رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الذكر وقود الروح


مع كل يوم يمُر، تطبع المواقف التى تمر بها فى حياتك أثرها بالسلب على شخصيتك، فهى تطفئك، وتؤثّر على طاقتك الداخلية بصورة كبيرة، لذا فأنت بحاجة إلى إعادة تنشيط، وللذكر دور كبير فى تحقيق تجديد طاقتك والتوهُّج الداخلى.
لكن ما علاقة ذلك بالذكر؟
الذكر عبارة عن إعادة إمداد بالطاقة الداخلية، ودونه ستصبح غير قادر على العطاء، وستفقد كل طاقتك، ولن تستطيع أن تعطى كل شىء حقّه فى حياتك، فأنت بحاجة إلى مصدر يمدّك بالطاقة الروحية، مثلما يمدك الأكل والشُرب والرياضية بالطاقة الجسدية، والشىء الوحيد الذى يمنحك طاقة نفسية وروحية هو تصفية الذهن والروح، والتى لها وسائل كتيرة مثل التأمُّل، والتنفّس الصحيح، ومُشاهدة الفنون، والاستمتاع بالطبيعة.
لكن أقوى طريقة هى ذِكر الله، لأنّها مُرتبطة بالمصدر الرئيسى للطاقة فى الكون، خالق السماوات والأرض «الله»؛ هناك موقف حصل مع النّبى، صلّى الله عليه وسلّم، وابنته فاطمة الزهراء، رَضِى الله عنها، عندما ذهبت إليه وأخبرته بأنّها توَدّ خادمًا لمُساعدتها؛ فقال لها النّبى، صلّى الله عليه وسلّم،: «ألَا أدُلُّكِ على ما هو أفضل لكِ من الخادم ويقوِّيكِ قولى فى صبَاح كل يوم سُبحان الله ثلاثًا وثلاثين، والحمد لله ثلاثًا وثلاثين، والله أكبر ثلاثًا وثلاثين؛ فذلك خيرٌ لكما من الخادم».
والنبى، فيما معناه، يشير إلى أنه عندما تردد 99 تسبيحة فى اليوم والليلة، فإن ذلك من شأنه أن يغنيك عن الخادم. جرّب أن تعيش بالوصفة النّبوية التى أخبرنا بها النّبى، صلّى الله عليه وسلّم، وستشعر بالارتياح، وتمنحك القدرة على تصفّية الذهن والروح.
حقيقة علمية عن الذكر
وهذا الكلام بالمُناسبة له أصل عِلمى، فالعالِم الحاصل على جائزة نوبل «كانمان» يتحدث عن تحليله لطريقة عمل الدماغ البشرية، فيقول إن العقل الباطن كسول للغاية، وإنّه معتاد على الأشياء السهلة، والبسيطة، وهذا لأن العقل الباطن وحتى يخرج من هذا النطاق، وتحصل له عملية إمداد بكمّية كبيرة من الطاقة، فلا بد أن تدرّب عقلك الباطن حتى يمد روحك بالطاقة، ولا بد أن تدرّبه يوميًا لمُدّة 20 دقيقة بالتأمُّل، أو بأى طريقة تساعد فى صفية الذهن والروح.
وهذا فى الإسلام يتحقق فى ذِكر الله، فهذا الوقت القليل يمدك بالطاقة النفسية، ويجعلك تستعيد مجددًا، حالة التوهَّج وحيويتك ونشاطك. لكن الذكر ليس مجرّد كلمات يتم ترديدها؛ فعندما تذكُر الله وتقول: «لا إله إلّا الله»؛ فهذا يعنى أنه لا وجود فى هذا الكون خالق إلّا الله، ولا إمداد للنّفس والروح بالطاقة إلّا بالله.
والله تعالى يقول فى فواتح سورة المُلك: «تبَارَك الّذى بيدِه المُلك وهُوَ على كُل شىءٍ قدير «1» الّذِى خَلَقَ المَوتَ والحيَاة ... «2». ذكر الموت قبل الحياة، وقال إنّه مخلوق من المخلوقات، ما معنى هذا، وما علاقته بالذِكر وإمداد النّفس والروح بالطاقة؟!
العُلماء اكتشفوا أن كُل شىء فى الجسم قابل للهدم والبناء، كل يوم تموت خلايا فى جسمك وتتجدّد خلايا جديدة غيرها، ولكن من الواضح أن الأمر لا يقتصر فقط على الجسد، ولكن يمتد إلى الروح أيضًا. هناك عوامل هدم لنفسية الإنسان، مثل اليأس والإحباط والانطفاء وغيرها كثير، لكن هناك أيضًا عوامل بناء مثل الأمل والتفاؤل والحيوية والتوهُّج، وهنا يأتى دور الذكر.

الذكر حياة الإنسان

مع الذكر أنت حى مثلما قال النّبى، صلّى الله عليه وسلم،: «مَثل الّذى يذكُر ربّه والّذى لا يذكُر رَبّه كمثل الحى والميت». الذكر يُحيى روحك ويبعد عنها اليأس والإحباط، لهذا أنت بحاجة إلى وِرد الذكر يوميًا، والِورد معناه: نظام مُعيّن ستفعل فيه شيئًا مُعيّنًا لمُدّة مُعيّنة؛ ولفترة 20 دقيقة فقط يوميًا من أصل 24 ساعة.
هذه المدة على قصرها قادرة على إمداد روحك ونفسك بالطاقة اللازمة لمواجهة المواقف التى تسحب من طاقتك فى الحياة. فأنت بحاجة لأن تعيش كل يوم جُزءًا بسيطًا من الوقت، 20 دقيقة فقط يوميًا تستطيع أن تصفّى فيها ذهنك وروحك بذكر الله، لكن بشرط ألا يكون الهدف الحصول على مقابل، أو حتى يزول التشويش، لكنك تذكر الله، لأنه خالقك، ويستحق أن يُعبَد، ويستَحق أن يُذكَر، من أجل ذلك فأنت عبده، وهو القائل فى القُرآن «اذكُرُوا اللهَ ذِكرًا كثيرًا ...».
اذكره لأنك تحبّه وتريد أن تتوجه له، اذكُره لأنه الخالق، وهو المصدر الرئيسى للطاقة فى الكون، ولأنه جل من قائل: «أنا مع عبدى ما ذَكرنى وتحرّكت بى شفتاه»، و«اذكرُونى أذكُركم»؛ أنت تذكُره وهو يذكُرك فى الحال، جرّب أن تذكره، وانتظر النتيجة فى حياتك.
وهذا الورد عبارة عن:
• 100 استغفار.
• 100 لا إله إلّا الله.
• 500 الباقيات الصالحات.
- سبحان الله 100.
- الحمد لله 100.
- لا إله إلّا الله 100 مرّة أخرى.
- الله أكبر 100.
- لا حول ولا قُوّة إلا بالله 100.
والذكر عبادة سهلة جدًا، ولا يتطلب شروطًا مُعيّنة تؤديها، يعنى لا يشترط أن تكون متوضّئًا، فأنت يمكن أنت تؤديه فى أى حال. تجربة لو عِشتها بحُب وإحساس ستغيّر حياتك، وستزيل كل التشويش الذى تسببت فيه الحياة فى عقلك وروحك، وتعيد توهُّج قلبك وروحك مرّة ثانية.. جرّب أن تعيش وِرد الذكر يوميًا، «700 تسبيحة» فى وقت بسيط من اليوم، وسترى أثر ذلك على حياتك، وترى كيف أضاء لك قلبك وروحك مرّة ثانية بحُب الله.