«ثمن الاستفزاز».. تركيا تواجه أزمات طاحنة بالداخل و الخارج
تضرب تركيا عدة أزمات قوية، على الصعيد الداخلي والخارجي، خاصة بعد فرض العقوبات الأمريكية عليها، والاستنفار الأوروبي بسبب تجاوزها المستمر في شرق المتوسط، وحالة العداء مع دول الجوار، فيما تعيش واقع اقتصادي واجتماعي قاسي بسبب انهيار الليرة وتفشي فيروس كورونا المستجد، بالإضافة الي شن حملات اعتقالات واسعة في كل ربوع البلاد.
كشف مسئول دبلوماسي كبير بالاتحاد الأوروبي لصحيفة «كاثيميريني» اليونانية، عن أن أنقرة قد تتعرض لمزيد من العقوبات الأوروبية بناءً على نتائج تقرير تقييمي بشأن تركيا متوقع بحلول مارس المقبل.
فيما اعتبر العضوان البارزان في لجنة الشؤون الخارجية الأمريكية، إليوت أنجل ومايكل ماكول، في بيان مشترك، أن سياسات أنقرة لا سيما شرقي المتوسط مستفزة.
وذكر البيان شديد اللهجة تجاه ما تقوم به أنقرة خارجيا وداخليا، مؤكدًا ضرورة تصدي واشنطن وحلفائها في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي لتصرفات نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقال دانيال كوكيس، الخبير بالشؤون الأوروبية بمعهد هيرتاج، يُوجد في الكونجرس اتفاق واسع لدى الحزبين الجمهوري والديمقراطي في مجلس النواب الأميركي، على أن أفعال تركيا مناقضة للمصالح الأميركية.
عقوبات بسبب «إس 400»
وأشار إلى حصول أنقرة على منظومة الدفاع الصاروخي الروسية «إس-400»، بالإضافة إلى عمليات التنقيب عن النفط والغاز شرقي المتوسط، مؤكدًا أن «هذا ليس بالجديد، فقد سبق وأن أّد الكونجرس العقوبات على تركيا».
أما بالنسبة إلى الأفعال التركية التي أشار عضوا مجلس النواب إلى أنها «مصدر قلق واستهجان، فقائمتها طويلة، وتشمل نشاط تركيا في شمال شرقي سوريا، وإرسالها آلاف المرتزقة إلى ليبيا، بالإضافة إلى محاولة أردوغان مرارًا تقويضَ المؤسسات الديمقراطية في تركيا».
وفي هذا الصدد، قال مراقبون، إن الأميركيين يبعثون رسالة موحدة وواضحة إلى أردوغان، مفادها أن يختار بين صداقة واشنطن، أو خصومتها، مع ما ينطوي عليه ذلك من تداعيات سياسية وعسكرية ودبلوماسية.
أعلن وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس، عن تضامنه مع قرار الولايات المتحدة بفرض عقوبات على تركيا، مشيرًا إلى أنها عقوبة طبيعية وضرورية بسبب سلوك السلطات التركية في شرق البحر المتوسط وتجاوزها للخط، وليس فقط بسبب شرائها نظام دفاع صاروخي روسي «إس – 400».
صراع المتوسط
وفي حديثه في المؤتمر الثاني لجنوب شرق أوروبا وشرق المتوسط حول القضايا الإقليمية، كرر دندياس، أن اليونان مستعدة للمشاركة في حوار بناء مع تركيا، بشرط أن توقف أنقرة الاستفزازات في بحر إيجه وشرق المتوسط، مشددًا على أن الخلاف الوحيد المطروح للنقاش هو ترسيم حدود المناطق البحرية والجرف القاري.
وأعرب دندياس عن اعتقاده بأن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة، إلى جانب التحذيرات التي صدرت في اجتماع المجلس الأوروبي الأسبوع الماضي، قد تؤدي إلى ما وصفه بفترة هدوء تسمح باستئناف المحادثات الاستكشافية، بحسب صحيفة كاثمريني اليونانية.
وأقر وزير الخارجية اليوناني بأن أثينا كانت ستحب اتخاذ موقف أكثر حزمًا من الانتهاكات التركية من جانب شركائها في الاتحاد الأوروبي، لكنه أضاف أنهم مع ذلك يتعاملون مع تركيا على أنها مشكلة أوروبية وليس دولة لديها خلافات مع دولتين عضوين.
هجمات ضد سوريا
ومع كل هذه الإزمات التي تشهدها البلاد شنت الفصائل المسلحة الموالية لأنقرة، بدعم وإسناد من المدفعية التركية هجومًا، عنيفًا على قريتي جهبل ومشيرفة الواقعتين بريف عين عيسى الشرقي شمالي الرقة.
وأفاد المرصد السورى لحقوق الإنسان، بأن المنطقة تشهد اشتباكات عنيفة مع قوات سوريا الديمقراطية منذ ساعات الفجر الأولى وحتى أمس الجمعة، تترافق مع قصف مكثف جدًا، وسط معلومات مؤكدة عن خسائر بشرية.
