رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«تعذيب وقهر».. أيمن الرقب يكشف يوميات الأسير الفلسطيني داخل سجون الاحتلال

 أيمن الرقب
أيمن الرقب

على مدار أسبوع شغل الرأى العام العربى بشكل عام والفلسطينى بشكل خاص ملف الأسرى عقب هروب 6 من سجن جلبوع الأشد حراسة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، والقبض على أربعة منهم خلال اليومين السابقين.

وفى تلك الفترة عاد ملف الأسرى على طاولة اهتمام العالم من جديد، محملين سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة الأسرى.

ولكن خلف الكواليس وتلك الأنباء، هناك جانب مظلم أمام الجميع كان لابد من الدخول وتسليط الضوء عليه، وهو ماذا يحدث مع الأسرى داخل سجون الاحتلال منذ لحظة الاعتقال وحتى محاكمتهم.

وكان لـ"الدستور"، لقاء مع أحد الأسرى المحررين، وهو الدكتور أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية، القيادى بحركة فتح، كشف لنا خلال الحوار تفاصيل ويوميات الأسير الفلسطينى داخل المعتقلات والسجون بداية من لحظة الاعتقال وحتى لحظة الخروج منه.

قال الرقب إنه تم اعتقاله 4 مرات، كانت المدة الأطول اعتقاله الثانى استمر لمدة 4 سنوات، مشيرا إلى أن أكثر من 20% من الفلسطينيين تم اعتقالهم، فلم يوجد بيت فلسطيني لم يتم اعتقال أحد به.

وأضاف الرقب: “اعتقلت عام 1985 بحجة التظاهر ضد الاحتلال واستمر الاعتقال لعدة أيام، أما الاعتقال الثانى كان الأطول عام 1987 وكان السبب وراءه وفقا لاتهامات الاحتلال هو المقاومة والقاء زجاجة حارقة على الاحتلال وتشكيل مجموعات لمقاومة الاحتلال والمشاركة فى المظاهرات”.

وأشار إلى أنه في 1991 تم اعتقاله مرة أخرى، وعام 1992 والتهمة الرئيسية من قبل الاحتلال هى النشاط السياسي بسبب علاقاته مع فلسطينى 48 وقيادات فلسطينية فى الداخل والخارج، ومحاولة حيازة السلاح وتهم أخرى يختلقها الاحتلال ومنها اتهامى بوجود علاقات مع جماعات مسلحة ولكن لم يثبتوا ذلك وعلى الرغم اعتقلت لمدة عام ونصف.

وأكد الرقب أن "التعامل مع المعتقلين ثابت ولكن مراحل وطرق الاحتلال أثناء الاعتقال تغيرت، فقبل عام 1967 كان يقوم الاحتلال بعمليات الضرب المبرح بشكل كبير إضافة إلى خلع الأظافر من الأقدام والأيدى وغيره من أشكال التعذيب الجسدى، وأصبح يدخل به التهديد النفسى، وتهديد المعتقل باعتقال الزوجة، الابنة، الأم، الأب”.

وعن اللحظة الأولى من الاعتقال، قال الرقب “يقوم الاحتلال بالترتيب مع الشاباك بوجود قائد من الشاباك يتم الاعتقال، ويتم بها الضرب المبرح من باب الصدمة، وبعد إحداث الصدمة يتم الدخول إلى أروقة التحقيق ومنها ندخل للشاباك ويتم تسليمنا أفرول خاص بالتحقيق لونه أزرق”.

وتابع الرقب: “مرحلة التحقيق هى الأصعب حيث تكون المعلومات مشوشة لدى الشاباك ويريد أن يكملها، يتم ربطنا وتقييد أيدينا من الخلف والجلوس على كراسى صغيرة طولها لا يزيد عن 30 سم وبالتالى يكون الشعور بالألم أكثر، ويوضع كيس رائحته نتنة على الرأس يمنع الحركة والكلام، ووضع موسيقى صاخبة عالية فوق رؤوسنا للتشويش، ثم يمنع النوم بشكل مطلق لمدة 4 أو 5 أيام ومن يميل رأسه يمينا أو يسارا يضع ماء على ظهره حتى يستيقظ”.

واستكمل: “عقب مرور 4 أيام يبدأ رجال الشاباك بعمليات الضرب تارة والوضع فى المياه مرة للاختناق، بجانب وصلة من السب والضغط فى أماكن حساس من أجل الضغط والتهديد باعتقال الزوجة والوالدة وهذا الاسلوب المعتاد حتى يخرج بأى معلومة”. 

