رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«حواء في هرتها».. قصة الأديب العالمي «ماركيز» عن الجمال القبيح

ماركيز
ماركيز

لاحظت فجأة أن جمالها قد انهار وصار يؤلم جسد مثل ورم أو سرطان ومازالت تتذكر ثقل هذا الامتياز الذي حملته على جسدها خلال فترة المراهقة ثم تركته يسقط عنها، هكذا بدأ الكاتب الكولومبي الكبير جابريل غارسيا ماركيز قصته حواء في هرتها. 

لقد كان ماركيز متجددا فى كتاباته يبحث دوما عن تحويل المألوف إلى غير المألوف، بدمج الواقع بالخيال مما جعله رائدا للواقعية السحرية بامتياز تلك الخلطة التى  تأخذك من واقعك إلى ما يفوق خيالك.

 فى قصته حواء فى هرتها لم ينسلخ ماركيز عن فكرته ولم يغير مقومات اللعبة، وتدور القصة حول امرأة جميلة ورثت هذا الجمال كابرا عن كابر وهى مثل أمها وأمها مثل جدتها كلهن يتمتعن بنفس القدر من الجمال بل بنفس الملامح دون اختلاف، وهذا يعد جزءا من واقع نراه فى حياتنا ولا غرابة فيه ، لذا قد تكون تلك المرأة بطلة فى قصص الكثيرين، فما الجديد الذى قدمه ماركيز؟ الجديد أن هذه الفتاة تعانى من مرض نادر لم يصب إلا عائلتها وهو كما ذكر ماركيز عبارة عن حشرات تجرى فى أجسادهن مجرى الدم، لذا أرادت بطلة القصة التى لم يذكر ماركيز اسمها أن تتخلص من جمالها وتتمنى أن تكون امرأة عادية أو أقل من العادية، مما جعلها ساخطة على هذا الجمال الوراثى المصحوب بالألم الوراثى.

وكأن ماركيز أراد أن يقول إن الجمال الجيدة مهما علا شأنه فمصيره  إلى التراب والدود، وأن الجمال ليس هو مصدر السعادة، فأحيانا ما يكون نقمة على صاحبه، وأن أصل السعادة يكمن فى الرضا.

ويصور لنا ماركيز فى قصته حواء فى هرتها بطلته وهى مستلقية على ظهرها  تبحث عن الموت، موت الجسد وليس موت الروح النقية التى لا تعرف نواقص الحياة وغرورها، لذا فكرت فى أن تعيش بروحها فى جسد قطة، أسعدتها الفكرة فى بداية الأمر لكنها عزفت عنها حين تخيلت روحها فى جسد قطة تلتهم فأرا فاشمأزت من هول المنظر، لكنها لم تجد حلا آخر فبحثت عن القطة فى أركان البيت، فلم تجدها وهنا ينتقل بنا ماركيز إلى عوالم أخرى حيث لم يعد الدار هو الدار لقد تغيرت معالم المكان والزمان وأدركت أن ثلاثة آلاف عام مرت عليها دون أن تتخذ القرار.