رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قرارات

في العقدين اللي فاتوا، اتخلق ولع بـ الأرقام القياسية، وبعضها اتحول لـ "ألقاب" رسمية، بـ غض البصر عن تفاصيل هذا الرقم، ولا دلالته، ولا كيف تحقق، ولا أي حاجة، رقم سلبوتّة كدا في المطلق.
ثم حصل نتيجة دا ولع بـ التجميع، وجنوح إلى لم الشامي ع المغربي، وأبو قرش على أبو قرشين، فـ دا هـ يأثر على كثير من القرارات، لم يكن اللاعب أو المدير الفني يتخذها في الأحوال الطبيعية لـ كرة القدم.
مثلًا، الاعتزال، إمتى كان اللاعب بـ يعتزل؟ "الطبيعي" إنه دا يحصل لما اللاعب يفقد القدرة، أو يفقد الدافع، أو يفقد الاتنين.
هـ نأجل حكاية القدرة شوية، نركز ع الدافع، حسن الشاذلي ومصطفى رياض اعتزلوا ليه؟ حسن شحاتة اعتزل ليه؟ طاهر أبوزيد اعتزل ليه؟ لـ إنهم فقدوا "الدافع". اللاعيبة دول وغيرهم، وقت ما اعتزلوا كانوا يقدروا يكملوا شوية كمان، ويمكن كمان شويتين، بس مفيش "دافع". خلاص، مفيش حاجة تانية تتعمل.
الشاذلي ومصطفى رياض سجلوا زربيحة أهداف، هم ما يعرفوش كام، بس كتير أوي. حققوا لـ الترسانة لقب الدوري، هداف الدوري بدال المرة خمسة ولا ستة، خلاص.
حسن شحاتة كمان كدا، "المعلم" اعتزل بدال المرة تلاتة، والجماهير تضغط عليه يكمل، فـ يرجع شوية، ويعتزل ويرجع، والموسم اللي اعتزل فيه نهائيا، سجل هدف مايسجلوش شاب عنده 23 سنة، من حيث اللياقة والحيوية، بس اعتزل.
طاهر أبو زيد لما الأهلي مشاه، لـ أسباب غير فنية، كلموه في الإسماعيلي، ووافق، وهو رايح الإسماعيلية بـ العربية، في نص الطريق شاف يو تيرن، قام راجع. قابلته مرة في قعدة كدا، قال لي: حسيت إنه "مالهاش لازمة".
من حيث القدرة بقى، كان فيه لاعيبة تفقد القدرة على الاستمرار في مكانها، بس ما زالت قادرة على اللعب في تصنيف أقل شوية (مع احترامي لـ الجميع) زي إنك ما تستمرش في الأهلي أو الزمالك، بس تروح المقاولين أو الجونة أو الإنتاج الحربي، أو أي نادي تاني.
دول كمان كانوا غالبا بـ يعتزلوا، ما أفتكرش زمان لاعب خصوصا لو نجم، كبر شوية في السن، فـ راح نادي تاني.
لما ظهر الاحتراف ثم تضخمت العقود، خلقت دافع لـ الاستمرار، حتى لو مش في مكانك، اللي هو بدال ما تعتزل دلوقتي، تلعب لك موسم ولا موسمين في أي حتة، وما تعتزلش غير لما تشطب خالص.
حكاية الفلوس دي مفهومة، إنما ظهر حاجة تانية، وهو إنه اللاعب ما يعتزلش بس عشان "يزود" أرقامه، أو يكسر الرقم الفلاني.
يعني حسام حسن مثلا، إيه لازمة آخر تلات مواسم لعبهم؟ لا هو أضاف لـ المصري، ولا الترسانة، ولا هم أضافوا له، ولا الفلوس اللي خدها كانت فارقة، لـ إنه حاجز مقعده كـ مدير فني غالي، من قبل ما يعتزل بـ شويتين. بس فكرة "الرقم"، خصوصا رقم الشاذلي، كانت مسيطرة عليه.
أنا الهداف التاريخي
أنا الهداف التاريخي
محمد عبد المنصف مستمر ليه؟ الرقم، بس الرقم.
اللي عايز يبقى "أكبر" لاعب شارك في كذا، واللي عايز يبقى "أكتر" لاعب عمل كذا، ودا عايز يوصل لـ رقم كذا هدف، والظاهرة دي لسه في بداياتها، وياما لسه هـ نشوف.
من الحاجات التانية اللي بـ يخلقها الولع بـ الأرقام القياسية، خصوصا الضخمة منها، قرار المشاركة في المباريات ذاته. بـ معنى إنه أي لاعب، خصوصا النجوم الكبار، أو اللي بـ يلعبوا في أندية كبيرة، ومنتخبات مصنفة، كان بـ يبقى أميل لـ تجنب المشاركة عمال على بطال، منها إراحة، ومنها خوفا لـ الإصابة، سواء إنه ما يشاركش في المباراة خالص، أو إنه ما يشاركش طول المباراة.
إنما قول لي بـ الله عليك، البرتغال بـ تلاعب أندورا ولا بنما، وماتش ودي مالوش تلاتين لازمة، رونالدو يشارك فيها ليه؟ ويلعبها كاملة كمان، لولا إنه عايز "يزود" أرقامه، اللي هي والله ما محتاجة زيادة.
دا راجل مسجل في دوري الأبطال 131 هدف، أنا مش ضد إنه كل لاعب يسعى لـ المزيد، بس المزيد دا، يبقى له معنى ودلالة، ويمثل إضافة حقيقية، مش مجرد رقم مصمت يتداوله البشر، دون التفكير في محتواه؟
كمان كلنا فاكرين لما حسام البدري موسم 2017 – 2018، صمم يكمل بـ كامل طاقة الفريق، عشان يكسر أرقام قياسية في الدوري، الأرقام اللي عايز يكسرها أساسا الأهلي هو اللي محققها، رغم حسم اللقب مبكرا.
دا غير ضربات الجزاء، المفروض إنه قرار مين يسدد البنالتي، بتاع المدير الفني، وبـ ياخده على أسس وحسابات تخصه، وبناء على اللي يشوفه في التدريبات.
إحنا كان بـ يبقى عندنا في الملعب أبو تريكة وعماد متعب وفلافيو أو أسامة حسني أو أحمد بلال، واللي يشوط شادي محمد. وقبلهم كان بـ يبقى فيه حسام حسن وفيليكس ووليد صلاح، واللي يشوط هادي خشبة. وبعدهم عندك كهربا ووليد سليمان ومحمد شريف، واللي يشوط علي معلول، وبعده بدر بانون.
مؤخرًا بدأت تظهر حاجة إنه لاعب معين يفرض إنه هو اللي يشوط دايما، بس لـ إنه دا بـ يزود أرقامه، من أول رونالدو لـ حد أحمد علي كامل.
أتمنى إنه  تأثير الأرقام، والولع بـ تحقيقها دون التفكير في مضمونها ودلالتها، يقف عند هذا الحد، قبل ما نشوف لاعيبة في الملعب، بـ تشارك، وهي مش قادرة تقف على رجليها.