رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف أدار البابا تواضروس ملف المهجر رغم قيود كورونا على السفر؟

البابا تواضروس الثاني
البابا تواضروس الثاني

لبابا الكنيسة القبطية.. مكانة خاصة، وبناء عليها يتولى مسؤولية الرعاية الروحية والكنسية لكافة الأقباط التابعين للكنيسة الأرثوذكسية، وذلك ليس في مصر فقط، بل وأيضًا في كل بقعة من بقاع العالم، فكل مسيحي قبطي أرثوذكسي في كل مكان بالعالم أبوه الروحي والكنسي هو البابا تواضروس الثاني، بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.

وكان البابا تواضروس الذي تحتفل الكنيسة بعيد جلوسه التاسع في 18 من الشهر الجاري، على درجة عالية من الوعي بهذا الأمر، فحرص كل الحرص منذ أن تولى السُدة البطريركية، في 2012، أن يؤكد لأقباط المهجر أنهم غير منفصلين عن الكنيسة الأم في مصر، وأن البابا هو أبوهم كذلك، فسافر إليهم وافتقدهم وعزاهم وفرحهم في دول مُتعددة مثل النمسا والولايات المُتحدة الامريكية، وفرنسا، والمجر والنرويج، واليونان، والفاتيكان، والأراضي المُقدسة، ودولة الإمارات العربية، وأرمينيا، وهولندا، وروسيا، واثيوبيا وغيرها من البلدان.

إلا أن تداعيات فيروس كورونا المُستجد والموصوف حاليًا بالمتحور، منعت البابا تواضروس عن السفر إلى الخارج، ورغم ذلك إلا أنه لم يمتنع عن متابعة أحوال أبناءه بالخارج، فتابع البابا المهجر من خلال عدة أمور.

التقارير واللقاءات الدورية

مصدر كنسي مُطلع قال لـ"الدستور" إن البابا دائم التواصل مع اساقفة المهجر، ودائم المتابعة للتقارير التي يتسلمها المقر الباباوي عن أحوال الرعية في كل مكان في العالم، ولم يقتصر الأمر على ذلك فبدأ البابا في استقبال اساقفة المهجر وكهنة الكنيسة هناك للاطلاع على كل تفصيلة تخص شعبه.

وكان قد أعلن القمص موسى إبراهيم المتحدث الرسمي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية عن عدة لقاءات جمعت بين البابا وقيادات الكنيسة بالمهجر في مقره الباباوي بكاتدرائية الاقباط الارثوذكس الكبرى بالعباسية، او بمركز اللوجوس بدير الانبا بيشوي العامر للرهبان الاقباط الأرثوذكس بوادي النطرون.

ولعل ابرز من التقاهم البابا في الفترة الأخيرة الأنبا برنابا أسقف إيبارشية روما وتورينو بإيطاليا، لراهب القمص بيجول الأنبا بيشوي الذي يخدم بالكويت، والأنبا أنجيلوس اسقف لندن.

لقاءات دبلوماسية مثمرة

كما التقى البابا أيضًا بعدد من المسؤولين الدبلوماسيين في الخارج في لقاءات من شانها ان تزيد الود مع أقباط المهجر في الخارج مثل سفير مصر في مالطا، سفير بوليفيا في مصر،  منسق الأمم المتحدة في مصر،  سفير ألمانيا الاتحادية في مصر، بالاضافة الى وفد إعلامي سوداني، وسفير سريلانكا، والسفير البريطاني.

لقاءات عبر الانترنت

ولم يكتف البابا بمتابعة الاساقفة والمطارنة فحسب بل التقى كذلك بالكهنة عبر وسائل التواصل الحديث، فأعلنت الكنيسة مؤخرًا أنه عقد البابا تواضروس الثاني اجتماعًا مع كهنة كنائس شيكاجو وكل توابعها في وسط غرب الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك عبر شبكة الإنترنت من خلال تطبيق “Zoom” وألقى عليهم كلمة روحية مناسبة، ثم أجاب على أسئلتهم واستمع إلى بعض الألحان الكنسية، وطلب المجتمعون تكرار مثل هذه اللقاءات.

وفي لقاء اخر، عقد البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، اجتماعًا رعويًا عبر خاصية الـ"video conference" من خلال تطبيق “zoom”، ضم كهنة بلاد الخليج، وشارك في اللقاء الأنبا يوليوس الأسقف العام لقطاع كنائس مصر القديمة وأسقفية الخدمات والمشرف على خدمة بلاد الخليج.