وكانت القوات التركية والفصائل الموالية لها استقدمت، أمس، تعزيزات عسكرية إلى قرى أبوخرزة وسلوم ورمانة المقابلة لقريتي الهوشان والخالدية المحاذية لطريق حلب الحسكة شرقي عين عيسى شمالي الرقة.
وتتألف تلك التعزيزات من دبابات ومدافع ثقيلة وعربات جند وسيارات رباعية الدفع مزودة برشاشات ثقيلة.
قمع الصحفيين
وعن حرية الصحافة في تركيا، قالت لجنة حماية الصحفيين، وهى منظمة دولية غير حكومية معنية بحماية الصحفيين والصحافة ومقرها نيويورك، إن تركيا المرتبة الثانية في سجن وقمع الصحفيين، لافتة أن حكومة رجب طيب أردوغان تستغل أزمة فيروس كورونا لتشديد حملتها القمعية ضد الصحافة.
وأشارت المنظمة، في تقريرها السنوي لهذا العام، إلى أن الحكومة التركية لا تزال مستمرة في شن حملات اعتقال ضد الصحفيين المعارضين لسياستها تحت ذريعة الانقلاب المزعوم في يوليو 2016، مضيفة أن جميع الصحفيين المسجونين حاليا يواجهون تقريبا نفس الاتهامات، من بينها "العمل ضد مصلحة الدولة".
وأضافت أن الصحفيين على وجه الخصوص في تركيا تأثروا بشدة بتفشي وباء كورونا في العالم، حيث استخدمته حكومة ذريعة لاعتقالهم نتيجة لممارسة عملهم في التغطية الإعلامية للجائحة والتوترات السياسية والاحتجاجات في البلاد، وذلك بهدف ترسيخ الحكم الاستبدادي لأردوغان وقمع معارضيه من الصحفيين والنقاد.
وخصت التقرير بالذكر ثلاثة صحفيين يعملون ب وكالة "أنباء بلاد الرافدين"MA، اللذين تم اعتقالهم بسبب تغطيتهم لقصة قرويين أكراد يزعم تعرضهم للتعذيب على يد الجيش التركي.
ولفت تقرير لجنة حماية الصحفيين إلى أنه تم تعليق الإجراءات القضائية وجلسات المحاكمات في تركيا لمدة ثلاثة أشهر في عام 2020، بسبب انتشار جائحة كورونا، مما أدى إلى إطالة مدة سجن المحتجزين قيد المحاكمة، مضيفا أن السلطات التركية اعتقلت هذا العام فقط 37 صحفيا.
اتهامات بالفساد
تواصل الصحافة التركية الكشف عن انغماس النظام التركي في الفساد، واستخدام السلطة للتربح للمقربين من الرئيس رجب طيب أردوغان، وحزبه الحاكم العدالة والتنمية.
وكشفت صحيفة «بيرجون» التركية، عن منح وزارة البيئة والتحضر التركية، شركة «ليماك» القابضة المملوكة لرجل أعمال شهير، قطعة أرض تابعة للدولة، على نحو مجاني.
وبينت الصحيفة التركية، أن حكومة أردوغان منحت قطعة أرض على مساحة 100 هكتار بزعم إقامة مشروع محجر الحجر الجيري الذي تخطط الشركة لإنشائه في منطقة بينارهيسار في كيركلاريلي.
وشركة «ليماك» القابضة، مملوكة لرجل الأعمال ورئيس الاتحاد التركي لكرة القدم، نهاد أوزدمير، وسبق أن تلقت عددًا من المناقصات من حكومة حزب العدالة والتنمية، على نحو غير قانوني.
زيادة رسوم رفع رسوم
أعلنت هيئة تنظيم سوق الطاقة في تركيا، للمرة الثالثة، عن زيادة جديدة في رسوم التوزيع والخدمات للغاز الطبيعي بنسبة 14.05 %، وفقًا لموقع "تاله 1" التركي.
وقالت الهيئة التركية إن رسوم توصيل الغاز للمنازل زادت من 656 ليرة تركية إلى 749 ليرة، وأوضحت تطبيق الزيادة الجديدة بداية من العام المقبل.
وأشارت إلى زيادة سعر التأمين على خدمة الغاز المقدمة للمواطنين بمقدار 60 ليرة تركية، لتصل إلى 620 ليرة.
أرقام قياسية يومية في إصابات كورونا
على الرغم من استمرار الحكومة التركية في فرض حظر التجول خلال أيام الأسبوع، للحد من الزيادة في حالات الإصابة بفيروس كورونا الإ أن الحالات في زيادة مستمرة، وتفشي سريع للفيروس في البلاد.
وأعلنت وزارة الصحة في تركيا، أنها سجلت 32102 إصابة جديدة بفيروس كورونا، بما في ذلك حالات غير منتظمة، في آخر 24 ساعة.
وأظهرت بيانات وزارة الصحة التركية ارتفاع عدد الوفيات اليومية بسبب فيروس كورونا إلى مستوى قياسي بلغ 235 حالة في الأربع وعشرين ساعة الماضية، ما يرفع إجمالي عدد الوفيات في البلاد إلى 16881.
وتحتل تركيا المرتبة الثالثة عالميًا في عدد الحالات اليومية، بعد الولايات المتحدة والبرازيل.
