رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

متلازمة تكيس المبايض.. حرمان من الإنجاب وأمل في البقاء

معاناة النساء
معاناة النساء

اضطراب هرموني تتعرض له النساء في سن الإنجاب، وخاصة بعد الدورة الشهرية الأولى، حين تكون مستويات الهرمون في أجسادهن غير متوازنة، وعلى إثره يتسبب هذا الخلل الهرموني في نمو عدد من الأكياس الصغيرة المليئة بالسوائل داخل المبيضين.

عادة ما تكون أكياس المبيض بأحجام وأعداد مختلفة، وغالبًا ما تكون حميدة إلا أن بعضها سرطانيًا، وتتفاوت نسبة خطورة الحميدة منها تبعًا لأحجامها وأعدادها، ففي مرحلة معينة يصبح من الضروري استئصالها بواسطة عملية جراحية، لذا دور التشخيص الطبي هنا يمثل دورًا رئيسيًا في تحديد نسبة خطورة الحالة.

«الدستور» تعرض في السطور التالية، قصص النساء اللاتي عانين من متلازمة "تكيس المبايض"، والضرر النفسي والجسدي الذي تعرضن له إثر الإصابة بالمرض، منهن من استطاعت التعافي منه، ومنهن من لم تجدن حل سوى استئصاله نهائيًا من جسدها.


تصيب 1 من كل 10 نساء

كشفت أخر التقارير العلمية، أن متلازمة "تكيس المبايض" تصيب حوالي 1 من كل 10 نساء في سن الإنجاب، كما يصاب أكثر من نصف النساء المصابات بها بمرض السكري قبل بلوغهن سن الـ40، ويعاني 80% منهن من زيادة الوزن، وأمراض القلب الخطيرة، وسرطان الرحم، وأخريات يعانين من ارتفاع ضغط الدم وانخفاض مستوىات فيتامين د، وفقًا لمعهد أبحاث النظم بجامعة برمنجهام في المملكة المتحدة.

تكيس المبايض

وأشارت التقارير أيضًا إلى أن النساء المصابات بمتلازمة "تكيس المبايض" أكثر عرضة للإصابة بـ"كوفيد-19"، بسبب خلل الهرمونات التناسلية الذي يحدث لهن، ويؤدي إلى عدم انتظام الدورة الشهرية، وارتفاع مستويات الأندروجين، والتي تتداخل جميعها مع الأمراض المصاحبة لفيروس كورونا.

وأظهرت الأبحاث أن النساء المصابات بمتلازمة تكيس المبايض لديهن نوع من الالتهابات منخفضة الدرجة التي تحفز تكيس المبايض على إنتاج الأندروجينات، ما يعرضهن إلى مشكلات في القلب والأوعية الدموية.


الطفل الأول بعد المعاناة
 

ثلاث أعوام من المعاناة قضتهم كريمة، إحدى النساء اللاتي أصيبن بمتلازمة "تكيس المبايض"، ومنعهن المرض من القدرة على الإنجاب لفترات طويلة، بين التجول داخل المستشفيات والعيادات، وبين التعرض للاكتئاب الحد وفقدان الرغبة في الحياة، كونها لم تحقق أمنيتها الأولى والأخيرة، وهي أن تصبح أم وتؤسس عزوتها الخاصة.

بدأت السيدة، حديثها مع "الدستور"، معبرة عن الآلام النفسية التي عانت منها طوال السنوات الماضية، في انتظار إنجاب طفلها الأول، خاصة إنها تزوجت في سن متأخر للغاية، حين بلغ عمرها 35 عامًا، لكنها لم تيأس من فرصة القدرة على الإنجاب.

بعد عامين من الزواج، وتعجبها من عدم الإنجاب، ظنت "كريمة" أن هناك مشكلة لديها أو لدى زوجها تمنعهما من الحصول على طفل، لكن الاحتمالية الأكبر في ذهنها كانت لديها، فهي كانت تعاني من آلام حادة في منطقة الحوض، وعدم انتظام الدورة الشهرية.

وإذ فجأة انقطع الطمث لديها، وظنت حينها أن ذلك الأمر حدث بسبب حملها، فقررت التوجه إلى الطبيب، وإجراء فحص طبي للإطمئنان على حالتها الصحية، واكتشفت حينها أنها مصابة بمتلازمة "تكيس المبايض"، ما منعها من القدرة على الإنجاب نهائيًا.


أرشدها الطبيب في ذلك الحين إلى ضرورة إنقاص وزنها، الذي أثر بشدة على منطقة الحوض لديها، وكتب لها بعض الأدوية اللازمة التي ظلت تتناولهم لمدة عام ونصف، دون أي جدوى، حتى قررت المتابعة مع طبيب أخر، آملة في الحصول على فرصة تعيد لحياتها الأمل.

لم يختلف الطبيب الأخير عن ما قبله، فالمرض كان متملكًا من السيدة، ونصحها أيضًا باتباع العلاج اللازمة، ولم يمر سوى شهرين فقط حتى أجرت فحص طبي أخر حمل لها الخبر الذي انتظرته طويلًا: "مبروك إنتي حامل في شهرين".

تنتظر "كريمة" حاليًا قدوم طفلها الأول بفارغ الصبر، وهي في الشهر الخامس من الحمل، بعد فترة معاناة كانت هي الأسوء على مدار حياتها، لكنها استطاعت التخلص منها بشكل تام، بسبب إصرارها على البقاء، وتمديد نسلها، وأعادت الفضل إلى زوجها الذي لم يتخل عنها رغم المصاعب.