وتابع: "عقب فشلهم فى الحصول على المعلومات يقوم المحقق بتهديد المعتقل بالوضع على جهاز كشف الكذب وبعد فقدان كل الوسائل يعلن انتهاء التحقيق، ومن ثم الدخول إلى غرفة صغيرة لمدة أسبوعين إلى 4 أسابيع أخرى النوم خلال تلك المدة يكون لمدة يومين فقط وهى أجازة رجال الشاباك وباقى أيام الأسبوع يمنع بها النوم نهائيا، ودخول دورة المياه تكون مرتين فقط باليوم ولمدة دقيقة لكل مرة، والطعام 3 مرات باليوم وكل مرة دقيقة واحدة".

وأضاف: "بعد تلك المدة يدخل الأسير زنزانة أخرى، ويقوم رجال الشاباك بإدخال عناصر تابعة لهم إما عميل سابق لا يعرفه الأسير أو أحد رجال الشاباك يتقن اللغة العربية تماما، وكأنه أسير آخر ويبدأ فى سرد بطولاته الزائفة حتى يقوم الأسير بالاعتراف أو سرد ما يخفيه، وكنا كأسرى نطلق على تلك المرحلة “شرك العصافير، وبعض الأسرى تغرهم تلك الأساليب ويبدأ بسرد ما يخفيه ويروى بطولاته فى مقازمة الاحتلال وهو لا يدرك أنه تحت التحقيق”.

وعن تجربته فى شرك العصافير، قال الرقب: "شخص ما دخل معى الزنزانة الصغيرة وبدأ يتحدث عن بطولاته فى تنفيذ العبوات الناسفة والحارقة، وطلبت منه أن يعلمنى كيف يصنعها، ولكنه اختفى ولم يعد مرة أخرى".

وأشار الرقب إلى أنه عقب عملية التحقيق يتم إحالة المعتقلين الى زنزانة صغيرة مساحتها متر فى مترين بها 5 أشخاص لا يستطيع المعتقل أن ينام، وكان النوم بالتناوب، أيضا لا يوجد بها مكان لقضاء الحاجة فقط للمعتقل مرتين باليوم لقضاء الحاجة فقط. وبعد ذلك ننتقل إلى زنزانة أخرى أكبر مساحة لمدة من أسبوعين إلى 4 أسابيع عدد سكانها 8 ومساحتها 4 متر فى 3 متر، وفى أى لحظة عقب الانتقال الى تلك الزنزانة يستطيع الشاباك احضارك بأى وقت بحجة التحقيق.

وأوضح الرقب أنه عقب تلك المرحلة ينتهى التحقيق ويأتى رجل من شرطة الاحتلال لسماع الأقوال ويتم النقل الى زنزانة أكبر مساحتها 7 متر فى 4 متر، وبها مرحاض صغير وبها من 10 إلى 20 شخصا يستطيع المعتقل انذاك للنوم بشكل أكثر راحة، وتكون هذه المرحلة الأخيرة التى يشرف عليها الشاباك قبل الانتقال الى السجن.

وتابع: عقب ذلك يتم الانتقال إلى المعتقلات وبداخلها كل تنظيم له غرف خاصة به، يتم تسليم المعتقل للتنظيم التابع له سواء فتح، أو حماس، أو الجبهة وغيرها، وكل تنظيم له آلياته فى التعامل وتبدأ بعدها مرحلة الانتظار إلى المحكمة وهى مرحلة التثقيف والتدريب ومعرفة كل شيء عن التنظيم من خلال كبار الأسرى الموجودين.

وحول متابعة الوضع الصحى للأسير، قال الرقب: “لا يتم تقديم علاجات حقيقية للمرضى فهناك ممرض يزور الغرف ويسأل من يعانى فمن يشتكى له يعطيه مادة الباراسيتمول وهو العلاج الأساسى، ولكن كان هناك بعض المرضى يعانون من أمراض مزمنة وأخرى خطيرة كالكانسر، لم يتم علاجهم حتى تدهور حالته وينقل إلى المستشفى ولكنه يتوفى بسبب تدهور حالته الصحية”.

واختتم: “وعقب انتهاء فترة الحكم يتم الإفراج بشكل طبيعي، حيث يتم تسليمنا من قبل شرطة السجن إلى مركز الأمانات حيث يتم تسليمنا اماناتنا و بطاقة الهوية ثم نخرج من باب المعتقل”.