رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مَنْ تفضل إسرائيل لرئاسة الولايات المتحدة؟

تل أبيب
تل أبيب

اهتمام خاص توليه تل أبيب نحو الانتخابات الأمريكية، المقرر إجراؤها فى ٣ نوفمبر المقبل، رغم ضمان استمرار تأييد البيت الأبيض لإسرائيل حال فوز أىٍّ من المرشحين، دونالد ترامب عن الحزب الجمهورى، وجو بايدن عن الحزب الديمقراطى، برئاسة الولايات المتحدة.

وفى ظل عدم اختلاف سياسة الحزبين تجاه القضايا التى تهم إسرائيل بشكل جذرى، فإن درجة التأييد للسياسات الإسرائيلية، وموقف المرشحين من بعض الملفات الأساسية، على رأسها الملف الإيرانى، جعلا هذه الانتخابات تحظى باهتمام خاص فى تل أبيب، فى ظل وصف «ترامب» على مدار ٤ سنوات بأنه الصديق الأفضل لإسرائيل.

«الدستور» تتناول فى السطور التالية موقف اليهود فى إسرائيل من الانتخابات الأمريكية ومرشحهم المفضل فيها، فى ظل رؤيتى «ترامب» و«بايدن» لعدد من القضايا، بالإضافة إلى موقف يهود الولايات المتحدة، واتجاهاتهم التصويتية فى هذه الانتخابات وإمكانية تأثيرهم لترجيح كفة أحد المرشحين على الآخر.

ترامب الصديق الأفضل من بين القادة الأمريكيين ومخاوف من عدم صرامة بايدن مع إيران

عن الانتخابات الرئاسية الأمريكية، قال بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، منذ وقت قصير: «حتى لو لم أتفق على قضايا مختلفة مع الرؤساء الأمريكيين السابقين، فإن دعم الحزبين الجمهورى والديمقراطى إسرائيل مهم للغاية».
لكن «نتنياهو» عاد وأضاف: «خلال ٢٥ عامًا، لم نتوصل لأى اتفاق، لكننا توصلنا فى عهد ترامب إلى ٣ اتفاقيات سلام فى ٦ أسابيع، وآمل أن تستمر هذه السياسة لأنها صحيحة، وأنا سعيد لأن الولايات المتحدة قد انضمت إلى تلك الجهود».
ووفقًا لذلك، فإن «ترامب» بالنسبة إلى إسرائيل كان رئيسًا جيدًا جدًا، طيلة ٤ سنوات، فقد كان الشخص غير المتوقع، الذى سجّل عددًا من الإنجازات المهمة، على رأسها اغتيال قاسم سليمانى، قائد فيلق القدس فى الحرس الثورى الإيرانى، ما أدى إلى انخفاض ملحوظ فى حجم وفاعلية الأنشطة التى تديرها إيران فى المنطقة، عبر وكلائها فى عدد من دول الشرق الأوسط.
وقبل ذلك، فإن «ترامب» هو الرئيس الذى أقدم على الانسحاب من الاتفاق النووى الإيرانى عام ٢٠١٨، بعد عملية الموساد الإسرائيلى، التى تمت فيها سرقة وثائق الأرشيف النووى الإيرانى، وعلى إثرها أعلن الرئيس الأمريكى عن انسحابه من الاتفاق بعدما أظهرت الوثائق أن إيران تخل ببنود الاتفاق، وتتخذ خطوات نحو تخصيب اليورانيوم.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن «ترامب» اتخذ خطوات أكثر جرأة لدعم إسرائيل، رغم إثارتها الجدل، مثل نقل السفارة الأمريكية للقدس، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، بالإضافة إلى ما أحدثه مؤخرًا من انعطافة فى علاقة الدول العربية بإسرائيل، الأمر الذى انتهى بتوقيع اتفاقات سلام مع الإمارات والبحرين، وأخيرًا السودان.
فى المقابل، فإن تاريخ المرشح الديمقراطى جو بايدن لا يوجد فيه ما يقلق الإسرائيليين، فطوال سنوات وجوده فى مجلس الشيوخ الأمريكى أو فى البيت الأبيض، نائبًا للرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، كان «بايدن» يدعم المساعدات الأمنية لإسرائيل والتعاون الاقتصادى والعلمى مع تل أبيب، كما أنه أعلن بشكل واضح أنه لن يعيد السفارة الأمريكية من القدس.
وفى تاريخه الطويل، كان «بايدن» يرتبط بعلاقات قوية مع كل رؤساء الوزراء الإسرائيليين، منذ حكومة جولدا مائير، حتى حكومات بنيامين نتنياهو، كما أن نائبته كاميلا هاريس، متزوجة من يهودى، وهى من المؤيدين المتحمسين لإسرائيل.
ورغم ذلك، فإن الأزمة التى حدثت بين «نتنياهو» والحزب الديمقراطى فى عهد «أوباما» تُخيف القيادة الإسرائيلية فى تل أبيب بعض الشىء، فى ظل احتمالات انتقام «بايدن» لـ«أوباما» حال وصوله للحكم. وبالتجاوز عن ذلك، فإن السؤال الكبير الذى يثير المخاوف فعلًا فى إسرائيل هو كيف سيتصرف الرئيس المقبل إزاء إيران؟ فالمرشحان «ترامب» و«بايدن» يكرهان بصورة متساوية فكرة توريط بلدهما فى حرب مع إيران، لذا فالأمر يدور حول مدى استعداد كل منهما للتنازل والبدء فى مفاوضات جديدة مع طهران، ومدى صرامة كل منهما على طاولة المناقشات. ويعتقد كثيرون أن «ترامب» سيكون الأصعب فى التفاوض، فى ظل ما أبداه تجاه إيران طيلة سنوات حكمه، بينما من المتوقع أن يقدم «بايدن» عروضًا أفضل بالنسبة إلى إيران، لكن فى جميع الأحوال، فإن واشنطن وتل أبيب منفتحتان على كل الاحتمالات، سواء بالتفاوض أو بتصعيد المواجهة مع طهران، حال تشددت إيران فى مشروعها النووى.