 استئصلت كيس المبيض الذي حرمني من الإنجاب

سعاد (اسم مستعار) أيضًا، حُرمت من الإنجاب طوال فترة زواجها، بسبب إصابتها بمتلازمة "تكيس المبايض"، التي كادت أن تصيبها بسرطان في الرحم وتمنع فرصتها من الإنجاب نهائيًا، لولا التدخل السريع للأطباء واستئصال كيس المبيض قبل تفاقم الأمر.

روّت الفتاة الثلاثينية قصة معاناتها مع المرض، قائلة: "أنا عندي تكيس مبايض بالوراثة من عيلتي اللي كان منتشر فيها"، فالمرض لم يكن جديدًا عليها، كونها شاهدت ذويها وهم يعانون منه باختلاف درجات المرض، لكن أعراضه معها كانت مختلفة تمامًا.

سنوات عدة من الألم والمعاناة تعرضت لهم الفتاة دون الوصول إلى أي حل، رغم توجهها للعديد من عيادات النساء والتوليد، الاتي أرشدتها لتناول عقاقير مختلفة من العلاج، جميعهم ضاعفوا أعراض المرض معها، وجعلوها تعاني من آلام أكثر حدة.

كانت نسبة الاندروجين مرتفعة للغاية لدى الفتاة، وإنتاج المبيضان كانت مستوياته عالية بشكل غير طبيعي، ما ساعد على نشر حب الشباب في جسدها بكثرة، وكاد أن يسبب لها عقم لولا الفحص الطبي الذي أجرته قبل سبعة أشهر من وقتنا هذا، وخضعت حينها لعملية استئصال كيس المبيض بالمنظار.

تصف "سعاد" كواليس العملية: "لم تستغرق مدة العملية سوى ساعة ونصف، تحت تأثير المخدر، وشعرت بعدها بآلام شديدة في منطقة البطن لمدة أيام معدودة، لكني تعافيت تمامًا بعد شهر ونصف من إجراء العملية، وأنجبت طفلين توأم".

استئصال كيس المبيض

الشعور الذي راود الفتاة بعد إنجابها وإعادة الأمل إلى حياتها، لم تستطع أن تصف خلال حديثها معنا، فقط اكتفت بالإشارة إلى القدرة الآلهية التي ساعدتها على تحقيق حلمها، وتكوين الأسرة التي طالما حلمت بها، وتخلصها أيضًا من المرض المتوحش الذي أنهش جسدها طوال السنوات الماضية.
 

أسباب حدوث المتلازمة وكيفية علاجها
غالبًا ما تظهر علامات متلازمة "تكيس المبايض" وأعراضها في وقت قريب من أول دورة شهرية خلال فترة البلوغ، وتتطور أحيانًا في وقت لاحق، استجابة لزيادة الوزن بشكل كبير، وتختلف الأعراض من علامة لأخرى، بحسب حديثنا مع طبيب النساء والتوليد، الدكتور أحمد ثابت.

أوضح الطبيب أن الدورات الشهرية النادرة أو غير المنتظمة أو المطولة هي أكثر العلامات شيوعًا لمرض متلازمة "تكيس المبايض"، واصفًا ذلك: "قد يكون لدى السيدة أقل من تسع فترات في السنة، وأكثر من 35 يومًا بين الدورات الشهرية وغزارة بشكل غير طبيعي".

أما الحالة الثانية فهي تكمن في الاندروجين المرتفع، والتي تتسبب في زيادة شعر الوجه والجسم، وأحيانًا حب الشباب الشديد، فقد يتضخم المبيضان ويحتويان على بصيلات تحيط بالبويضات، ما ينتج عنه فشل المبيضان في العمل بانتظام، وعادة ما تكون علامات وأعراض المتلازمة أكثر شدة في حالة المعاناة من السمنة.

شعر زائد بسبب المتلازمة

شرح الطبيب أسباب الإصابة بمتلازمة "تكيّس المبايض"، قائلًا: "الأنسولين هو الهرمون الذي يُنتَج في البنكرياس والذي يسمح للخلايا باستخدام السكر ، وهو مصدر الطاقة الأساسي لجسمك. إذا أصبحت خلاياك مقاومة لعمل الأنسولين ، يمكن أن ترتفع مستويات السكر في الدم وقد ينتج جسمك المزيد من الأنسولين. قد يزيد الأنسولين الزائد من إنتاج الأندروجين ، مما يسبب صعوبة في التبويض".

وعن المضاعفات، قال إن المرض يتسبب في حدوث العقم، والتهاب حاد في الكبد ينتج عن تراكم الدهون في الكبد، بجانب ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع نسبة السكر في الدم، و التعرض لمستويات غير طبيعية من الكوليسترول أو الدهون الثلاثية التي تزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وفي الحالات الأشد خطورة يعرض السيدات للإصابة بسرطان الرحم.

تحدث "ثابت" أيضًا، عن علاج متلازمة "تكيس المبايض"، مشيرًا إلى أن الحالات الأقل خطورة تستلزم المتابعة الدورية مع الطبيب المختص، وتناول العلاجات اللازمة وفقًا لحالتها الصحية، أم الحالات الأكثر الخطورة والتي منها المتعرضات للإصابة بسرطان الرحم والعقم، يخضعن لعملية استئصال كيس المبيض من خلال استخدام المنظار.