رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«على كتف صاحبي بتكي».. ما بين مرفت أمين ودلال عبد العزيز

مرفت أمين ودلال عبد
مرفت أمين ودلال عبد العزيز

توطدت العلاقة بين دلال عبد العزيز ومرفت أمين، بـ "سفر" خارج مصر وكثّف حضورها "سفر" للعالم الآخر "الموت".  "اللي اتخطفوا فضلوا أحباب، صاحين في القلب، كإن محدش غاب" يقول "الأبنودي" في قصيدة "العمة يامنة".

30 إبريل من هذا العام، كان فائضًا عن حده، 24 ساعة وهامشًا قاسيًا على مرفت أمين، غابت التفاتة "مرفت" لجانبها، سكنت يدها عن الحركة، لم تعد في حاجة لتمدها لتعطي "دلال" مناديل تكفف بها دموعها بكاًء على عزيز، لم تعد في حاجة لتحركها على كتف "دلال" لتطيب خاطرها أو أن تهدأ روعتها جراء استدعاء لحظة وفاة والدتها أو والدها. 

هامش القسوة لـ 30 إبريل، ممتدًا، جاثمًا بقتامته على مرفت أمين، كتبت ابنتها منة حسين فهمي في 11 أغسطس، تصف حالة والدتها "عندما نظرت لأمي لقتها محطمة وتشعر بالفراغ الكبير في حياتها، مفيش كلمات تكفي لوصف دلال عبدالعزيز فهي كانت صديقتها وأمها، كانت رمزا للاستقرار والأمان بالنسبة لها". ويظل الهامش فضفاضًا، عبّرت مرفت أمين عن شعورها بفقدان "دلال" في مداخلة هاتفية لبرنامج "التاسعة" على شاشة القناة "الأولى"، قالت "الله يرحمها، في حتة كبيرة قوي راحت مني، وعندي غصة مش بتروح، دلال عبد العزيز قطعت بيا، إحنا تقريبا مكناش بنفترق، ولادها ولادي، ومنة برضه بنتها، كنا على طول مع بعض".

السفر الأول "اللقاء"

في العام الذي كانت تخطو فيه دلال عبد العزيز خطوتها الأولى من خلال مسلسل "بنت الأيام" 1977، وهي لا تزال في بداية دراستها الجامعية بكلية الزراعة، جامعة الزقازيق، كانت مرفت أمين قد رسخت وجودها بأفلام سينمائية عديدة مع نجوم كبار، منها "حافية على جسر من ذهب"، "الحب تحت المطر" 1975، "الحفيد" 1975، "الأبرياء" 1974، "السكرية" 1973. 

لم تتخيل "دلال" أنها ستلتقي بنجمتها المحببة، قالت لبرنامج "أنا وبنتي":" أنا بحبها قبل دخولي الوسط الفني، كنجمة جميلة وعظيمة". 

قبل أن تشارك دلال عبد العزيز في مسلسل "الأبرياء" 1981تأليف الكاتب أسامة أنور عكاشة، إنتاج المملكة العربية السعودية، مع مرفت أمين للمرة الأولى، كانت بالكاد قد انتهت من محاولات إثبات وجودها من خلال أعمال درامية ومسرحية. اختارها المخرج نور الدمرداش لمسلسل "أصيلة" الذي التقطها منه الفنان جورج سيدهم ليقدمها للمخرج حسن عبد السلام والفنان سمير غانم لتشارك في مسرحية "أهلا يا دكتور" 1980. 

قبل السفر لليونان، التقت "دلال" بـ "مرفت" في بروفات "الأبرياء"، اعترفت "مكنتش مصدقة إني قاعدة مع مرفت أمين، لكن حسيت من اللحظة الأولى بالود، لما تكلمنا سوا". 

سافرا طاقم "الأبرياء" إلى اليونان لتصوير العمل، توطدت علاقة "مرفت" و "دلال" خلال الرحلة، روت "دلال": " المسلسل كان حلو جدًا، لكن لم يعرض في مصر، كان من ضمن الأعمال التي تُعرض في الخارج". 

للمرة الأولى تسافر دلال عبد العزيز خارج مصر، وهي المرة الأولى أيضًا التي تلتقي فيها بـ "مرفت" التي بادلتها قدر المحبة ذاته، قالت "دلال": " ميرفت كانت بتخرج معايا في الشوبيج، لقيتها متعاونة جدا وبتقف معايا وتختارلى فساتين وأنا فى أوضة البروفة وتناولى اللبس أقيسه".

توطدت علاقة بينهن، تدخلت "مرفت" لتساعد صديقتها للزواج من الفنان سمير غانم، تارة بالنصيحة وتارة بتحفيزه على الزواج منها. وبسط الارتياح بينهن، ارتياح والدة "دلال" لصداقتها مع "مرفت": "كنت بعتمد على ماما في الحاجات دى، أول ما قولت لها أنا صاحبت ميرفت أمين ارتاحت، لدرجة لو يوم لقيتنى قاعدة فى البيت تقولى مكلمتيش مرفوتك النهاردة ليه؟".

اعترفت الفنانة دلال عبد العزيز أثناء وجودها في برنامج تلفزيوني على شاشة قناة "art" أن الفنانة مرفت أمين أقرب صديقتها من الوسط الفني " صديقة وهنومة، ومخلصة وراقية وبنت ناس، صاحبتها وأنا جديدة خالص، ووقتها كانت هي نجمة مشهورة وساندتني ووقف بجواري من قلبها، وأنا في بداياتي".