ثلثا المواطنين مع استمرار الإدارة الحالية ويهود أمريكا يدعمون المرشح الديمقراطى

فى إسرائيل، لا يختلف الجمهور عن الحكومة فى ميله نحو «ترامب»، ورغبته فى فوزه بولاية جديدة فى رئاسة الولايات المتحدة.
وفى استطلاع للرأى حول الانتخابات الأمريكية، أجرته شركة متخصصة لصالح شبكة «i٢٤NEWS»، بمشاركة ٥١٩ إسرائيليًا، أعرب نحو ثلثى الإسرائيليين الذين شاركوا فى الاستطلاع عن أملهم فى أن يفوز «ترامب» فى الانتخابات، فى ظل علاقته القريبة جدًا من إسرائيل، فيما أبدى نحو نصف المشاركين خشيتهم من تراجع العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية حال فوز «بايدن».
وقال ٦٣.٣٪ من الإسرائيليين المشاركين فى الاستطلاع إنهم يرون «ترامب» الأفضل لإسرائيل، وقال ١٨.٨٪ منهم إن «بايدن» هو الأفضل، وذكر ١٠.٤٪ أنهم لا يرون أى فرق بين المرشحين، فيما أجاب ٤.٤٪ بأنهم لا يعرفون الإجابة، ورأى ٣.١٪ أنه لا أحدًا منهما جيدًا لإسرائيل.
أما بالنسبة لليهود فى الولايات المتحدة البالغ عددهم نحو ٦ ملايين يهودى، والذين يشكلون أقل من ٢٪ من سكان أمريكا، فإن التقديرات تشير إلى أن معظم أصواتهم ستذهب لدعم «بايدن»، رغم تصريح «ترامب» بأنهم سيصوتون له فى ظل دعمه إسرائيل.
وفى انتخابات ٢٠١٦، كان ٤٪ فقط من بين المصوتين، البالغ عددهم نحو ١٢٨ مليون ناخب، من اليهود، ما أعطى انطباعًا لدى كثيرين بأن أصواتهم غير مهمة، وهو ما يغفل حقيقة كونهم من المتبرعين الكبار، خاصة أن نصف التبرعات التى يجمعها الديمقراطيون وربع التبرعات التى يجمعها الجمهوريون هى من اليهود.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن نسب مشاركة يهود أمريكا فى الانتخابات هى الأعلى، وتصل معدلات تصويتهم إلى ٨٥٪، بينما تبلغ ٥٥٪ فقط لدى باقى الأعراق فى الولايات المتحدة.
وبشكل عام، اعتاد يهود الولايات المتحدة التصويت لمرشحى الحزب الديمقراطى فى انتخابات الرئاسة أو الكونجرس، بنسب تتراوح بين ٦٩٪ و٧٩٪.
وفى انتخابات ٢٠١٦، حصلت المرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون على ٧١٪ من الأصوات اليهودية، بينما حصل الجمهورى «ترامب» على ٢٤٪ فقط من أصواتهم، فيما كان الرئيس الأمريكى الأسبق، رونالد ريجان، هو صاحب الرقم القياسى فى الحصول على تأييد اليهود لمرشح جمهورى، بعدما حصل فى انتخابات ١٩٨٠ على ٣٩٪ من أصواتهم.
وتعد أغلبية يهود الولايات المتحدة مؤيدة للحزب الديمقراطى وأجندته الليبرالية، الخاصة بحقوق السود والنساء والمثليين، فيما يؤيد اليهود المحافظون، الذين تبلغ نسبتهم نحو ٢٠٪ فقط، أجندة الحزب الجمهورى.
وتحظى كتلة اليهود فى عدد من الولايات المتأرجحة، أى الولايات غير المؤكد تصويتها لصالح المرشح الجمهورى أو الديمقراطى فى الانتخابات الأمريكية، وعلى رأسها ولاية فلوريدا- بأهمية خاصة، فلا يمكن لـ«ترامب» أن ينتصر على «بايدن» دون فلوريدا، لذا يسعى المرشح الجمهورى لضمان تأييدهم، خاصة بعدما تبرع اليهودى مايكل بلومبرج، الذى نافس فى الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطى، بمبلغ ١٠٠ مليون دولار لصالح حملة «بايدن» فى فلوريدا.