رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ريفيو فيلم «I Care A Lot».. من قال إن الاجتهاد يؤدي للنجاح؟!

فيلم I Care A Lot
فيلم I Care A Lot

هل تذكر حينما كانت أمك أو معلمك يخبرانك بأن عليك أن تذاكر جيدا، وتعمل وتجتهد لتنجح؟، هذا الأمر غير صحيح على الإطلاق، فالمنافسة الشريفة والعمل الدءوب لن يؤديا بك سوى إلى الفشل والفقر، ربما حتى تكون كذبات اخترعها الأغنياء للحفاظ على مكانتهم، وإبقاء الفقراء كما هم، على الأقل هذا من وجهة نظر فيلم I Care A Lot.

عبر رؤية سوداوية للعالم تدور حكاية فيلم "I Care A Lot" من إنتاجات شركة Netflix والذي صدر في أواخر 2020، من بطولة "روزاموند بايك"، والتي اشتهرت من خلال دورها في الفيلم الشهير gone girl، ويظهر معها "بيتر دنكليج"، والممثلة المكسيكية "إيزا جونزاليس" والرائعة "ديان ويست"، وهو من إخراج وتأليف جي بلاكيسون.

• لا يوجد شيء اسمه الناس الطيبون
مع بداية الفيلم تتحدث البطلة عن العالم من زاوية تحصر النجاح في الفساد فقط، لا شيء غير ذلك، وتعتبر أن الاعتقاد بأن العمل الجاد يؤدي للنجاح والسعادة أمر غير صحيح تماما، وأن "اللعب النظيف" كذبة، ابتكرها الأغنياء، لإبقاء أغلب البشر فقراء، وهو الأمر الذي ترفضه، فهي تبحث عن المال بأي طريقة، وتريد أن تصبح من الأثرياء.

الفيلم يتتبع عدة مسارات منها ماهو واضح، ومنها ما تم بطريقة الإسقاط، وعلى أية حال فهو يعرض رؤية واقعية لأحد وجوه العالم.

• هذا عملي.. أنا أهتم كثيرًا
"روزاموند بايك" والتي تلعب دور "مارلا جريسون" تدير مكتبا يختص برعاية كبار السن والذين لا يمكنهم الاعتماد على أنفسهم، وليس لديهم من يعولهم، ومن خلال شبكة من المتواطئين، تتبع الشخصيات التي يمكنها تحقيق ربح من وراء الحصول على قرار من المحكمة بتولي رعايتها، وللحصول على هذا، تستعين بتقارير طبية يتم التلاعب بها، لكي تقنع المحكمة بضرورة وجود راعٍ لهذا الشخص، وهنا يبدأ دورها في الاستفادة قدر الإمكان.

الشبكة مكونة من صاحبة مكتب، وطبيبة بلا ضمير وقاضٍ حسن النية ومدير دار متواطئ.

عن طريق طبيبة تتعامل معها، حصلت "جريسون" على ملف شخصية تدعى "جينيفر بيترسون" والتي لعبت دورها الأمريكية "ديان ويست"، وهي سيدة ليس لها أسرة، وكبيرة في السن، وثرية، والتقارير الطبية المزيفة كشفت أنها في بدايات الخرف، ومن خلال الأوراق قررت المحكمة أن تتولى "جريسون" رعايتها، لتبدأ الحكاية.

السيدة "بيترسون" سيتبين أن وراءها سرا كبيرا، حيث ستسعى إحدى عصابات المافيا الروسية وراء "جريسون" بعد حصولها على قرار الرعاية، وتطلب منها إخراج السيدة من الدار، في الوقت الذي سيطرت فيه "جريسون" على كل أموال السيدة العجوز، وحساباتها البنكية، وبدأت في التصرف فيها، ووجدت بعض "الماس" غير مسجل في خزينتها البنكية وقررت أن تستحوذ عليه، ومع الوقت بدأت "جريسون" في تعذيب السيدة "بيترسون" للحصول منها على معلومات حول السر الذي تخفيه عنها.

