رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

د.شحاته غريب يكتب: وانتصر الصدق.. قراءة فى زيارة الرئيس التونسى قيس سعيد لمصر

جريدة الدستور

منذ أن تولى الرئيس قيس سعيد رئاسة تونس الشقيقة، قد تشعبت الآراء بين متمسك بالأمل فى أستاذ قانون جاء إلى الحكم ليعلى من صوت الحقوق والحريات والعدالة وتحقيق قيم المواطنة والدولة المدنية، وبين فاقد لأى أمل فى تحقيق كل ذلك خوفا من أن يرتمى الرئيس فى أحضان حركة النهضة، لتأخذه إلى طرق أخرى، لا تعترف بالمواطنة، ولا بالدولة، ولا بالآخر !
وقد شعرت أن شخصيا بالقلق، وبات تحقيق حلمى فى الانتصار للدولة المدنية ضعيفاً، وذلك بسبب ما روجه الإعلام المناصر لحركة النهضة من وقائع وأحاديث ولدت الشعور لدى أغلب المراقبين بخيبة الأمل فى المستقبل التونسى وانعكاساته السلبية على المنطقة العربية برمتها !
وأصبح يقيناً فى أغلب الأحوال أن المجهول هو مصير الدولة المدنية فى تونس، وأن الحلم قد لا يكتمل، وأن كابوس الهيمنة والإقصاء والتطرف هو الذى سيستمر معنا لسنوات طويلة، لا نعرف متى ستنتهى؟ وهل ستأتى 30 يونيه أخرى فى تونس لإنقاذ المنطقة أم أن ذلك قد أصبح من المستحيل ؟!
ولا شك أن اعتقادى هذا واعتقاد غيرى قد وجد مبرراً له فى كثير من القضايا التى عاشتها منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة، والمنطقة العربية بصفة خاصة، حيث المواقف غير الواضحة من الإدارة التونسية تجاه العلاقات المصرية التركية، وتجاه القضية الليبية، وتجاه القضايا المصرية التى تشكل تهديداً مباشراً للأمن القومى المصرى والعربى على حد سواء !
وكنت أثق كل الثقة أن يوم انتصار الصدق سيأتى لا محالة، وأن أعوان الخيانة، والكذب، والخداع، والتضليل، والتآمر، ستنكشف كل أصناف افتراءاتهم وأكاذيبهم أمام العالم كله بصفة عامة، وأمام الرئيس التونسى قيس بن سعيد بصفة خاصة، ليدرك أن مصر صاحبة التاريخ والحضارة والقيم، لا تعرف إلا ألوان الحق، والعدل، والإنصاف، وحب الإستقرار والتنمية، والعيش الآمن لكل شعوب العالم !
وتعودت ألا أحكم إلا بعد تريث، ودراسة، وصبر، وإعطاء الزمن الكاف لأى إدارة، كى تكشف لها الأيام ما لا يستطيع كشفه كبار مستشارى السياسة والحكم فى العالم كله !
وتعلمت أن حسن النية، والمصداقية، والوضوح، والشفافية، هم الأسلحة الحقيقية للدولة النزيهة، وللإدارة الصادقة، وأن الشعوب ستعلم حقيقة العملاء وأصحاب الأجندات التخريبية التى تعمل ضد صالح الوطن !
وها هى صحف العالم ووكالات الأنباء تطالعنا فى هذه الأيام بزيارة الرئيس التونسى قيس سعيد لمصرنا الحبيبة، وكنت سعيداً غاية السعادة بهذه الزيارة، وأتابعها وكأننى أتابع نتيجة تتعلق بمستقبلى الشخصى، وهى كذلك فى الواقع، لأن المكاسب السياسية التى تتحقق وتعود بالنفع على الوطن، لا ريب أنها تعود أيضا بالنفع الشخصى !
وبدأ المراقبون والمحللون السياسيون ينشدون ويغردون حول زيارة الرئيس قيس سعيد للقاهرة، فمنهم من برر هذه الزيارة بحاجة الرئيس التونسى إلى دعم مصر فى ظل الأزمات الداخلية التى نشبت بينه وبين حركة النهضة، ومنهم من برر هذه الزيارة بالأمر الطبيعى فى العلاقات الدولية والمناورات السياسية، وأن كل دولة تسعى فى كل مكان من أجل مصالحها !
وبقراءة دقيقة لهذه الزيارة، أعلن للجميع أن السبب الرئيسى فى هذه الزيارة هو انتصار الصدق، وأن الأخ قد اكتشف مؤخراً أن أخيه قد كان صادقا وواضحاً معه، وأن أخيه لم يضلله مثلما فعل الآخرون الذين يعيشون معه فى ذات الأرض، وأن كافة القضايا الإقليمية والوطنية وقفت مصر بشأنها موقف الحق والعدل والإنصاف، وأن الرئيس عبدالفتاح السيسى يتحلى بالحنكة، والفطنة، والصبر، والصدق، فى كل تصريحاته، دون تضليل، أو خداع، أو تقليل من شأن قضية تخص شعب معين لصالح شعبه، لكنه يتسم بالإنصاف والموضوعية، وحب الخير، وتحقيق التنمية لكل الشعوب، وليس للشعب المصرى فقط !
فقد كشف الرئيس التونسى ألاعيب الحركات المتطرفة، والتنظيمات التى لا تعترف بمعنى الدولة، ولا تعترف بحق الشعوب فى الاستقرار، وما يؤكد ذلك ما جاء على لسان فخامته فى مؤتمره الصحفى مع فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى، حيث أكد على تطابق الآراء المصرية التونسية بشأن أغلب القضايا الموجودة على الساحة، وأن مواجهة التطرف ومن لا يؤمنون بالدولة المدنية أضحى فرضاً وواجباً على الجميع، وأن تونس تقف مع مصر فى الحفاظ على أمنها المائى واستقرارها وعدم العبث بأمنها القومى !
إنه الصدق يا سادة، فلا يمكن مهما طال الزمن أن يستمر الضلال والكذب والخداع، فلا بد من يوم محتوم ينتصر فيه الصدق، ويتم إعلاء كلمة الحق، ويعرف الجميع المواقف العظيمة والنبيلة للدولة المصرية، وأن القيادة السياسية تنظر بعين الإنصاف لحق الجميع فى التنمية، وتنظر بعين حب الخير لكل الشعوب وحقها فى تحقيق الرخاء الإقتصادى والتقدم طالما أن ذلك لا يضر بحقوق الآخرين!
فمرحباً بأستاذ القانون الرئيس التونسى قيس سعيد فى بلده مصر، وكلى ثقة فى أن ثمار هذا التعاون سيجنيها الشعبين المصرى والتونسى، وستعلو دائما راية الصدق فى كل مكان !

نائب رئيس جامعة أسيوط - أستاذ القانون