تعارض فني 

استمرت الصداقة، بعدما افترقا بنهاية تصوير "الأبرياء"، تسند الأخرى صديقتها، تحيك "مرفت" الخطط لصديقتها كي يحقق سمير غانم أمل "دلال" في الزواج منه، وقبل أن يتحقق ذلك، اجتمعا الثلاثة "مرفت" و "سمير و "دلال" سويا في فيلم "إنقاذ ما يمكن إنقاذه" عرض عام1985إخراج سعيد مرزوق. 

تزوجت "دلال" من سمير غانم في يناير 1984، قبل أن تلتقي مع "مرفت" في فيلم "بصمات فوق الماء" الذي عرض في أغسطس 1985. وتمر السنوات ليجتمعا سويًا في فيلم "أعز الولد" 2021 الذي عُرض على المنصات الإلكترونية. 

الناقد الفني طارق الشناوي يلفت لـ "مصراوي"، أن لكل منهن تاريخ يختلف كليا عن الأخرى، ومن المؤكد أن "مرفت" هي الأسبق، كانت بدايتها فترة الستينات، حصلت على فرص للمشاركة مع فنانين كبار، أمثال عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش ورشدي أباظة وهو ما أكسبها فرادة، إذ كانت "نجمة شباك" في فترة تُسمى الفترة الذهبية في السينما المصرية، لوجود فنانات أمثال، فاتن حمامة وماجدة الصباحي، ونادية لطفي وسعاد حسني. 

أما الفنانة دلال عبد العزيز، يرى "الشناوي" رغم موهبتها، لم تكن "نجمة شباك"، لم تحصل على بطولات فردية، بالإضافة لمشاركتها في أفلام متوسطة القيمة المادية والفنية. 

رغم اختلاف القيمة الفنية لكل منهن، إلا أن صداقتهما منحت لهن تواجد جماهيري استغلاه لتقديم برنامج "مساء الجمال مع مرفت ودلال" على شاشة قناة "الحياة"2011، وهو ما يؤيده "الشناوي"، يقول "لقوة صداقتهن اشتركا في برنامج تلفزيوني معا". 

ويؤكد "الشناوي" على أن الأعمال الفنية الأخيرة التي شاركت فيها الفنانة دلال عبد العزيز، ساهمت في إبراز موهبتها الكبيرة، يقول "برزت موهبتها بتقدم عمرها، اشتعل الإبداع بداخلها، خاصة في تألقها من خلال مسلسل ملوك الجدعنة، ورغم أنها لم تشارك في أعمال سينمائية بمساحات فنية كبيرة، إلا أنها أثقلتها بأدائها الفني، مثلما منحت دورها في فيلم البدلة قوة فنية، وأكسبت الشخصية عمقًا خاصًا". 

وتتفق الناقدة الفنية ماجدة خير الله مع "الشناوي" على الاختلاف الكلي بين المسيرة الفنية لكلا منهن. وتلفت إلى أن "مرفت" كانت أكثر شهرة ونجومية واستحواذا على البطولات الفنية، عكس الخطوات التي قطعتها "دلال"، قالت " لم يكن لها نفس الوهج الفني الذي أحاط مرفت أمين، خاصة وأنها كانت من أهم النجمات بداية من فترة السبعينات، ولم يتعرف الجمهور على دلال عبد العزيز بقوة إلا في السنوات الأخيرة، لم تكن فيديت، كما تأكدت موهبتها وقيمتها الفنية بتقدمها في العمر". 

على كتف صاحبي 

يقول "الأبنودي":" على كتف صاحبي باتكي، وببكي لو جوايا دمع يتبكي، أنا ما فرحت إلا بك، ولا بكيت الا وكل الكون بكي، وحياتي مشوار الرحيل منك لك".  إذا مالت "دلال" يحملها كتف "مرفت" والعكس. 

حكت دلال عبد العزيز، أن صدقاتهما لم يشوبها شائبة، بقيت صلبة منذ بدايتها، لم تلفت إحداهن إلا وتجد بجوارها الأخرى، في أبسط المواقف وأصعبها، في الموت والطبخ والعمل، وجمعتهما الفوبيا "الخوف من السفر بالطائرة". تفاهما في أدق الطباع، تقول "مرفت":" دلال مندفعة، ديما كنت بخليها تعمل كنترول على الكلام مع الناس، وأحيانا تيجي تقول كلام غير اللي كانت عايزه تقوله، تيجيتحكيلي موقف، أقولها ده اللي حصل، ولا ده المفروض كان يحصل، تقولي المفروض كان يحصل، عمرنا ما خبينا عن بعض حاجة، إلا الشائعات التي قد تنغص مزاج الأخرى". 

إذا علمت الفنانة مرفت أمين أن الفنانة دلال عبد العزيز اعتذرت عمل فني، تحرص على التواصل مع القائمين على إنتاجه لتثنيهم عن قبول اعتذارها، كما حرصت على أن تساعدها للمشاركة في أعمال فنية وقت بطالتها "طب أكلمك مين تشتغلي معاه". 

تركا "مرفت" و "دلال" ميراث صدقتهما، لأبنائهم، توثقت علاقة دنيا وإيمي سمير غانم بـ "منة" ابنة الفنان حسين فهمي. 

ربما تفي الذكريات بالغرض في تخفيف قسوة اللحظة، إلا أن المؤكد أن الفنانة مرفت أمين عندما تميل لن تجد "كتف" صديقتها "دلال"، فقد رحلت.