رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قائد المدفعة في حرب أكتوبر يسرد حقائق ملحمة العبور العظيم

العميد محمد عبد القادر
العميد محمد عبد القادر

التحق بالكلية العسكرية بعد نكسة 1967، كان قائد سرية المدفعية (104 جندي) في حرب السادس من أكتوبر عام 1973، نقيب مدفعية الميدان، من أوائل الذين عبروا قناة السويس، البطل العميد محمد عبد القادر، الذي سطر ورفاقه بحروف من النور ملحمة العبور العظيم.

النكسة

قال «عبد القادر»: إن الفترة ما بين النكسة ونصر أكتوبر كانت فترة حالكة ومرت الدولة بظروف صعبة جدا، ولكن كان الهدف هو إعادة الأرض من العدو الإسرائيلي، وكل قطاعات الشعب المصري قاموا بدورهم».

دور الشعب

وأضاف «عبد القادر»، في ندوة شباب حزب الوفد تحت عنوان «مصر والعالم 2022»، أن «رجال الأعمال قاموا بتقديم سيرتهم للقوات المسلحة لاستخدمها في نقل الجنود والسلاح وكان يكتب على هذه السيارات مجهود حربي، وكوكب الشرق أم كلثوم قامت بعمل حفلات في الدول العربية وحصيلة أموال هذه الحفلات لشراء السلاح، وكذلك الأمر قام به العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، وتم فتح التبرعات وبالفعل تبرع أبناء الشعب والمرأة المصرية كانت تتبرع بالذهب وأم كلثوم كانت مسئولة عن هذا الأمر».

دعم العرب

وتابع «عبد القادر»، أن «الإرهاصات التي سبقت حرب أكتوبر المجيدة، أدت إلى التمهيد والاستعداد بشراء السلاح، وتبرعت بعض الدول العربية بأنواع خاصة منها (المدفع 55 مم) الذي كنت أتعامل به كان دعمًا من دولة الجزائر الشقيقة لمصر، وهو سلاح فرنسي يرجع إلى احتلال باريس لها».

وأشار إلى «انسحاب الجنود في 1967 الأمر الذي تسبب لهم في هزة نفسية، كان من الضروري إعادة تأهيلهم من جديد بخبرات عالمية وارتفعت مستوياتهم العسكرية والنفسية حتى أصبحوا العصب الأساسي في الجيش المصري، هذا فضلًا عن تأهيلهم ثقافيًا وعلميًا للتعامل مع الأسلحة المستوردة من الخارج».

الاستعداد للحرب

وأوضح أنه بعد هذا الاستعداد والتجهيز الكامل أصبح من المنتظر فقط استعادة الأرض من العدو، هذا على الرغم من أن السلاح لم يكن يكافئ قدرات السلاح الإسرائيلي بمراحل، لكن قدرات الجندي المصري فاقت كثيرًا لإيمانه الشديد بأنه يدافع عن أرضه وعرضه على عكس الإسرائيلي المُحتل.

وأكد «عبد القادر» أنه في ذلك الوقت لم يكن يعلم أحد بموعد الحرب وساعة الصفر، حتى أنني لم أعلم بموعد الحرب إلا في تمام 12 ظهر يوم الحرب، وذلك من الخداع الاستراتيجي الذي اعتمدت عليه القوات المسلحة بذكاء استطاعت أن تضلل المخابرات الإسرائيلية، وبفضل الله ودقة وجهد المخطط المصري نجحنا في العبور، وطلب السادات من الجيش أن يتم رفع استعداده والتحرك لخط القناة أكثر من مرة حتى يُخدع الإسرائيليون، الذين كانوا في كل مرة يرفعون درجة الاستعداد للحرب، لكن تراجع الجيش المصري وانسحابه كل مرة اعتبروه مع التكرار أن مصر لن تشن حربها، لكن كانت المفاجأة بالهجوم في 6 أكتوبر، وكانت الحرب.

تفاصيل العبور

وأكمل أن العدو الاسرائيلي قام بعمل أنابيب «النابالم» وهي مادة بترولية حارقة، وكان الهدف منها هو حرق أي عبور للجيش المصري عن طريق قناة السويس، وقبل حرب أكتوبر قامت الضفادع البشرية المصرية باختراق هذه الأنابيب وتم عمل طبات لها وتركيبها قبل العبور.

