رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد سنوات من الخلاف.. هل تتمكن نيبال من إقامة علاقات طبيعية مع كابول

طالبان
طالبان

أدت سيطرة حركة طالبان على السلطة في أفغانستان إلى نزوح جماعي للسكان سواء الأفغان أو الأشخاص من جنسيات أخرى، ومن بينهم آلاف النيباليين الذين كانوا يعيشون ويعملون في أفغانستان وأصبحوا ينتظرون حاليًا حتى يتم إجلاؤهم إلى موطنهم.


وذكرت دورية (ذا دبلومات) المتخصصة في الشئون الآسيوية أن التقديرات تشير إلى أن عدد العمال النيباليين في أفغانستان غير محدد وقد يتراوح ما بين 2000 إلى 15 ألف نيبالي، إلا أن الحكومة النيبالية لا تملك بيانات دقيقة عن عدد العمال النيباليين هناك، حيث يعيق هذا النقص في البيانات جهود الإخلاء، ويعرض مئات العمال غير الشرعيين في أفغانستان للخطر.


وتعتمد نيبال على الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى بالإضافة إلى الهند للمساعدة في عملية إجلاء مواطنيها، حيث دعت الحكومة النيبالية المجتمع الدولي إلى مساعدتها في إجلاء 1500 من مواطنيها الذين كانوا يعملون كطاقم أمن مع السفارات وجماعات الإغاثة الدولية في أفغانستان.


وشكلت لجنة لتحديد العدد الدقيق للنيباليين العاملين هناك، كما طلبت وزارة الخارجية النيبالية من وكالات التوظيف المختلفة تقديم إحصاءات دقيقة للنيباليين الذين أرسلوا إلى أفغانستان للعمل، فضلًا عن أنها أرسلت طلبًا رسميًا إلى العديد من السفارات الأجنبية لمساعدة النيباليين على العودة إلى ديارهم.


وكانت الولايات المتحدة أول من قدم يد العون لنيبال، حيث أجلت 118 نيبالي يعملون في السفارة الأمريكية في كابول، بمساعدة تسعة هنود في عملية الإنقاذ.


وأكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية النيبالية سيوا لامسال أن عملية الإنقاذ والإجلاء تمت بفضل جهود التنسيق التي نفذتها القوات الجوية الأمريكية، مضيفة أن كندا تولت أيضًا إجلاء 100 نيبالي العاملين في سفارتها في كابول.


ومنذ يوم الخميس الماضي، ملأ مئات النيباليين استمارات عبر الإنترنت للتعبير عن رغبتهم في مغادرة أفغانستان، ومن المتوقع أن يزداد العدد في الأيام المقبلة.


وبحسب وزارة الخارجية النيبالية، تم إجلاء 296 مواطنا نيباليًا من أفغانستان حتى الآن، وأخضعت السلطات هؤلاء الأشخاص الذين تم إجلاؤهم لإختبارات كوفيد-19، وبعد ذلك تم نقلهم إلى مركز احتجاز تديره حكومة نيبال في ساماخوشي بالعاصمة كاتماندو.


وبالإضافة إلى عدم الوضوح بشأن أعداد العاملين العالقين في أفغانستان، فإن عدم وجود سفارة لنيبال في البلاد يعيق جهود الإجلاء، بما اضطر الحكومة النيبالية إلى تنسيق مهام الإنقاذ مع سفارتها في نيودلهي.


ويطالب الرأي العام في نيبال حكومة رئيس الوزراء الحالي شير بهادور ديوبا بتسريع الجهود لإجلاء العاملين والمواطنين الذين تقطعت بهم السبل، مع إعراب الشعب النيبالي عن تقديره للدعم المقدم لمواطنيه من قبل القوى الأجنبية، لاسيما الولايات المتحدة.


وتقول (ذا دبلومات) إن اعتماد الحكومة النيبالية على الدول الأخرى لإنقاذ مواطنيها بشكل مستقل بمثابة تذكير صارخ بأن قدرات الدولة في الخارج محدودة، مع عدم توقع المواطنين النيباليين إجلاء سلس وسط الأزمة العالمية الصحية.


من ناحية أخرى، لن يكون من السهل على كاتماندو إقامة علاقات مع حركة طالبان التي قتلت العديد من المواطنين النيباليين في هجماتها على مدار الأعوام الماضية، ففي 20 يونيو 2016، قُتل 12 من حراس الأمن النيباليين المتمركزين في السفارة الكندية في كابول في هجوم انتحاري نفذته لطالبان، وهو الحادث الذي أجبر الحكومة النيبالية على فرض حظر مؤقت استمر لمدة أربعة أشهر على سفر النيباليين إلى أفغانستان للعمل.


علاوة على ذلك، فإن دور نيبال العسكري الداعم للولايات المتحدة وحلفاء الناتو قد وضع البلاد على خلاف صارخ مع طالبان.


ونظرًا لأن نيبال هي الرئيس الحالي لرابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي (سارك)، يرى الخبراء والمحللون أنه يتعين عليها إقامة اتصالات مباشرة مع طالبان لإعادة ما تبقى من النيباليين إلى أوطانهم واحتواء أي توترات بين الحكومتين.


وقال الصحفي النيبالي الشهير كاناك ماني ديكسيت في تغريدة له على تويتر: "يجب على حكومة نيبال أن تقيم اتصالاً استباقيًا مع نظام طالبان لضمان سلامة مواطنيها في أفغانستان"، مطالبا المجتمع المدني النيبالي إلى محاولة "التواصل وتقديم ملاذ آمن للصحفيين الأفغان والمواطنين ونشطاء حقوق الإنسان إذا تطلب الأمر."


وأضاف أن نيبال، بصفتها الرئيس الحالي لرابطة (سارك)، يجب أن تسعى إلى إشراك كابول في الرابطة، كما يجب توفير خدمة "التأشيرة عند الوصول" المتاحة لجميع مواطني دول جنوب آسيا الأخرى للمواطنين الأفغان أيضًا.


إلا أن السلطات النيبالية قررت اتخاذ موقف محايد بشأن نظام أفغانستان الجديد في الوقت الحالي، وربما تغير سياستها بما يمهد الطريق للعلاقات النيبالية الأفغانية في الأيام المقبلة حيث تركز الدولة الواقعة في جبال الهيمالايا حاليًا على إعادة مواطنيها.