رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«نيويورك تايمز»: كورونا يجتاح الدول الفقيرة بينما الغنية تعود إلى الحياة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

رصد تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية التباين الحاد بين وضع الدول الغنية التي بدأت تعود إلى الحياة الطبيعية بعد إحراز تقدم في تطعيم سكانها ضد فيروس كورونا، ووضع الدول الأفقر التي يجتاحها الفيروس وتجد صعوبة في الحصول على اللقاحات.

وذكر التقرير، الذي نشرته الصحيفة اليوم الأربعاء، أنه برغم الوعود التي أطلقتها دول العالم المتقدم مبكرًا، فقد فعلت القليل لتعزيز التطعيم ضد (كوفيد-19) على الصعيد العالمي، فيما يصفه محللون بأنه فشل من الناحيتين الأخلاقية والوبائية.

ففي كثير من أنحاء العالم المتقدم، ارتفعت طلبات اللقاحات إلى مليارات الجرعات، فيما تتراجع حالات (كوفيد-19)، وتستعد الاقتصادات لاستعادة الحياة وينشغل الناس بالترتيب للإجازات الصيفية.

أما في العديد من الدول الأقل تقدمًا، يتفشى الفيروس، ويخرج أحيانًا عن السيطرة، فيما تسير التطعيمات ببطء شديد لا يمكن معه حتى حماية الأشخاص الأكثر ضعفا، وفقا لتقرير لصحيفة.

وأضاف التقرير أنه لم يكن من المفترض أبدًا أن تكون تلك الشاشة المنقسمة صادمة إلى هذا الحد، إذ تظهر على جانب منها النوادي والمطاعم التي أعيد فتحها في الولايات المتحدة وأوروبا، بينما على جانبها الآخر يظهر أناس يلهثون للحصول على الأكسجين في الهند. فحوالي 192 دولة انضمت العام الماضي إلى برنامج "كوفاكس" العالمي لتقاسم اللقاحات، وضخت مؤسسة "جيتس" 300 مليون دولار في مصنع هندي لإتاحة جرعات اللقاح لفقراء العالم. وقال الرئيس التنفيذي للاتحاد الأوروبي أمام قمة عالمية في يونيو الماضي: "التطعيم حق إنساني عالمي".

واستدركت الصحيفة، قائلة "لكن الفيروس ينتشر بسرعة أكبر من أي وقت مضى، مدفوعًا إلى حد كبير بالمكاسب التي تحققت في أمريكا الجنوبية والهند، وتعثر الحملة الرامية لتطعيم العالم".

فالهند، التي تعد مصدرًا مهمًا للقاحات في الأوقات العادية، أوقفت الصادرات لأنها تكافح ارتفاعًا قياسيًا في الفيروس وأزمة إنسانية متزايدة، ما أدى إلى تأخير الشحنات بالغة الأهمية، نظرًا لأن الهند تنتج غالبية إمدادات "كوفاكس".

وفي البرازيل، يموت الآلاف يوميًا، لم يتلق المسؤولون سوى عُشر كمية جرعات لقاح "أسترازينيكا" التي وعدوا بالحصول عليها قبل منتصف العام.

وفي بلدان مختلفة مثل غانا وبنجلادش، التي استهلكت إمداداتها الأولية من اللقاحات، لم يكن المحظوظون القليلون الذين حصلوا على الجرعة الأولى متأكدين من موعد تلقيهم للأخرى.
وتتعدى المشكلات مسألة توفر اللقاحات وحدها إلى المشكلات اللوجستية عميقة الجذور والتردد في أخذ اللقاحات، وهو موروث له جذور تعود إلى الحقبتين الاستعمارية والإمبريالية، وفقا للتقرير.

وقدرت منظمة "كير" العالمية غير الربحية أنه مقابل كل دولار يتم إنفاقه على جرعات اللقاح، هناك حاجة إلى 5 دولارات أخرى لضمان وصولها من مدارج المطارات إلى أذرع الأشخاص. وفي غياب التمويل الكافي للعاملين الصحيين منخفضي الأجور وللتدريب على التطعيم، تقبع الكثير من الجرعات القليلة التي تم تسليمها في المستودعات، فيما تقترب سريعًا تواريخ انتهاء صلاحيتها.

ولفت التقرير إلى أن تعثر الطرح العالمي للقاحات يترتب عليه عواقب كارثية. فالدول غير الملقحة يضربها الفيروس حاليا بعنف، ويمكن أن تظهر سلالات جديدة في مستودعات العدوى الخارجة عن السيطرة، ما يطيل أمد الجائحة بالنسبة للدول الغنية والفقيرة على حد سواء. ومن المتوقع أن يعاني الاقتصاد العالمي من خسائر تقدر بتريليونات الدولارات.

ومع ذلك، وعلى الرغم من تصميم زعماء العالم على تصحيح أخطاء الماضي- وأحدثها، ندرة لقاحات أنفلونزا الخنازير في الدول الفقيرة خلال جائحة عام 2009 - فإن الصعوبات التي تواجه حملة التلقيح الحالية شديدة"، على حد قول الصحيفة.

وأوضح التقرير أنه عندما اندلعت الجائحة العام الماضي، كان برنامج "كوفاكس" يفتقر إلى الأموال، ما جعل من المستحيل له أن يتنافس مع الدول الأكثر ثراءً في إبرام عقود اللقاحات. 

وفي الآونة الأخيرة، منعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والهند البعض على الأقل من الصادرات المتعلقة باللقاحات، تاركة المناطق التي لا تصنع جرعاتها بنفسها معتمدة على تلك التي تفعل ذلك.

وفي الآونة الأخيرة، بدأت الدول الغربية تعد بتقديم لقاحات للعالم النامي، ومن ذلك 60 مليون جرعة "أسترازينيكا" من الولايات المتحدة، ومليون جرعة "أسترازينيكا" من السويد.

 لكن هذه "التبرعات" هي بمثابة قطرة في بحر، واتصف التخطيط لها في بعض الحالات بالعشوائية، ما يترك أمام البلدان القليل جدًا من الوقت لإعطاء الجرعات.

وذكر التقرير أنه حتى مع قيام الدول الغنية بتلقيح مواطنيها، فإنها قد تبدأ في إدخار قدرتها على صنع اللقاح من أجل جرعات معززة تنشرها ضد السلالات الجديدة، ما يمثل ضربة أخرى للدول التي تفتقر إلى قواعد إنتاجية.