رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الدفعة «٥١» طب بنات الأزهر!

فور سماعه نبأ نجاح ابنته الطالبة فاطمة، وحصولها على تقدير"جيد جدا" قرر الحاج عبدالعزيز إقامة حفل فني كبير تعبيراً عن فرحته وابتهاجاً بالحدث السعيد، الأمر نفسه تكرر في منزل السيد عمر، والد الطالب عادل، الذي تمكن هو الآخر من اجتياز الامتحانات بنجاح، ولكن بتقدير "جيد بس"!

كان هذا مشهد من فيلم «الأستاذة فاطمة»، الذي أنتج في مصر سنة ١٩٥٢، وقامت ببطولته الست فاتن حمامة والأستاذ كمال الشناوي، والقديران عبدالوارث عسر، وعبدالفتاح القصري، وأخرجه فطين عبدالوهاب، عليهم جميعاً من الله الرحمة.

المشهد اليوم في مصر ٢٠٢١ تغير تماماً عن الذي شاهدناه في الفيلم العربي القديم، واختلف بطبيعة الحال عن كل ما عايشناه طيلة سنوات عمرنا الفائت كله، كونه مشهدا واقعيا لم يكتبه مؤلف، أو يقوم بإخراجه مخرج! 

البطولة فيه جماعية، بطلاته هن طالبات كلية الطب في جامعة الأزهر العريقة، وتحديداً الدفعة «٥١» طب بنات الأزهر، اللاتي ذاكرن واجتهدن ونجحن وتخرجن، وبدلاً من أن يُقمن حفلا كبيرا للاحتفال بالتخرج، قمن بجمع ١٨٥ ألف جنيه تبرعن بها ودفعنها لشراء جهاز للغسيل الكلوي بمستشفى سيد جلال، في لفتة كريمة توجب علينا أولاً تقديم التهنئة والتحية اللازمة لهن، ومن بعدها إسداء الشكر الواجب لمن أنجبوهن، وأدبوهن فأحسنوا التأديب، وأكرموا مثواهن من آبائهن الأفاضل وأمهاتهن العظيمات، وأساتذتهن المبجلين! 

ما فعلته طالبات الأزهر، فضلاً عن كونه لفتة جميلة وموقفا وتصرفا إنسانيا شديد النبل، يفتح الباب أمامنا ويدعونا إلى مراجعة أنفسنا، والتفكير في تغيير بعض أنماط حياتنا التي من بينها، وعلى رأسها وفي مقدمتها، بعض طرقنا في الاحتفال، وأساليبنا في إظهار المشاعر، بل وإقامة الشعائر!

وسنقولها بكلمات أبسط لنراعي أفهام أهلنا البسطاء...

لماذا لا نقتصد في الإنفاق على حفلات الخطوبة والزواج وأعياد الميلاد وافتتاح المحال..
إلى غيرذلك من المناسبات، لنعد إنفاق ما وفرناه في سبيل إرضاء الله؟ كأن نساعد به المحتاجين، أو نفرج به عن الغارمات أو الغارمين، أو نسهم في إقامة مشروعات ينتفع بها المجتمع، وتفيد أهلنا الطيبين؟

لماذا يسرف البعض في الإنفاق على حفلات الزفاف، ويدفع الملايين للراقصة فلانة أو المطرب فلان؟ لماذا نتوسع في إقامة سرادقات العزاء، واستئجار كبار القراء من أجل تأبين الأموات؟

وبماذا سيستفيد الأموات لو نظمنا لأجلهم حفلات التأبين وأقمنا السرادقات؟

ألم يخبرنا رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم، وهو الصادق الأمين الذي لا ينطق عن الهوي، بأن ابن آدم إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له؟

لماذا لا نوفر أموال السرادقات من أجل شراء الأجهزة الطبية والمعدات للمستشفيات والمستوصفات، كصدقة جارية على أرواح الأموات، الذين ستصل إليهم بإذن الله دعوات كل البسطاء، من المرضى المستفيدين والمستفيدات.

حفظ الله بلدنا ونصر قائدنا وزعيمنا قائد جمع الحق والإيمان.