رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في عيد تحرير سيناء

ذكريات الحرب والنصر والدبلوماسية.. كيف استعادت مصر سيادتها على أرض الفيروز؟

تحرير سيناء
تحرير سيناء

كتب المصريون ملحمة وطنية تحاكت بها الأجيال لعشرات السنوات، فلم يرضوا بهزيمة استغلها الأعداء لسرقة جزء عظيم من أرض مصر وهي سيناء، إلا أنهم خلال سنوات قليلة حققوا نصرًا مبينًا، واستعادوا به كامل الأراضي المصرية خلال عدة سنوات، كان آخرها استعادة طابا في مثل هذا اليوم من عام 1982، "الدستور" في ذكرى التحرير تستعرض القصة الكاملة لاستعادة سيناء.

 المشهد الأصعب فقدان سيناء

بدأت ملحمة المصريون بالمشهد الأصعب وهو فقدان سيناء في يوليو 1967، ولكن المصريين ورغم مرارة الهزيمة لم تكسرهم و بدؤوا في تنفيذ خطط استعادة الأرض، فبدأت حرب الاستنزاف التي شهدت عمليات عسكرية واستخباراتية باسلة استنزفت قوى العدو الإسرائيلي  ومهدت  الطريق لنصر أكتوبر العظيم، وبدأت أحداث حرب الاستنزاف عندما تقدمت المدرعات الإسرائيلية صوب مدينة بور فؤاد بهدف احتلالها يوم 1 يوليو، 1967، فتصدت لها قوة من الصاعقة المصرية بنجاح فيما عرف بمعركة رأس العش، وتصاعدت العمليات العسكرية خلال الأشهر التالية.

 حرب الاستنزاف 

واستمرت حرب الاستنزاف حتى أغسطس 1970، وفيها نفذت مصر  غارات على القوات الإسرائيلية، وكان الهدف منها تكبيد إسرائيل أكبر قدر من الخسائر في الأفراد والمعدات، وفي نفس الوقت تطعيم الجيش المصري عمليا ومعنويا للمعركة. واستغرقت هذه المرحلة من مارس 1969 إلى أغسطس 1970.

وفي أكتوبر 1973 تمكنت القوات المصرية من عبور قناة السويس بعد تحطيم أسطورة جيش العدو الإسرائيلي الذي لا يقهر في 6 ساعات فقط، وجلست مصر بعد فوزها على طاولة المفاوضات تتفاوض على أرضها بعد تحطيم جيش العدو.

تكامل قدرات القوة المصرية العسكرية والدبلوماسية


برهنت معركة استرداد سيناء ومن بعدها استعادة طابا مثلا لتكامل قدرات القوة المصرية العسكرية والدبلوماسية والقانونية فلا حق دون أن تصونه قوة ولا قوة دون أن يوجهها عقل راجح قادر على تحديد وتوظيف أدوات الدولة وعناصر قوتها للحفاظ على أمنها القومي واستعادة حقوقها المسلوبة كاملة غير منقوصة دون تفريط في حبة رمل واحدة .

علي نفس مستوى إخلاص مصر في الحرب تبنت خيار السلام لكنه كان سلام المنتصرين، سلام مبني على القوة سلام له درع قوية تحميه متمثلة في جيش مصر العظيم .

 معاهدة السلام 1979

ووقعت مصر  معاهدة السلام في مارس 1979، و نصت في مادتها الأولى على أن تنسحب إسرائيل من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب البريطاني،  وبدأت  المراوغة الإسرائيلية  في تسليم آخر مناطق سيناء "طابا" إلى مصر، ومن هنا بدأ الخلاف حول الحدود خاصة عند علامة الحدود رقم 91 بمنطقة طابا.

 مخالفات إسرائيلية حول 13 علامة حدودية

وفى أكتوبر 1981، وعند تدقيق أعمدة الحدود الشرقية اكتشفت اللجنة المصرية بعض مخالفات إسرائيلية حول 13 علامة حدودية أخرى (من أصل 91) أرادت إسرائيل أن تدخلها ضمن أراضيها، وأعلن الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك  بأن مصر لن تتنازل أو تفرط في سنتيمتر واحد من أراضيها، وأن الحفاظ على وحدة التراب الوطني المصري هدف أساسي وركيزة لكل تحرك.

وفى مارس  1982، أعلن اللواء بحري محسن حمدي، رئيس الجانب العسكري المصري في اللجنة العسكرية المشتركة المشكلة لإتمام الانسحاب الإسرائيلي، أن هناك خلافاً بين الجانبين حول بعض النقاط الحدودية وخاصة العلامة "91"، وأثير النزاع مرة أخرى يوم إتمام الانسحاب الإسرائيلي من سيناء في الـ25 من أبريل 1982.

استعادة طابا بالتحكيم الدولي


وفي العشرين من أبريل 1982 (تاريخ تحرير شبه جزيرة سيناء)، لم تكن استعادة طابا، التي تتجاوز مساحتها فقط عشرات الأمتار القليلة عن الكيلو متر الواحد (1090 متر مربع)، جولة عادية في إطار التفاوض المصري الإسرائيلي، ولكن جاءت الاستعادة بعد سنوات من التفاوض المباشر، الذى فشل ثم قاد إلى التحكيم الدولي، على مدار عامين قبل أن يعلن القاضي السويدي "جونار لاجرجرين"، رئيس هيئة التحكيم الدولي، حكمه التاريخي في التاسع والعشرين من سبتمبر عام 1988 بقاعة البرلمان بجنيف، بأغلبية 4 أصوات واعتراض صوت وحيد (القاضية الإسرائيلية)، حيث تضمن منطوق الحكم، "أن وادي طابا بأكمله وبما عليه من إنشاءات أرض مصرية".