رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«كولديرات الموت».. القتل صعقًا بحثا عن شربة ماء بارد

الكولديرات القاتلة
الكولديرات القاتلة

كوب ماء مثلج من “كولدير” الكائن بأحد الشوارع يمثل في موجة الحر الملتهبة التي تشهدها البلاد نَفَس الحياه الذي يبحث عنه المواطن الذي أحرقته أشعة أشمس، وجففت رمقه، ليستطيع بعدها أن يُنقذ نفسه من إغماء العطش الذي أوشك عليه. 

إلا أنه بدلًا من أن يرتوي من ذلك "الكولدير" ويستطيع استكمال طريقه، إذ به تصعقه الكهرباء فترديه قتيلًا وهو مازال ظمآنًا..هذا الأمر يتكرر نتيجة انتشار كولديرات أهمل مسئولون فى صيانتها فصعقت الشاربين لتسمى"كولديرات الموت". 

“ الدستور” نفتح ملف الكولديرات القاتلة، أسباب انتشارها، وطرق الحد من ضحايا كوب الماء وتجولت بعدد من شوارع  "حدائق المعادي" بالقاهرة رصدت حالات لبعض "الكولديرات"، أغلبها أصابه الإهمال ومعطلة، بعضها يتسرب منه الماء والبعض الآخر أسلاكه عارية، كذلك الأمر تكرر في عدد من المناطق مثل شبرا ودار السلام.


مهندس: غياب الصيانة.. كارثة
وأكد المهندس أحمد أمين صاحب إحدى شركات تركيب "مبردات المياة" أن معظم الأشخاص يختارون أماكن خاطئة لتركيب "الكولديرات" كاختيارهم لأماكن الوضوء والحمامات التي يتواجد بها الماء بصفة مستمرة، والتي يشكل تواجدها بالقرب من مصدر كهربائي خطرًا كبيرًا، موضحًا أنه من الوارد أن يتعرض " الكولدير" لحدوث "قفلة" الأمر الذي يؤدي لحدوث صعق بالكهرباء لمن يلامسه.

وأضاف أنه لابد من تركيب" فيوز" أعلى من قدرة جهاز المبرد حتى يمكنه العمل كوسيلة عزل في حالة حدوث "قفلة" بأحد الأسلاك، مشيرا إلى أن أحد أسباب التعرض لأخطار الصعق بالكهرباء بسبب "كولديرات" منشرة بالشوارع هي عدم القيام بأعمال الصيانة اللازمة، وتركها تسّرب الماء دون البحث وراء هذا السبب، الذي يعد أحد اسباب الكوارث موضحًا أنه قد يحدث عطل بالمبرد يؤدي إلى زيادة المياة بالخزان الخاص به، وسقوطه على المروحة والموتور مما ينتج عنه صعق من يلامس هذا المبرد على الفور والتسبب بموته، مؤكدا على ضرورة المتابعة الدورية للمبردات، وعدم تجاهل أعطالها.

حي الزيتون: الأحياء غير مسئولة عن إنشاء الكولديرات

صرح محمد عبد الهادي سكرتير حي الزيتون لـ"الدستور" أن الأحياء غير مسئولة عن إنشاء "الكولديرات"، كما أنها غير مسئولة عن متابعة أعمال الصيانة الدورية الخاصة بها، فهي مسئولية صاحبها، متابعا أن الحي ينحصر دوره في إزالة المعطّل منها، والذي جرى تركه فترات طويلة دون إصلاح.

توصيل المياه مخالف
واستكمل عبد الهادي حديثه قائلًا إن الجهة الرسمية المسئولة عن الإشراف على هذه المبردات هي شركات المياه، والتي لابد أن يحصل من يرغب بإنشاء الكولدير على تصريح منها لتوصيل المياه لها قبل التركيب، موضحا أن ما يحدث على أرض الواقع مخالف لهذا تمامًا، فمن ينشئ المبرد لا يحصل على أي ترخيص من أي من الجهات الحكومية، بل يكتفي بشراء المبرد، وتركيبه، ويعتمد في توصيل المياه من مواسير منزله، فالجميع يعتبره عمل خيري يقصد به وجه الله، لذا يسارع للتعاون والتبرع لأجله، وهو ما وصفه بالأمر المخالف، وغير القانوني على الإطلاق فلابد أن تسير أمور تركيب الكولديرات بطرق رسمية، وليس بتلك الطرق العشوائية التي تؤدي إلى حدوث الكوارث.


شركة المياه: توصيل مياه الكولدير من المياة العمومية سرقة
أكد المهندس محمد مفتاح رئيس مجلس إدارة شركة مياة الشرب والصرف الصحى بكفر الشيخ" للدستور"، أنه يتم استخراج إذن توصيل مياه لكافة "الكولديرات" قبل تركيبها، كما أن الشركة تعمل على إزالة المخالف منها على الفور، موضحًا أن كل مبرد جرى تركيبه دون تصريح بتوصيل المياه من الشركة يعد مخالفًا للقانون، مشيرا إلى أن توصيل المياه من المساجد أو المنازل إلى المبردات يعد أيَضًا من الأمور المخالفة، فلابد من تركيب عداد مياة خاص "بالكولدير"، يُسجل قراءات استهلاك المياه بعيدًا ويسدد من قام بتركيب "الكولدير" قيمة هذه الفواتير موضحًا أن أي توصيل يتم للمبردات مخالفًا لهذا يعد سرقة للمال العام، ولا يعد صدقه على الإطلاق.

 

جديرًا بالذكر أن الكولديرات الصاعقة كان لها عدد من الضحايا بينهم الطفل محمود حسن 7 سنوات من المنصورة، الذي قتل صعقًا بالكهرباء ،عندما خرج إلى الشارع ليلعب مع أصحابه، تملكه العطش ليذهب إلى أحد ثلاجات المياه الكائنة بالشارع المجاور قاصدًا كوبًا من الماء، إلا أنه لم يكن يدري أنه الكوب الأخير،ليفاجئ به أصحابه وهو يصرخ صرخةً مدوية، صاحبها تخبطه يمينًا ويسارًا بارتجاف ورعشه في كامل جسده أدت في النهاية إلى سقوطه متوفيًا، وهناك ضحايا ثلاجات الموت جذبتهم تلك الثلاجة بأمل الكوب المثلج، ليجدوا الموت صعقًا في انتظارهم،  وذلك دون الوصول إلى الكوب المرجو.