رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

طرح النسخة العربية لكتاب «تحيا الحياة» لپينو كاكوتشي

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

عن دار صفحة سبعة للنّشر والتوزيع، صدرت حديثا النسخة العربية لكتاب "تحيا الحياة"، من تأليف پينو كاكوتشي، وترجمة معاوية عبد المجيد. 

وكشف عبد المجيد في تصريحات خاصة لــ"الدستور" عن ترجمته الأحدث "تحيا الحياة" مشيرا إلى أن: المكسيك وفريدا صنوان حاضران في كلّ مكان، وبينهما رابطٌ عميقٌ لا يتفكّك مَن يتردّد إلى ذلك البلد الكبير، يجد فريدا في كلّ زاوية منه. وجهها ذو الابتسامة المؤذية نوعًا ما والمتّشح بالنوستالجيا يظهر باستمرار، ويبرز في أدقّ تفاصيل الحياة اليوميّة، بما فيها الأشياء الخفيفة التي باتت تغزو حتى الأماكن الأشدّ خفاءً، من المقاصف إلى الأسواق، قد تصادف وجه فريدا على حقائب التسوّق أيضًا.

 وفي العاصمة، تلك المدينة الضخمة مترامية الأطراف، وجدت ذاكرتُها الفنيّة والإنسانيّة اهتمامًا لدى المؤسسات والأفراد على حدٍّ سواء، القادرين على إعلاء شأنها وصون ذكراها. ومن حسن حظّنا أنّ جزءًا من أعمال فريدا جُمِعَ في تشكيلاتٍ خاصّة: السيّدة دولوريس أولميدو، وهي من أكبر هواة جمع المقتنيات لأهداف خيريّة وتقديريّة، أصبح مقرّ إقامتها الجميل في جنوب مدينة المكسيك اليوم أحد أهمّ المتاحف في العالم. حيث تعيش فيه الكسلويزوينتل، وهي الكلاب الأزتيكيّة لفريدا، النادرة والعجيبة، وربّما كانت تحبّها بفضل هيئتها الغريبة تمامًا.

وفي مقدمته للكتاب يقول مؤلفه "پينو كاكوتشي": بالنسبة إليّ، كنت منذ زمن طويل أتعقّب آثار الأشباح العظيمة مثل تينا مودوتّي وناوي أولين، فوقع لقائي بفريدا منذ أوائل رحلاتي إلى المكسيك، حين كنت أقضي أيّامًا بحالها في البيت الأزرق الواسع لكي أتشرّب أجواءه، وأدقّق في كلّ تفاصيله التي قد تساعدني في تصوُّر أيّام وليالي ساكنته التي لا مثيل لها.

وبعد عدّة أعوام، اقترح عليّ الصديق أندريا شنتاتزو أن أكتب نصًّا مسرحيًّا لأربع شخصيّات: فريدا، دييجو، كريستينا وتروتسكي؛ وكان سيؤلّف الموسيقى بنفسه. مشروعٌ طموح لم يتحقّق لسوء الحظّ، على الرغم من التزام المنتج ماوريتزيو فيفيراتي. وبما أنّي لم أشأ الإبقاء على تلك الأصوات في الدُّرج، قرّرتُ أن أكثّفها في صوت فريدا وحده.

وعليه فإنّي ممتنٌّ للمشاورات التي أجريتها مع أندريا شنتاتزو لكي يرى هذا المونولوج النور، حيث كنّا نلتقي في مدينة بولونيا، في بيته الريفيّ، ما بين رحلة وأخرى لكلٍّ منّا. وبالأخصّ، كانت تعجبه فكرة أنّ المطر يشكِّل خلفيّةً لكلمات فريدا، وهكذا كان في هذا المونولوج أيضًا. فريدا هي روح المكسيك، تمثّل جذور أسلافه والتمسّك العنيد بالحياة رغم كلّ شيء: ولدت تحت المطر في بلدٍ يتميّز بزرقة سماواته وعلوّ مرتفعاته التي تهمين عليها أضخم البراكين، شهودًا صامتين على آلام هذا البلد ومآسيه.

