسود ، مثلما فعلها “تولستوى” فى روايته الاشهر “أنا كارنينا” ، وقد يرى البعض أن رواية البهيحى تاريخية عن حقبة زمنية من تاريخ مصر، وهذا لا يمكن إنكاره غير أن هناك بعد أعمق من سيرة شخوص فى بلدة بهيج بأسيوط قدر لهم كما قدر لغيرهم أن ينشئ محمد على باشا جيشا فيأخذ أولادهم قسرا إلى التجنيد الإجباري،فتتشابك الأحداث بين القرية  والقصر .. 
 

القصة .
تحكى الرواية عن محمد البهيجى الذى أرغم على التجنيد فانقذه حماه مجاهد العرضحالجى  من جبروت الكتخدا فى أسيوط  ليعمل مترجما بالقصر . لتتشعب الحكايات حيث حكاية فرح ابن مجاهد الذى أحب “صفيه” فرفض أهله الزواج منها فرحل إلى بلاد الله ليعمل أجيرا ، فتزوجت من رزق فخانته فى سرها، ثم انكشف سرها حين نطقت أسم فرح وهى فى موضع اللذة فصعق “رزق” وطلق الدنيا ثلاثا. 

حكاية مجاهد العرضحالجى الذى قطع الكتخدا أصابعه حتى لا يكتب للباشا خطابات يتوسله بأن يترك بعض أبناء الفلاحين ، وينتقل الكاتب إلى القاهرة حيث محمد واقامته فى الخان فيقع فى غواية شهرة ، ثم دخوله القصر رغم قتله لواد خيبة الذى قتل والده ولاءا للباشا ، وفى القصر يكتب محمد البهيجى رسائل أمينه هانم حرم الباشا بل ويقترب من الباشا ذاته . 
وهنا نعود إلى أصل الفكرة وهى الغوص فى النفس البشرية، فإذا أمعنت النظر سنجد كل أبطال الرواية ظالمين وكلهم ضحايا . 
 

فلو بدأنا من رأس الهرم محمد على باشا الذى ظلم عمر مكرم ونفاه وقتل المماليك وحمل المصريين مالا طاقة لهم به كان ضحية نبوءة أمه التى قالت له إنها رأت نورا يخرج منها فيضيء الشرق وكان ضحية شهوته للسلطة بموت ولديه ، كما كان السيد عمر مكرم ظالما لنفسه ولغيره حين اختار أجنبيا يحكم البلاد ولم يفكر فى  شخص من أبناء جلدته ،وكان ضحية حين تعرض للنقل خارج البلاد على يد من أجلسه على العرش ، كذلك كان مجاهد العرضحالجى ظالما لأنه رفض أن يتزوج ابنه فرح من صفية وكان مظلوما حين هجره ابنه وحين قطع الكتخدا أصابعه ، كذلك محمد بطل الرواية كان ظالما لفاطمه حين خانها مع شهرة الداعرة، وكان مظلوما بتجنيده الإجبارى الذى كان فى خدمة الباشا، أما شهرة كانت ظالمه لانها ساقطه ومظلومه لأن الكتخدا أخذها عنوة من بيت أحد المماليك ليجعل منها داعرة، كما كان فرح ظالما لأنه ترك أهله وكان مظلوما لأنه لم يتزوج من احب، وكانت صفية ظالمه لانها كانت تحب فرح وسمت ابنها باسمه  وقضت على رزق وكانت ضحيه لانها لم تتزوج من أحبت . 
 

المورال 
استطاع مصطفى البلكى أن يرصد تاريخ مصر فى عهد محمد على باشا من خلال قصة يمكننا أن نقول إنها تنتمى إلى السيكولوجيا أكثر من التأريخ، وهذا يحسب للرواية ولا يحسب عليها .