رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أوراق الكرملين».. كيف وصل ترامب للسلطة فى 2016 بمساعدة روسيا؟

ترامب
ترامب

في شهر يناير من عام 2016، كانت أمريكا تتصالح مع ما كان يبدو في السابق عدوا لدودا، وهي روسيا، وقبل هذا التوقيت كان دونالد ترامب في طريقه ليصبح مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة، ورحب البعض بهذا الاحتمال الدائر، بينما وجد آخرون في المؤسسة الجمهورية "حالة رعب"، أما ترامب فكان في حالة ثقة كبرى، حيث قال لمنافسه تيد كروز، في مناظرة على قناة "فوكس نيوز": "لدى شعور بأن الأمر سينجح بالفعل". 

وحسب صحيفة "الجارديان" البريطانية، فلم يمر صعود ترامب المذهل والمربك مرور الكرام في روسيا دون علم الجمهور الأمريكي، حيث كان محاميه الشخصي مايكل كوهين على اتصال بمكتب السكرتير الصحفي للكرملين، وتوسل كوهين للمساعدة في بناء فندق فخم في موسكو- حلم ترامب منذ عقود.

في هذه الأثناء، قال ترامب أشياء مبهجة عن فلاديمير بوتين، الشخص الذي تحدث عنه بعض السياسيين الأمريكيين البارزين باعتباره قاتل المخابرات السوفيتية (KGB)، ويقول ترامب: "ألن يكون رائعًا أن نتفق مع روسيا".

وأمضت صحيفة "الجارديان" شهورًا في السعي للتحقق من صحة الأوراق التي قد توفر إجابة عن هذا السؤال.

وكشف التحقيق عن أن وكالات المخابرات الغربية كانت على علم بالأوراق السرية في الكرملين- وتقوم بفحصها- لبعض الوقت.

وتشير الأوراق إلى أنه مع تقدم ترامب، كانت مجموعة من المحللين داخل الإدارة الروسية تضع اللمسات الأخيرة على ورقة سرية.

وكان عنوان الوثيقة لطيفًا بدرجة كافية: "تقرير عن تعزيز الدولة واستقرار موقف روسيا في ظل ظروف القيود الاقتصادية الخارجية"، وتصف كيف كان قسم الخبراء في فريق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحث على خطة متعددة الطبقات للتدخل في السباق على البيت الأبيض ويعد الهدف منها زعزعة استقرار أمريكا.

وتم تقديم هذه الخطة على أنها دفاعية بالكامل، بعد أن ألحقت إدارة أوباما الضرر بالاقتصاد الروسي من خلال فرض العقوبات. 

وقال التقرير إن مستويات المعيشة آخذة في الانخفاض، والنخب الإقليمية غير سعيدة، وتلاشى الحماس الشعبي من ضم بوتين لشبه جزيرة القرم عام 2014. 

وقالت الأوراق إن المسار المعقول من وجهة نظر موسكو هو اتخاذ إجراءات من شأنها أن "تضغط" على أمريكا لتخفيف أو إلغاء العقوبات المعادية لروسيا.

وتشير الوثائق إلى أنه في 14 يناير، شارك فلاديمير سيمونينكو، كبير الخبراء، ملخصًا من ثلاث صفحات، قال فيه: "في الوقت الحالي، يجد الاتحاد الروسي نفسه في مأزق، حيث ما تزال الإجراءات الأمريكية محسوسة في جميع مجالات الحياة العامة"،  وبعد ذلك، أمر بوتين رئيس مديرية السياسة الخارجية، ألكسندر مانزهوسين، بترتيب اجتماع عاجل لمجلس الأمن القومي، أعلى هيئة لصنع القرار في روسيا. 

وبحلول 22 يناير، أتيحت الفرصة لأعضاء مجلس الأمن الآخرين لفهم محتويات الوثيقة، تناول الجزء الأول الاقتصاد الروسي، والإجراءات الأمريكية السرية التي وردت في قسم خاص يبدأ في الصفحة 14.

ويبدو أن التقرير يؤكد ما سينفيه ترامب لاحقًا، بأن وكالات التجسس التابعة لبوتين قد جمعت مواد مساومة عليه، "ربما تعود إلى عهد السوفييتات KGB".

وقالت الصحيفة إن التقييم غير الممتع لشخصية ترامب استند إلى أدلة مستمدة من ملاحظة سلوكه أثناء الرحلات إلى روسيا.

وسافر ترامب للمشاركة في مسابقة ملكة جمال الكون لعام 2013، وعندما أقام في فندق ريتز كارلتون في موسكو، وجدت لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ في وقت لاحق أن وكالة FSB التابعة لبوتين كان لديها كاميرات تجسس في غرف الضيوف، وضابط متفرغ في المبنى.

ويبدو أن التقرير يؤكد أن ترامب كان قيد المراقبة، على الرغم من عدم ذكر أي تواريخ أو مواقع، وورد بالوثيقة: "بالنظر إلى بعض الأحداث التي وقعت أثناء إقامته على أراضي الاتحاد الروسي (الملحق 5- الخصائص الشخصية دونالد جيه ترامب، الفقرة 5)، فمن الضروري بشكل عاجل استخدام جميع الوسائل للترويج لانتخابه لمنصب رئيس الولايات المتحدة".

وتشير الأوراق، التي اطلعت عليها صحيفة "الجارديان"، إلى أنه بعد اجتماع مجلس الأمن شكّل بوتين لجنة خاصة مشتركة بين الإدارات برئاسة حليفه المقرب سيرجي شويجو، وزير الدفاع الروسي، وكان شويجو في القيادة العامة للعملية للتأثير على الانتخابات الأمريكية لعام 2016. 

وطُلب من المخابرات العسكرية GRU والاستخبارات الأجنبية SVR وFSB إعداد خطوات عملية فورية للمساعدة في تحقيق السيناريو المفضل للتقرير وهو انتصار ترامب.

وانتقل فريق من المتسللين السيبرانيين GRU إلى برج زجاجي مجهول في شمال غرب موسكو، وعملوا بشكل وثيق مع زملاء GRU في مبنى في وسط المدينة، وتم إرسال أول رسالة بريد إلكتروني للتصيد الاحتيالي في 19 مارس إلى جون بوديستا، رئيس حملة هيلاري كلينتون.

وكما تصور التقرير بشكل صحيح، أصبحت رسائل البريد الإلكتروني المسروقة والمُلقاة "فيروسًا إعلاميًا"، يصيب الحملة الديمقراطية ويضعفها، ويصل إلى ملايين الناخبين الأمريكيين عبر فيسبوك وتويتر.

بحلول الخريف، كان الرئيس أوباما مقتنعاً بأن بوتين وافق شخصياً على عملية القرصنة، والتي تعتقد كلينتون أنها كلفتها الرئاسة. 

وفي أكتوبر 2016، احتج أوباما مع نظيره الروسي في مكالمة هاتفية، قائلاً لبوتين إن تدخله في الانتخابات كان "عملاً حربياً".

 ووصف تقرير عام 2019، الذي أعده المستشار الخاص روبرت مولر، عملية الكرملين بأنها "كاسحة ومنهجية"، وفي عام 2020، قالت لجنة المخابرات في مجلس الشيوخ من الحزبين إنها كانت "عدوانية ومتعددة الأوجه".