رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أزمة اتحاد كتّاب مصر


مر اتحاد كتّاب مصر بأزمات عديدة منذ بضعة أعوام، مع ظهور جناح يمينى يدعم فكر الإخوان المسلمين إثر وصولهم للحكم فى ٢٠١٢، والتى بلغت حدتها فى منع وزير الثقافة الإخوانى من دخول مكتبه. وظهر التكتل داخل مجلس الإدارة للصراع على منصب رئيس الاتحاد وهيئة المكتب، التى تشمل نائب رئيس الاتحاد والأمين العام وأمين الصندوق، وهو ما دعا محمد سلماوى، رئيس الاتحاد، إلى الاستقالة من عضوية مجلس الإدارة، تاركًا الصراع للمتصارعين.
جاء رئيس بأغلبية بسيطة، لم تحقق التوافق، وفشل المجلس فى عقد أكثر من اجتماع لمجلس الإدارة، لعدم اكتمال النصاب القانونى، وهو ما دعا أكثر من ١٨ عضوًا من أعضاء المجلس الثلاثين، لتقديم استقالاتهم، وقبل استقالاتهم رئيس الاتحاد، فى مخالفة لصحيح القانون، لأن مجلس الإدارة هو المختص بقبول الاستقالات.
وبدلًا من حل المجلس ودعوة الجمعية العمومية للانتخابات، قام رئيس المجلس بتصعيد آخرين بدلًا منهم ليصبحوا أعضاء بمجلس الإدارة، وتم تشكيل هيئة مكتب من هؤلاء، الأمر الذى دعا عددًا من الأعضاء للدعوة إلى عقد جمعية عمومية قامت بعزل الرئيس، وإثر ذلك قام الرئيس باللجوء للقضاء الإدارى، الذى قضى فى منطوق حكمه بشقين، الأول بعودة رئيس الاتحاد لمنصبه، والثانى بعودة مجلس الإدارة والأعضاء الذين استقالوا.
وقام رئيس الاتحاد بتنفيذ الشق الأول من الحكم، وتجاهل الشق الثانى، وقام بعقد مجلس الإدارة الذى يوجد به الأعضاء الذين تم تصعيدهم، وذلك فى غياب الرقابة القانونية اللاحقة على تنفيذ الأحكام الإدارية.
كما قام رئيس الاتحاد بفصل بعض أعضاء الاتحاد ممن عارضوه، التزم بعضهم بقرار الفصل تجنبًا للمشاكل، ورفع البعض الآخر الأمر للقضاء، وخلال هذا النزاع لم تعقد أى جمعية عمومية فى ٢٠١٧، ولم يتم إجراء انتخابات، وأضيفت سنة إلى عضوية مجلس الإدارة، حتى عام ٢٠١٨، وتم انتخاب نصف الأعضاء.
خلال تلك الفترة بدأت أزمة الاتحاد الفعلية، وظهرت موجة هجوم قاسية على إدارة الاتحاد، وهو ما حدا برئيس الاتحاد لتحويل ٢٧ عضوًا من أعضاء الاتحاد للتحقيق، دون العرض على مجلس الإدارة، ومنهم عدد من منافسيه، وعلى ذلك رفض البعض الحضور للتحقيق، بسبب عدم إخطارهم كما تقضى اللائحة وعدم حضور ممثل الوزارة، ما يبطل التحقيقات.
ومع ذلك تم تطبيق قانون الاتحاد وتحويلهم للجنة تأديبية، تزامن ذلك مع أزمة أخرى لا تقل خطورة عن الأزمات السابقة وهى ظهور عضو فى حالة تلبس بسرقة قصائد شعراء عرب ومصريين فى ديوانه الذى تقدم به لعضوية الاتحاد، وحصل عليها، وهو ما زاد من وتيرة الهجوم على الاتحاد بألفاظ مخجلة ومتدنية.
لم تحتمل إدارة الاتحاد نبرة الهجوم، فقامت بتحويل أكثر من عشرين عضوًا آخرين للتحقيق، وتزامن هذا مع حالة غضب مكتوم لعدم إجراء الانتخابات فى مارس ٢٠٢٠، وكانت الإجراءات قد بدأت بالفعل وبدأت محاولات استبعاد متعمدة لبعض المرشحين المعارضين من الترشح، لجأ بعضهم للقضاء وأنصفهم، إلا أن جائحة «كورونا» عطلت الانتخابات، واستمرت الحال على ما هى عليه، وقام أحد الأعضاء خلال ذلك برفع دعوى لوقف الانتخابات وقامت المحكمة بوقف الانتخابات بالفعل، وهو ما أثار حفيظة بعض الأعضاء، وزاد هجوم بعض الأعضاء المبرر على إدارة الاتحاد، وهم يشاهدون النقابات الأخرى تجرى انتخاباتها تحت إشراف الهيئة التى أوقفت الانتخابات، بل أجريت انتخابات مجلسى «النواب» و«الشيوخ» وسط أجواء «كورونا».
تسبب هذا فى ظهور حالة تربص متبادل بين الاتحاد وأعضائه، ومن ناحيتنا نرى أن:
- أعضاء اتحاد الكتّاب لهم حق انتقاد مجلس الإدارة والرئيس، لعدم إجراء الانتخابات، ويرون أن مجلسهم تسبب فى وضعهم بتلك الحالة ما دعا البعض إلى اتهام المجلس برغبته فى استمرار إدارته للاتحاد دون انتخابات، مستغلًا الظروف القاهرة والحكم القضائى الذى عرقل الانتخابات.
- أن مجلس الإدارة لم يتسامح مع الأعضاء المنفعلين، الذين تمادوا فى تجريح الاتحاد، ولم يفرق بين من انتقد الاتحاد وبين من أساء إليه، وكان ينبغى أن يتصرف مجلس الإدارة من منطق احتواء غضب الأعضاء ومراعاة ظروفهم، خصوصًا أن من أول واجبات اتحاد الكتّاب تمكين أعضائه من التعبير عن رأيهم بحرية.