رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التعامل مع ضغوط الحياة

ثمة نوعان من المشاكل التى نصادفها فى الحياة، أولها المشاكل متكررة الحدوث، التى عادة ما نملك خبرة تراكمية فى التعامل معها، وتدربنا بما يكفى على كيفية تجاوزها، مثل العثرات المالية البسيطة، أو المشكلات المتعلقة بالصدام فى بيئة العمل مع الزملاء أو مع العملاء، وكذلك المشكلات الأسرية، وكل هذه المشاكل تمنح أصحابها خبرة لا بأس بها، وأحيانًا يمكن استعارة خبرات المحيطين ونسخ الحلول المتبعة لدى معالجة المشكلات المماثلة.

أما النوع الثانى من المشكلات فهو الأحداث الجسيمة، وغالبًا ما تحدث لأول مرة وقد لا تتوافر لدينا سابقة الخبرة فى التعامل معها، مثل حالات الطلاق الزوجى، أو فقد عائل الأسرة أو الإخفاق الدراسى، أو خسارة مشروع أو وظيفة، وهنا قد لا تصلح خبرات الآخرين لحل هذا النوع من المشكلات؛ لأن الحلول المقتبسة غالبًا ما تبنى على حلول أو مدخلات لا تتوافر لدينا، مثل عدم وجود جدة على قيد الحياة لمساعدة الأم المطلقة فى حضانة الأطفال، أو وجود شقيق لرب الأسرة المتوفى لاستكمال رعاية الأيتام الصغار بعد وفاة العائل.

تشخيص الأزمات هو مدخل الحلول

التشخيص يعنى الإلمام بكل جوانب المشكلة واستيفاء وفهم وإدراك كل العناصر اللازمة لإتيان الحلول، وهنا نتحدث عن أى مشكلة، سواء كانت مشكلة شخصية أو أسرية أو مهنية أو صحية:

• تحديد أعراض المشكلة حتى لا يحدث الخلط بين الأعراض وأصل المشكلة.

• تحديد أطراف المشكلة للفصل بين المتسبب فى المشكلة ومتلقيها.

• اكتشاف أسباب المشكلة.

• تحديد الأطراف المتضررة من المشكلة، فقد تتعدى الأضرار حدود صاحب المشكلة وتنسحب على ذويه، مثل المتاعب المالية التى تؤثر على مقدرات الأسرة بالكامل.

• حساب مستقبل المشكلة ونطاقها الزمنى المتوقع؛ ليخدم صاحب المشكلة فى تحديد أولويات الحلول، فالحلول الفورية غالبًا مكلفة، كما أن الحلول بعيدة الأجل قد تكون خاسرة، مثل انتظار ميراث عائلى مجهول الأمد لتجهيز فتاة للزواج.

• طرح عدة حلول وصياغة أكثر من سيناريو لعلاج المشكلة.

• ترشيح أقرب الحلول الممكنة بعد دراسة تبعاته بالسيناريو الافتراضى وتطبيقه مع إتاحة مخرج للعدول عن هذا الحل إن تبادر لمتخذ القرار عدم صلاحيته.

ضغوط الحياة هى جملة المؤثرات الواقعة على الفرد، وتتسبب فى ارتباك التوازن النفسى والبدنى، وتؤثر سلبًا فى ردود أفعاله، وفى المجمل تنشأ الضغوط عند العجز عن إتيان الحلول، وهو أمر شائع لدى تدنى خبرات الفرد أو ضعف قدراته، ويأتى فى مقدمتها تعاظم الفجوة بين الطموح والإمكانيات، وهى المسافة بين الممكن والمأمول، فكلما اتسعت الهوة بين أحلام الشخص وقدراته زاد الإحباط، ولا يمكن إغفال بعض أنواع الاعتلال البدنى، وهو أمر مشهود فى اضطرابات الغدة الدرقية واضطرابات الجهاز الهرمونى قبيل انقطاع الطمث فى المرأة، وكذلك السلامة النفسية.

تشكل الدوافع والميول والتوجهات مؤثرًا فعالًا فى إحداث الضغوط، ومعروف أن الميل هو الاستحسان العاطفى، أما التوجه فهو الإقبال الذهنى والبدنى على قضايا أو أفكار بعينها، وهذان العنصران يتحكمان فى قناعة الشخص بما يصادفه من مفاهيم بدءًا من العقيدة مرورًا بالطموح الدنيوى وانتهاءً بأمانى وأحلام ما بعد الموت.

• السمات الشخصية والسلام النفسى، على الرغم من أن هذا المسمى فقد سمعته وضاعت حكمته من جراء استخدامه فى سياقات عديدة لا علاقة لها بالسلام ولا بالنفس، فإنه لا يزال وصفًا محكمًا للتوازن النفسى. 

السلام النفسى ليس مرادفًا للانحناء لمقدرات الطبيعة ولا الرضا بالمكتوب ولا التسليم بالماورائيات، ولا هو ضرب من الاستكانة ولا هو سمات الصابرين والزاهدين، بل هو اكتمال دلالات القوة والثقة بالذات وتنصيب العقل حاكمًا على قدرات البدن بلا تغول ولا تواضع.

يمكن فهم السلام النفسى على أنه نضج القياس الذاتى بين النفس والذات. 

أطوار الضغوط وظهورها:

هناك ثلاثة أطوار تعلن فيها الضغوط عن مولدها، وهى طور الإنذار وطور المقاومة وطور الانفجار، ولا توجد فترة زمنية محددة يستغرقها كل طور للإعلان عن نفسه أو الانتقال للطور التالى.

عندما تتحول الضغوط إلى النمط المزمن يبدأ الجسم فى الإعلان عن وجودها على شكل أعراض أو علامات تستهدف القلب والقولون والمعدة فى الرجال، بينما تستهدف الجهاز الهرمونى فى السيدات، إلا أن الجهازين العصبى والمناعى يعانيان بشكل متساوٍ فى الجنسين.

هناك سياستان للتعامل مع الضغوط، أولهما التحكم بأسباب الضغوط قبل إحداث الأثر، وثانيهما هى التحكم بالاستجابة التى يبديها الفرد كما يوضح الشكل التالى:

١- سياسة التحكم بالموقف، وتهدف إلى إعاقة نمو الضغوط، وللوصول إلى هذا الهدف هناك وسيلتان أولهما التجنب بالابتعاد عن المسببات، وثانيهما تفتيت السبب بتبنى بعض الحلول الجزئية للحد من حجم الأثر، مثل جدولة الديون على نطاق زمنى أطول.

٢- سياسة التحكم بالاستجابة، وتصلح للتطبيق مع الأسباب قصيرة الأجل، حيث يتحكم الشخص فى انفعالاته بهدف كسب الوقت لحين انتهاء الأزمة، وهنا يصلح التكيف، أما ثانى الحلول فهو التسليم بالأمر.

يجب ملاحظة أن السعادة حالة من البهجة تلازم الإنسان فترات طويلة إلى أن تصبح نمط حياة، والسعادة هى مرادف لحالة الراحة ورضا الشخص عن ذاته ونقيضها هو التعاسة، ولذلك ليس هناك ما يمنع من استقبال لحظات أو أوقات حزن أثناء مسار السعادة.

أما الفرح فهو حالة من الغبطة أو السرور تنتاب الفرد فترات وجيزة تزول بزوال المؤثر، مثل تلقى هدية أو أنباء سارة.