رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف استغلت مصر قرض صندوق النقد الدولى في دعم الاقتصاد؟

صندوق النقد الدولى
صندوق النقد الدولى

تخوفات وشائعات رددها الكثيرون داخل مصر وخارجها عن التداعيات السلبية التي ستحدث للاقتصاد المصري مع طلب مصر من صندوق النقد الدولى قرضًا بقيمة 12 مليار دولار عام 2016، مدعين أن شروط صندوق النقد الدولى مجحفة ولم تحصل دولة على قروض منه إلا وعانى الشعب والاقتصاد من تداعياته، ولكن الوضع في مصر جاء مختلفًا.

فخلال الأربع سنوات الماضية والتي حصلت فيها مصر على 12 مليار دولار على 6 شرائح تحسنت مؤشرات الاقتصاد كاملة، فقل عجز الموازنة وزاد الاحتياطي النقدي الأجنبي وتراجعت قيمة الدولار أمام الجنيه وغيرها من المؤشرات التي أثبتت استفادت مصر من القرض.

وتستعرض "الدستور" كيف استفادت مصر من القرض الأول للصندوق في تحسين أداء الاقتصاد بالتزامن مع قرب حصولها على الشريحة الثانية من القرض الثاني المخصص لتقليل الأثار السلبية لكورونا على الاقتصاد.

ـ حصول مصر على قرض خلال 4 سنوات
منذ عام 2016 وحتى الآن حصلت مصر على قرض من صندوق النقد الدولى، فمع بداية شهر نوفمبر 2016، حصلت مصر على الشريحة الأولى من قرض صندوق النقد الأول الذي تبلغ قيمته كلها 12 مليار دولار، بقيمة 2.75 مليار دولار، وتلقت الشريحة الثانية بقيمة 1.25 مليار دولار، في شهر يوليو 2017، وحصلت مصر على الشريحة الثالثة وبلغت قيمتها 2 مليار دولار في شهر ديسمبر 2017، وفقًا للبرنامج الزمني المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، وفي يونيو 2018، تلقت مصر الشريحة الرابعة بقيمة 2 مليار دولار، كما حصلت على الشريحة الخامسة في شهر فبراير 2019، وبعدها بشهور حصلت على الشريحة السادسة والأخيرة اكتمل حصول مصر على قرض صندوق النقد الدولي بالكامل وقيمته 12 مليار دولار خلال 3 سنوات.

وعادت مع التداعيات الاقتصادية التي تواجه العالم بسبب فيروس كورونا، وطلبت قرض جديد بقيمة 5.2 مليار دولار، وتسلمت الشريحة الأولى منه بـ 2 مليار دولار، على أن يتم صرف باقي الشرائح والتي تبلغ قيمتها 3.2 مليار دولار عقب إجراء مراجعتين جديدتين من قبل الصندوق للبرنامج الجديد.

ـ كيف أنفقت مصر قرضي الصندوق؟
مر الاقتصاد المصري منذ قيام ثورة 25 يناير بالعديد من الأزمات التي استمرت طوال فترة حكم الإخوان فتراجع احتياطي النقد الأجنبي مع تأثر حركة السياحة بالاضطرابات الأمنية وازاد عجز الموازنة والدين الداخلي وارتفعت قيمة الدولار أمام الجنيه، وطلبت الحكومة المصرية في عام 2016 قرضًا من صندوق النقد الدولى بقيمة 12 مليار دولار لتحسين الأوضاع الاقتصادية بالتزامن مع تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي كما أعادت طلبها في العام الجاري مع مواجهة الدولة لتداعيات فيروس كورونا والتي أثرت على اقتصاديات العالم بسبب توقف حركة الطيران والإغلاق الكاملة في الكثير من الدول فطلبت مصر 5.2 مليار دولار.

