رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

احسان عبد القدوس يكشف الدوافع الأولية لاختيار موضوعه الروائي

إحسان عبد القدوس
إحسان عبد القدوس

كان للكاتب والروائي الراحل إحسان عبد القدوس (1 يناير 1919 - 12 يناير 1990) معارك سياسية في قصصه ورواياته التي كتبها، ولم يكن يكتب ليعرف رأي النقاد، بل كان يكتب للناس فقط.

وفي حوار له بمجلة "الدوحة" بعددها رقم 11 الصادر بتاريخ 1 نوفمبر 1976، كشف عن صراع الروائي والسياسي في تكوين شخصيته، وإلى أي مدى تحل هذه الثنائية التي يتفرد بها، قائلا: السياسة والرواية يتحدان عندي في إطار واحد، وهو تطلع الواقعية إلى الأماني الخيالية، ولا أقصد الخيالية بما لا يمكن تنفيذه، ولكن أقصد الخيالية الطموح لتخطي الواقع في الحاضر.

وتابع: فكاتب القصة يعيش الواقع ويحاول أن يطور في خياله إلى صورة جديدة، وكذلك السياسي يعيش الواقع ويحاول أن يطوره إلى صورة جديدة، أو صورة أخرى، إنما الفرق الوحيد هو الفرق في مسئولية السياسي، والقصصي، فمسئولية الفكر السياسي هي مسئولية مباشرة، أي أنه مسئول عن تنفيذ أفكاره، أما فكر القصصي فهي مسئولية غير مباشرة، أي أنه قد يعمد بأفكاره إلى أناس غيره ليقوموا بتنفيذها.

واستطرد: الفرق بيني ككاتب سياسي، وككاتب قصة، هو أني أتمتع بحرية أكبر، وانطلق إلى آفاق أوسع عندما أكتب القصة، عني عندما أكتب في السياسة، لأني ككاتب قصة أتقيد بحرفية الواقع، كما أني لا أتقيد بمجرد الفكرة، لأني أخلط الفكر بالإحساس، وأترك الإحساس يسيطر على الفكر، كما أني أترك الخيال يسيطر على الواقع.

وعن الدوافع الأولية لعملية اختيار الموضوع الروائي عنده، أوضح: الرواية عندي تولد من خلال تجربة تقودني إلى رأي، وأكتبها للتعبير عن هذا الرأي، والسياسة عندي نفس الشيء أعبر بها عن معاناة ورأي، مستطردا: أن نقطة البدء عندي ليست الرواية ولا السياسية، ونقطة البدء دائما رأي أتوصل إليه فإذا ارتسم في ذهني في صورة قصة كتبت قصة، وإذا ارتسم في ذهني صورة مقال كتبته مقالا، ولعلني أعاني لذلك نوعا من الانقسام أو الصراع بين انفعالية الفنان وعقلانية المحلل السياسي، وفي اعتقادي أني أبحث عن الحل لهذا التناقض المثير في كلمات محددة، وهي أنني حين أكتب الرواية أعيش السياسة، وحين أكتب السياسة أعيش في عالم الرواية.

وأضاف: ولكن ما يعزيني هو أنني - كأبناء جيل الأربعينات الذي أنتمي إليه - أصدر في كل ما أكتب عن مبادئ عامة وسياسية واجتماعية وأخلاقية، لا يهتز إيماني بها أبدا ولا أساوم عليها، لقد ترسبت هذه المبادئ في وجداني وعقلي عبر عديد التجارب والمواقف الخاصة والعامة في كل الأزمات التي عشتها حتى الآن، وأعتقد أني اكتشفت فيها سر بقائي متماسكا، والكاتب السياسي لن يرضى عن نفسه في البداية والنهاية إلا إذا كان صادقا مع نفسه.