ونوه «عبد القادر» إلى أن تركيب الكباري التي استخدمت في العبور تمت بمنتهي الدقة والسرعة، وهذا بفضل الدراسات التي تمت من قبل المتخصصين عن سير الرياح وأمواج البحر والمد والجزر من أجل تصميم الكباري على أعلى مستوى، مشيرا إلى أن خط بارليف كان من الأمور الصعب التي توجهنا، وقال خبير روسي أن تدميره يحتاج قنابل نووية، ولكن بفضل الله وفكرة الرائد باقي زكي يوسف والذي عمل في بناء السد العالي وفكر في استخدام ضغط المياه لإحداث ثغرات في الساتر الترابي وتم تدريب الجنود على ذلك في وقت قياسي.

وزاد: «علمت بوقت التحرك قبل الحرب بساعتين فقط، قمت بالتجهيز وتم التحرك ووصلنا خلف الساتر وفي الساعة الثانية ظهرا جاء الطيران المصري وكانت كلمت (الله أكبر) في لحظة واحدة من الجميع، وكان شعور تلقائي بحت، وبدأت المدفعية بالضرب وهو التمهيد النيراني وهي عملية تكسير عظام للعدو خلال الحرب، ثم تم ضرب وتدمير الأهداف القريبة وكان هناك مخطط تنفيذ ثلاث ضربات في العمق ثم ضرب الحد الأمامي وضرب النقط الضعيفة، وفي نفس الوقت كانت القوات المصرية تعبر من القناة، وكان الهدف من هذه الضربات تغطية الجنود للعبور في القناة».

ولفت «عبد القادر» إلى أنه في تمام الثانية والثلث يوم 6 أكتوبر، عبرت القوارب 1 و2 أمام القوات للكشف عن الألغام وتأمين العبور، وكان أيضًا عبور الساتر الترابي، وحمل الجندي أو الضابط معداته الثقيلة حتى كان جهاز اللاسلكي نفسه يزن 18 كيلو، و4 بطاريات للجهاز الواحدة وزنها 2 كيلو وسلاحه الشخصي والشدة العسكرية (مهمات الوقاية من أسلحة الدمار) كالقناع ووسيلة الحفر، وتعيين جاف يكفي 3 أيام ومياه، هذا كان فرد الإشارة، أما المدفعية فكان يحمل قاعدة وزنها 34 كيلو بمفردها، كل هؤلاء كان مطلوب منهم عبور السد الترابي وصعوده، فكانت الإرادة والعزيمة هي السر الذي دفعنا في نجاح المهمة.

وأردف أن «وحدة المدفعية كانت عبارة عن وحدتين، أحدهما يزن 65 كيلو جرام والأخرى تزن 12 كيلو جرام تقريبا، ومع هذا التسليح ومع الاحتماء بوحدات المشاة أثناء ضربات المدفعية الإسرائيلية ليلًا، وبمجرد القصف المعادي تم تحديد المواقع من وهج الإطلاق بطرق بدائية لكن نجحنا وانتصرنا وقصفنا موقع سرية المدفعية المعادية».

وتابع «عبد القادر» أن يوم 12 أكتوبر تم الاستعانة بنوع من الطلقات المضيئة وكشفنا عن وجود ما يقرب من 12 جندي كانوا يحاولون التسلل إلى السرية ليلًا لتنفيذ عملية تسبب لنا الخسائر، لكن بعد الكشف عنهم ومطاردتهم سقط أحدهم مصابًا حاول قتلي باستخدام السلاح الأبيض لكن السرعة كانت حليفة وتمكنت من قتله مستخدمًا سلاحي الأبيض، وكشفت عن متعلقاته كانت من بينهم علبة سجائر، ودفتر يبدو أنه دفتر توفير أو شيكات لبنك اسمه «هابو عليم»، وهي من الوقائع التي أفخر بها.

الأرض لا تأكل جثمان الشهداء

وأكد أنه «شهد العديد من المواقف الإنسانية خلال حرب أكتوبر، ولكن قصة الجندي البطل الذي استشهد  في المعركة هو الجندي البرعي ناصر برعي وهو من محافظة الشرقية أثبت لي بشكل فعلي أن الأرض لا تأكل جثمان الشهداء، بعد أن تم استهدافه بنيران العدو واستشهد تم دفنه في سيناء، وبعد فترة جاء والد الشهيد ليسأل عنه وعندما علم باستشهاده طلب أن يصطحب الجثمان، وكان هذا صعب لأن أرض سيناء كلها شكل واحد ولا يوجد ما يميز المكان الذي تم فيه دفن الشهيد، ولكن مع إلحاح الأب ذهبنا إلى المنطقة التي تم فتح النار علينا فيها وكنت على يقين بأني لم أجد الجثمان لأن الأرض متشابهة ولكن تم العثور على الجثمان وكانت طبيعيا ولم تتحل».