وحددت الحكومة عدة بنود لصرف القرض فيها منها توجيه جزء من قرض الصندوق للحماية الاجتماعية، حتى تحمي الفقراء من تداعيات تقليل الدعم حسب خطة الإصلاح الاقتصادي، فقدمت الحكومة دعمًا نقدًا وعينيًا من خلال زيادة مخصصات التموين، ودعمًا نقديًا من خلال برنامج تكافل وكرامة، ووصل عدد المستفيدين منه ٣.٥ مليون مواطن.

بالإضافة إلى تمويل عجز الموازنة، وهو الهدف الأول من برنامج الإصلاح الاقتصادي من خلال التحول لضريبة القيمة المضافة بدلا من المبيعات، وإلغاء الدعم التدريجي للوقود، مع تحفيز جذب استثمارات أجنبية مباشرة من خلال إصدار قانون الاستثمار وقوانين أخرى لتيسير مناخ الأعمال، بالإضافة إلى تحسين أسواق الصرف الأجنبي من خلال تحرير سعر الصرف، وزيادة النمو لخلق فرص العمل، وخاصة للنساء والشباب.

فيما ركز القرض الثاني الذي طلبته مصر على استخدام القرض في مواجهة تأثيرات انتشار فيروس كورونا على الاقتصاد المصري، وتعويض خسائر تراجع السياحة والطيران جراء الأزمة وتخفيف آثارها.

ـ تحسن في أداء المؤشرات الاقتصادية
الكثير من الشائعات رددها البعض داخل مصر وخارجها عن التدمير الذي يحدث لاقتصاد أى دولة حصلت على قرض من صندوق النقد الدولى، واصفين الشروط التي يضعها الصندوق لأى دولة تسعى للحصول على قرض منه بالمدمرة، إلا أن المؤشرات الاقتصادية في مصر تغيرت تمامًا منذ حصول مصر على الشريحة الأولى في عام 2016 وحتى الآن، وتحسن أداء كافة المؤشرات.

فكان من أبرز المؤشرات التي شهدت تحسنًا في أدائها خلال السنوات الماضية وحتى الآن هى معدلات التضخم، رغم الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تمر بها دول العالم نتيجة تأثير جائحة كورونا على اقتصاديات العالم، وقال صندوق النقد الدولي إن مصر تحقق أكبر تراجع سنوي في معدل التضخم في الأسواق الناشئة عام 2020 مقارنة بعام 2019، بانخفاض بلغ نحو 8.2 نقطة مئوية، حيث سجلت تضخم بمعدل 5.7% عام 20192020 مقارنة بـ 13.9% عام 20182019.

وتحسن أيضًا أداء الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي خلال هذه السنوات، فتراجع سعره من 19 جنيه في نوفمبر 2016 عندما أعلنت الحكومة عن التحرير الكلى لسعر الصرف ليرتفع سعر الدولار أمام الجنيه من 8.85 إلى 17.14 جنيه، ويواصل بعدها رحلة الصعود حتى سجل أكثر من 19 جنيها في ديسمبر من ذات العام، ولكن لم يلبث أن بدأ في سلسلة من الانخفاضات المتتالية حتى سجل العام الماضي أكبر سلسلة تراجعات وبلغ سعر الدولار 15.5 جنيه، من تفاوت بسيط بين الارتفاع والانخفاض ليسجل في بعض الأحيان 16 جنيهًا.

واستهدف قرض صندوق النقد الدولى أيضًا تحسين أداء الموازنة العامة للدولة، من خلال تحويل العجز الأولى إلى فائض بدءًا من عام 20172018 وبحيث يرتفع ليبلغ نحو 2.1% من الناتج بحلول عام 20182019.

كما يستهدف أن يبلغ العجز الكلى نحو 3.9% في عام 20202021 ارتباطا بالنمو الاقتصادي وخفض تكلفة خدمة الدين على المدى المتوسط وبحيث ينخفض الدين الحكومي إلى نحو 80% من الناتج خلال خمسة أعوام.