رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فتش عن الأفلام!

عقب انتهاء أحد أيام دراستنا بمدرسة خليل أغا العريقة بحي باب الشعرية، توقف زميلي خالد أمام سينما فريد شوقي، وأطال النظر في لافتتها ثم تنهد قائلاً  ... ياااااه فريد شوقي؟ رحم الله أيام عنترة!
التفت إليه لأسأله، خير ياابني مالك فيه إيه؟ وإيه حكاية عنترة معاك؟ 
قال خالد، وكان شاباً عراقياً أتي إلي مصر هو وعائلته ضمن من خرجوا فراراً من بغداد، بعد العدوان الأمريكي الغاشم عليها في عام 1991.
قال أتدري يا صاحبي ...
عندما كنا هناك" يقصد في العراق" كان تليفزيون بلدنا طيلة سنوات حربنا مع إيران، يذيع فيلم عنتره بطولة هذا الفنان الرائع، الذي أحببناه وتعلقنا جميعاً به، ولكم استمعت إلي والدي يقول، لماذا لا نستعين به في حربنا مع الفرس؟!
لقد زارالرئيس حسني بلدنا مرات عديدة، فلماذا لم يطلب منه رئيسنا صدام أن يرسل إلينا ذلك العملاق المصري القوي ليعاون جيشنا في القضاء علي جحافل المجوس؟
والله لو أتي العملاق فريد إلي هنا لقضي عليهم جميعاً بمفرده، بسيف واحد وخلال معركة واحدة!
نظرت لخالد متعجباً فضحك وقال لا تتعجب يا صديقي، فقد كان والدي مزارعاً بسيطاً، وكنا حينها صغاراً نلعب ألعاب الصغار، نصدق مايروي لنا علي ألسنة الكبار، وننصت إليه بإكبار!
قلت، أنا لست متعجباً من كلامك ياخالد، بل كل ما آمله ياصديقي، ألا تتعجب أنت مما سأقوله لك الآن ...
إن كل ما ذكرته لي  سبق وأن حدث معي من قبل، ليس معي بمفردي، ولكن مع كل أقراني ممن هم في نفس عمري!
لقد كنا يا خالد نتردد دائماً خلال سنوات الثمانينات، علي نادي الفيديو الوحيد الموجود في بلدتي، كنا نجلس مشدوهين صامتين " وكأن علي رؤوسنا الطير" نشاهد ما يعرض أمامنا من أفلام الأكشن الأجنبية، أوالقصص الطويلة الهندية!
تمضي الدقائق سريعاً، وينتهي الفيلم بمعاركه التمثيلية، وتبدأ المعارك الصبيانية والشجارات الطفولية
" وفق الفئة العمرية" !
أذكر أننا شاهدنا في أوائل التسعينات فيلم شمس الزناتي، خرجنا إلي منازلنا مباشرة بعد انتهاء الفيلم، ثم رجعنا من جديد إلي الساحة الفسيحة التي يقع نادي الفيديو في نهايتها، عدنا وقد أمسك أحدنا "بنبلة" وكأنه سلامة الطفشان، وأمسك آخر بزجاجة علي طريقة الشقي "سبرتو"، ولبس ثالث قبعة حمراء وكأنه شمس الزناتي!
هكذا تؤثر الأفلام والمسلسلات والأغاني والمهرجانات بكل ما لها من تأثير وما حوته من مؤثرات .
لقد بات لزاماً علينا الآن الالتفات إلي الدورالذي تلعبه كل تلك الأدوات في تغيرالتقاليد والعادات، وتشكيل الوعي وتغييرالقيم وترسيخ الفكر وتجذره، ومدي تأثر الشباب بها وتأثيرها فيهم، من خلال التقليد الأعمي والمحاكاة غير الواعية .
لماذا زاد معدل الجريمة؟
لماذا انتشر العنف و زادت البلطجة؟
أنا أصدق بيان وزارة الداخلية بشأن جريمة الإسماعيلية، 
كما أثق تمام الثقة في حزم وعزم وكفاءة كل قياداتنا الأمنية .
ولكني أقول أيضاً، علينا الإلتفات إلي كل ما يقدم لشبابنا وبناتنا وأطفالنا .
حفظ الله مصرنا وأعز قائدنا ونصرنا .