واستهل البابا الاجتماع بكلمة روحية بعنوان "الاتضاع" ثم اطمأن على الأحوال الصحية والرعوية لكهنة وشعب الكنائس في الإمارات العربية المتحدة والبحرين وقطر وسلطنة عمان ومدى مراعاة الالتزامات الصحية بهذه الكنائس لمواجهة فيروس كورونا المستجد.

 

توسعات في المهجر

كما شجع البابا فكرة التوسع في بلاد المهجر ورعاها جيدًا، حيث أعلنت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، في باريس عن توقيع الأنبا مارك، أسقف الإيبارشية، للعقد الابتدائي لشراء كنيسة كاثوليكية، لخدمة الجالية القبطية هُناك.

الكنيسة المُشتراه حديثًا، مثلَّ الكنيسة الكاثوليكية في عقد الشراء، رئيس أساقفة الكنيسة الكاثوليكية في رانس، وهي المنطقة التي تقع بها الكنيسة بشمال فرنسا.

تحمل الكنيسة بعد انضمامها لطائفة الأقباط الأرثوذكس، كُنية "القديسين بولس وبطرس"، وتمم الأنبا مارك فعليًا صلوات القداس الإلهي بالكنيسة بحسب الطقس القبطي الأرثوذكسي، في خطوة توسعية جديدة للكنيسة ببلاد المهجر، بعد شراء كنيستين أخرتين بالولايات المُتحدة الأمريكية.

وكان شارك الأنبا ديفيد أسقف نيويورك في حفل كبير، شارك خلاله بحفر موضع حجر أساس كاتدرائية جديدة للأقباط الأرثوذكس في موقع منطقة “SMPK6” الجديدة لإيبارشية نيويورك ونيو إنجلاند، كما كان أيضًا قد وقع الأنبا بيتر أسقف نورث كارولينا وساوث كارولينا وتوابعها للأقباط الأرثوذكس بالولايات المتحدة الأمريكية عقد شراء كنيسة جديدة، وتحمل الكنيسة الجديدة اسم الشهيدين مارجرجس وأبي سيفين ريتش موند فيرجينيا.

أزمات المهجر

هذا ولم يكفي البابا بمتابعة أحوال المهجر فقط، بل تدخل تدخلا حاسما بها فعلى سبيل المثال عالج ازمة ملبورن بتعيين الأنبا رافائيل مشرفا على الكنيسة هناك بعد انتقال الأنبا سوريال لمساعدة الأنبا سيرابيون في تدبير شؤون الكنيسة في لوس انجلوس، كما عالج أزمة إيبارشية سيدني بإصدار قرارًا باباويًا حمل رقم 13 لعام 2021، بتعيين الأنبا أنجيلوس مطران لندن، نائبًا بابويًا على إيبارشية سيدني وتوابعها بأستراليا الذي أعلن فيما بعد عن اختيار لجنة أوصياء جديدة وذلك طبقًا للقرار البابوى رقم 17 لعام 2021، الخاص بتعديل مادة الدستور من الواصي الوحيد الى لجنة أوصياء. 

وتضم اللجنة كل من الأنبا أنجيلوس النائب البابوى للإيبارشية، الأنبا دانييل أسقف سيدني، القمص ماثيو عطية وكيل الإيبارشية، القس جابرييل يسى، السادة هاني أسعد، جون تواضروس، رائف موسى، مارك جرجس، مارك كيرلس، السيدات ديبى أرمانيوس، هايدى كوزمان.

 وقد اعتذر الأنبا دانييل عن عضويته بالمجلس، وفقاً لخطابه بتاريخ 21 أكتوبر، نظراً لبدء التحقيق فى أنشطة قانون ائتمان ممتلكات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

 

السؤال الذي يطرحه البعض

إن كان أساقفة ورجال الكنيسة في المهجر حضروا للقاهرة.. لما لم يسافر البابا إليهم؟

وقال الباحث عزت منصور، في تصريحات خاصة، إن الإجابة عن هذا التساؤل تكمن في معرفة قدر بابا الكنيسة، فزيارة أسقف أو مسؤول كنيسة بالمهجر للقاهرة، ستؤدي إلى اجتماع مع البابا يسهل خلاله اتخاذ كافة الاجراءات الاحترازية، إلا أن سفر البابا للخارج سيؤدي إلى اجتماع البابا مع ما لايقل عن 1000 شخصًا إن لم يكن أكثر في كل دولة يسافر اليها، وهو ما يصعب خلاله اتخاذ الاجراءات الاحترازية وهو أمر قد يعرض الجميع للخطر.

وأضاف أنه بمجرد أن تهدأ الامور من المتوقع ان يعاود البابا زياراته ورحلاته الرعوية مجددًا للمهجر.