رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في اليوم العالمي لمنع الانتحار.. أبرز أسبابه وطرق علاجه

في إحدى الحفلات الليلية التي تُنظم بالمناطق السياحية في سفح الأهرامات، تسلل أحد الشباب من الحفل إلى هرم خفرع ليتسلقه، وما أن وصل إلى القمة ألقى بنفسه من أعلى هرم خفرع ليلقى حتفه منتحرًا في التو واللحظة.

 

أثارت الواقعة حينها حزن رواد مواقع التواصل الاجتماعي، نظرًا لقسوة المشهد والطريقة التي سلكها الشاب الذي كان في العقد الثالث من عمره ليتخلص من حياته، قفزًا من ارتفاع نحو 100 مترًا.

 

اليوم العالمي لمناهضة الانتحار

ووافق أمس الجمعة، 10 سبتمبر من كل عام، اليوم العالمي لمواجهة الانتحار، إذ خصصت الرابطة الدولية في فيينا «IASP» بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية هذا اليوم لمناهضة الانتحار والتركيز على الوقاية منه، من خلال زيادة الوعى بإمكانية منع الانتحار، إذ يعد الانتحار السبب الرابع من أسباب الوفاة لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و29 عامًا.

 

وفي السطور التالية تفتح "الدستور" ملف الانتحار بمناسبة اليوم العالمي للتوعية بشأنه، لاسيما بعدما ارتفعت معدلاته جراء تداعيات جائحة كورونا في مصر والعالم، في محاولات ومساعي عديدة لمواجهة انتشار هذه الظاهرة.

الانتحار

يفقد العالم كل 40 ثانية شخص بسبب الانتحار، وفي كل ساعة يفقد 91 شخصا، وفي كل عام يفقد العالم 800 ألف شخص وفقًا لتقديرات منظمة الصحة العالمية، إلا أن مصر لا يوجد بها إحصاء رسمي بشأن معدلات الانتحار سنويًا، إلا أن بعض التقديرات من الجهات غير الرسمية رجحت أن تكون 2500 حالة كل عام مثل مركز المصريين للدراسات الاقتصادية والاجتماعية.

 

سارة.ح، في العشرينات من عمرها، لا تزال متأثرة نتيجة فقد صديقة عمرها منذ بضعة سنوات، تقول: " كانت صاحبة عمري، كبرنا واتربينا سوا لغاية ما دخلنا الثانوية العامة، وكالعادة كانت فترة صعبة على الجميع".

تابعت: "وقت ظهور النتيجة أُصيبت صاحبتي بصدمة نفسية عنيفة نتيجة لضعف الدرجات والمجموع التي حصلت عليه، وحاول الجميع حينها مساعدتها على اجتياز هذه الفترة والمرور من هذه الأزمة، خاصةً وأن الكل يشهد لها بالاجتهاد".

 

لم يحالف الحظ صديقة سارة، هكذا روت الفتاة، فلم يمر سوى أيام قليلة على موعد ظهور نتيجة الثانوية العامة وأقدمت صديقتها على الانتحار، معلقة: " هي لم تقدر على تجاوز الصدمة، دخلت في نوبة اكتئاب وغضب عنيفة إلى أن انتحرت بجرعة من الأدوية السامة".

 

أخطر أسباب الانتحار

يعد الاكتئاب من أخطر الأمراض النفسية التي تؤدي إلى الانتحار، ويعرف بأنه "الاكتئاب العقلي"، وهو نوع من أنواع الاكتئاب العظمى، الذي يتسم بالنظرة السوداوية.

 

يؤثر الاكتئاب على عمل المصاب ودراسته وعلاقاته الاجتماعية، ويصيب الفرد في حالة تعرضه إلى ظروف نفسية قاسية، مما تجعل الأفكار السلبية البائسة تسيطر على تفكيره وفي هذه الحالة يكون هذا الشخص خطرًا على نفسه وعلى أفراد أسرته أو من يعيش معه.

الاكتئاب

الانتحار ليس مجرد فكرة لمريض الاكتئاب  

أرجعت رحاب العوضي، أستاذ علم النفس السلوكي، الانتحار إلى عدة أسباب رئيسية منها الحياة الاجتماعية والسلوكيات التي نشأ عليها الشخص، والسبب الآخر هو تعرض الشخص إلى مرض عقلي.

 

وأوضحت العوضي، أن الاكتئاب يمثل أحد أبرز دوافع الانتحار خاصةً في الحالات المتأخرة منه، إذ أن الحالة التي تعاني من الاكتئاب الشديد تلجأ إلى الانتحار فهو هنا لم يكن مجرد فكرة، وإنما خطوة يقدم عليها مرضى الاكتئاب لا سيما في الحالات المتأخرة والشديدة.

 

الامتثال إلى الطبيب، هو أولى خطوات العلاج من الاكتئاب، هكذا أكدت أستاذ علم النفس السلوكي، مرجعة ذلك إلى أن يكمن العلاج في التدخل الدوائي بالتزامن مع جلسات العلاج النفسي، بهدف السيطرة على كيمياء المخ من الأفكار السوداوية والانتحارية.  

 

مع مطلع أول ضوء من صباح الفجر، كان يعيش علي.م، حالة من الحزن الشديد إثر وفاة والدته جراء إصابتها بفيروس كورونا أثناء الموجة الأولى من الجائحة، إلى أن تحول الحزن إلى حالة من مرض الاكتئاب الذي عجز "علي" عن تجاوزه.

 

"كانت نظرته إلى الحياة سوداوية بحت"، يقولها سعيد إبرهيم، أحد أقارب الضحية، الذي أكد أن "علي" كانت تربطه علاقة غير مسبوقة مع والدته ، فكان متعلقًا بها بشكل واضح، لاسيما مع وفاة والده منذ كان طفلًا.

 

يضيف: "لم يمر شهر على وفاة والدته وكان علي منتحرًا، وكانت آخر كلماته هي أنه يرى أمه في كل تفاصيل حياته اليومية وفجأة لم تعد هناك، وفقد الدافع الذي كان معه ويصبره على مواجهة تحديات وصعاب الحياة.. كتب هذا في رسالة وانتحر".

الانتحار

 

الامتثال إلى العلاج والجلسات النفسية

في البداية أشار عبد الحميد الأطرش، الرئيس الأسبق للجنة الفتاوى بالأزهر، إلى أهمية العلاج النفسي لمواجهة كل ما يتردد على العقل من أفكار سلبية من الممكن أن تهدد حياة الشخص وتعرضه إلى الخطر خاصةً إذا كان يعاني من أمراض عقلية ونفسية.

 

فيما أضاف الرئيس الأسبق للجنة الفتاوى بالأزهر، أنه لا غنى عن التقرب إلى الله والعودة إلى طريق الهداية، خاصةً مع انتشار الفتن واستسهالها وكثرة السلوكيات المنافية إلى الإسلام وجميع الأديان السماوية، بهدف مواجهة الأفكار السوداوية التي من المحتمل أن تسيطر على العقل.

 

بحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، ترتفع معدلات الانتحار بين الرجال مقارنةً بالإناث في البلدان ذات الدخل المرتفع وتبلغ نحو ١٦.٥ من كل ١٠٠ ألف، أما بالنسبة للإناث تسجل أعلى معدلات الانتحار في بلدان الشريحة الأدنى من الدخل المتوسط ٧.١ من كل ١٠٠ ألف.