رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اللعوب.. قصة تشيخوف عن أوليجا والطبيب وعدم الرضا بالمتاح

تشيخوف
تشيخوف

السعادة الحقيقية تكمن فى الرضا، وقبول المتاح والمقسوم، وليس فى المال أو النفوذ أو الشهرة. كما أن الأخلاق هي العمود الفقري للأسرة التى هي نواة المجتمع والتى أن صلحت صلحت الأمة بأسرها وإن فسدت فسدت الأمة وهلكت. هذا ما أراده الكاتب الروسي الكبير أنطون تشيخوف فى قصته اللعوب. وكأنه يشعل شمعة فى وسط الظلام حتى يعرف المجتمع الروسى أن صلاحه يبدأ من الأسرة، فمن المعروف أن تشيخوف ومن قبله تولستوى كانا يكتبان من أجل رفعة روسيا بل من أجل الإنسانية جمعاء، وفى قصة اللعوب يحمى تشيخوف عن الشابة أوليجا التى تهوى الرسم والعزف وحب المشاهير. وفى الحقيقة كان هؤلاء المشاهير يحبون أوليجا لخفة ظلها ورشاقتها وأحيانا لأنهم كانوا يرون فيها فنانة لم تكتشف بعد. تزوجت أوليجا من الطبيب ضيموف. وهو شاب فقير مجتهد وخلوق كان يعالج والدها قبل موته ثم دام الوصل بينها وبينه فتزوجته. كانت اوليجا تستضيف بعض المشاهير من كتاب وعازفين وممثلين  فى بيتها وكانت دوما ما تحاول أن توضح لهم أن ضيموف وسيم وأنيق وطيب ربما لأنها كانت تعتقد أنه أقل منهم شهرة ومالا ومكانة، إلا أنهم لم يكترثوا إلى هذا، يدخل بنا تشيخوف إلى منعطف آخر فى قصة اللعوب حيث اعتراف الرسام ريابو فيسكى لها بحبه ولما سألته وضيموف؟ قال إنه لا وجود له إن ضئيل جدا بل إن ريابوفيسكى وبخها لأنها تزوجت هذا الشاب الذى لا يعرف شيئا من الفنون ولا يفهم إلا فى الطب والتشريح والموت. انزلقت قدم أوليجا فى الخطيئة.

ولما نال الرسام منها نظر إلى غيرها فأكلتها الغيرة فلاحظ زوجها الطيب المسكين  تغير حالتها المزاجية فشك فى أمرها. وكتم ذلك فى نفسه، ينهى تشيخوف قصته بموت الطبيب مصابا بالدفتيريا. على عكس ما يتوقع القارئ بأن المرض سيصيب الزانية، وهذا يحسب لتشيخوف الذى يأخذك فى منطقة أخرى تخالف التى وردت فى ذهنك. بين لنا تشيخوف أن الزوج الطيب منعها من الدخول عليه حتى لا تصاب بالعدوى. تأكيدا على نقائه وصفاء سريرته. لتبقى اوليجا بين حائرة خائرة الموت والحياة لا تستطيع بلوغ أيهما ليرحمها من عذاب الضمير.