• أنا رجل شديد الخطورة
السخرية هنا أن يكون زعيم العصابة الروسية الأمريكي قصير القامة "بيتر دنكليج"، والذي يلعب دور "رومان لونيوف"، وسيسعى جاهدا خلال الأحداث لكي يخلِّص السيدة "بيترسون" من دار الرعاية، عبر محاولات طفولية جدا، لا يمكن نسبتها لزعيم مافيا.

• أنا لا أخسر.. لا أريد أن أخسر
هذا الصراع بين الفاسدين سينتهي بشكل يهدف لتحقيق المصلحة المشتركة على طريقة الأمريكان business is business وأن الأمر ليس شخصيا.

• التلاعب والفساد
مسارات الفيلم يمكن حصرها في الواضح، وهو أزمة التلاعب بالقوانين بأمريكا من خلال الفاسدين، وكيف يمكن أن تنقلب محاولات "الرعاية المكثفة" إلى وبال على المواطنين أنفسهم من خلال مجموعة من الأوراق، وتصبح حياة الأفراد عرضة للخطر في أيادي الفاسدين، وعموما أزمات القوانين الأمريكية تم مناقشتها من قبل في أعمال مثل John Q بطولة دينزل واشنطن، وصدر عام 2002، وكذلك فيلم law abiding citizen بطولة جيرارد بتلر، وصدر عام 2009، وغيرهما الكثير.

• النسوية
المسار الآخر هو النسوية عموما، وأن السيدات يمكنهن تحقيق أي شيء، وذلك من خلال بطلة الفيلم روزاموند بايك وشريكتها إيزا جونزاليس، اللتين تمكنتا من الوقوف في وجه العصابة الروسية، والوصول لأهدافهما.

• نقد السياسات العالمية
المسار الثالث، وهو الذي يعتبر إسقاطا، وهو نقد للسياسة الأمريكية في التعامل مع شعوبهم وشعوب العالم وامتصاصهم من خلال صورة جميلة تسمى "الرعاية المكثفة" وتحقيق مصالحهم ولكن في الحقيقة الأمر يكون له سبب آخر، وبطريقته الساخرة في المعارضة، جسد الكاتب أمريكا من خلال "سيدتين مثليتين"، وجسد روسيا من خلال "قزم"، وأنهى الفيلم بأن التحالف بينهما يمكن أن يحقق لهما مكاسب أكثر من الصراع المستمر.

• الشعوب
ومع تأكيده أن القوانين يمكن التلاعب بها بشكل منظم، لفت إلى أنه قد تحدث أشياء خارج الحسابات من الجمهور الذي تتجاهله وتمتصه، ليدمر لك كل خططك، وظهر ذلك من خلال الابن الذي أطلق النار على البطلة في نهاية العمل، حزنا على وفاة والدته التي سيطرت "جريسون" على حياتها، ومنعته حتى من زيارتها بدافع "الرعاية".

• المثلية
كذلك وجود العلاقة المثلية في الفيلم كذلك هو شيء اعتيادي على أعمال شبكة Netflix، فتقريبا لا يوجد عمل تقدمه الشبكة لا يتضمن علاقة مثلية الجنس، وهو توجه لدعم تلك الحركات، ربما يكون مدفوع الأجر مقدما، من خلال خلق صورة ذهنية تجعل الأمر اعتياديا عند الجمهور.

• الملخص
الأداء التمثيلي من "روزاموند بايك" و"بيتر دنكليج" و"ديان ويست" كان جيدا للغاية.

يمكننا القول إن المخرج يرى العالم بطريقة سوداوية ولكن ساخرة، ويوجه رسالة اعتراض من خلال العمل للسياسة الرأسمالية العالمية بشكل عام، والقوى التي تحكم العالم بشكل خاص.

العمل كان واقعيا جدا في تأكيده أن الفساد مستشري، واستخدم طريقة فانتازية في بعض الجوانب، ليظهر العبث الذي يعيشه العالم.