في عام 2009، دعا المخرج جورجو جاليوني الممثّلة كيارا موتي لتأدية المونولوج على مسرح ليريتشي: وفي هذا الظهور اتّخذت فريدا صوتًا وجسدًا من موهبة كيارا موتي وأبهرت الجمهور. الكتابة عن فريدا تشمل ثلاثيًّا من النساء كُنَّ بطلات مدينة المكسيك في تلك الحقبة ذات الكثافة الإبداعيّة الفريدة من نوعها والمتمثّلة بما بعد الثورة: تينا مودوتي وناوي أولين عرفتا وصادقتا فريدا، مع أنّ عقبات الأهواء السياسيّة والخيارات الفرديّة فرّقت بينهنّ. لكنّ ذاكرة تلك الأعوام المضطربة ما زالت تربط بينهنّ في مخيّلتي. تتراءى لي تينا وفريدا وهما تتعارفان في ساحةٍ خلال إحدى المظاهرات، الأولى أنضج ولديها مثاليّات أقوى ستجرفها إلى إقصاء موهبتها الفنيّة، والثانية التي أعشتها الهالةُ الثوريّة التي تكلّل صديقتها، اعتمدتْها قدوةً تُتَّبع – لكنّها لن تتبّعها، لأنّ أكلة لحوم البشر سيلتهمون طوباويّات كلٍّ منهما – وفي أثناء ذلك أجد الثالثة ناوي منيعةً عن الأوهام السياسيّة ومستعدّة لتسليم أمرها لأوهامها الخاصّة، تدخل إلى بيت تينا وترى المرأتين بعينيها ذات اللمعان النادر والألوان المتقلّبة، بينما تشعر فريدا بنفسها صغيرة ومتألمة ومرتبكة أمام جمالها المبهر... ثمّ يبيّن المصير والموهبة والفطرة أنّ فريدا تختزن قوّة ذات إرادة سامية، ستجعلها نجمةً لا تأفل، دون أن تطغى قوّتها على عنفوان المرأتين. مختلفاتٌ في كلّ شيء، لكنّ روح المكسيك الموّحدة تجمعهنّ في خلال فترة شبابهنّ الأبديّة، لاسيّما أنّهن كُنَّ يتشاركن الحساسية والآلام والأحلام والخيبات والمحبّات والأحقاد.

ولد الكاتب پينو كاكوتشي عام 1955 ودرس الأدب والفلسفة في جامعة بولونيا. تخصّص في ترجمة الأدب الإسبانيّ وأدب أمريكا اللاتينيّة، لاسيّما الأدب المكسيكيّ حيث أقام في المكسيك فترات طويلة وتشرَّبَ أجواء هذا البلد. ترجم أعمالًا عديدة لكتّابٍ مرموقين مثل مانويل ريباس، وريكاردو بيجليا، وفرنسيسكو كولواني، وكلاوديا بينييرو، ورفاييل شيربيس، وغيرهم كثر. كرَّمه المركز الثقافيّ الإسبانيّ في روما ثربانتس عن مجمل ما قدَّمه في مجال الترجمة عن الإسبانيّة عام 2003. كما ألّف روايات عديدة حاز معظمها على جوائز مهمّة وتقدير واسع، مثل جائزة مايستفيست عام 1988، وجائزة أفضل روبرتاج أجنبيّ عن المكسيك عام 1997، وجائزة إمليو سالجاري عن أدب المغامرات عام 2010، وجائزة مينرفا الأدبيّة عام 2012. ومن رواياته نذكر: آوتلاند روك، غبار المكسيك، لا ندم في جميع الأحوال، ميناء إسكونديدو، قلب مفرط، الحيتان تعلم، لا أحد يأتيك بزهرة... وغيرها. وقد عمل في إعداد سيناريوهات لمسلسلات تلفزيونيّة وأفلام سينمائيّة حتّى مدحه المخرج الإيطاليّ الشهير فيديريكو فيلّيني قائلًا: «كاكوتشي حِرَفيٌّ بارع، صانعٌ ماهرٌ للحبكات والأجواء والشخصيّات».