رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محسن يونس: جمال عبد الناصر زعيم من الناس

محسن يونس
محسن يونس

نصف قرن علي رحيل الزعيم جمال عبد الناصر٬ إلا أنه باق في الوعي الجمعي متوهجًا رغم غياب الجسد٬ وعن هذا الأمر قال الروائي محسن يونس في تصريحات خاصة لــ«الدستور»:« وجود جمال عبد الناصر بين الجموع رغم موته وغيابه منذ خمسين عامًا، ذلك لعاملين، الأول منهما هو الإيمان لدى شعبنا فى نظرته إلى "المستبد العادل"، كنموذج للحكم الصالح، وهذا يحيل كما يقول محمد عابد الجابرى إلى السيرة التي عرفت عن الخليفة عمر بن الخطاب في الحكم وسياسة الدولة، والمتميزة بـ" الحزم" والعدل».

وأضاف: أعتقد دون أى انحياز سواء كان ضد أو مع عبد الناصر أن الجماهير المصرية بوجه خاص، والعربية عامة نظروا إليه بهذه الصورة التى ظلت تتجذر، وتتمكن من نفوسهم مع صعود المد الوطنى والتحررى الذى واكب ظهور وصعود الرجل، وربما وصلت هذه النظرة إلى نوع من التقديس، ولا ننشغل هنا بتحليلات بعض التيارات السياسية التى أدلت بدلوها فى تحليل هذه الظاهرة إما بالسخرية من الجماهير أو يأسا منها، فى اتباع ما تؤمن به هى، وتحاول دفع هذه الجماهير نحو ما تقدمه من رؤية.نثق جيدا فى حدس الناس، ولا يستطيع أحد مهما كانت قوته فى الدعاية المضادة بكل أشكالها أن يوقف هذا الحدس عن العمل فى حالة تأكيده للحب أو الكره لإنسان ما، أو فكرة.

وأشار لروائي محسن يونس، إلى أن العامل الثاني هو مواكبة صعود عبد الناصر وانتباه الجماهير لمشروعه هو ملاحقتهم لقرارات وقوانين بدت قى صالح الأغلبية منهم، وتلمسهم ذلك على أرض الواقع٬ كما أن السلطة المتمثلة فى عبد الناصر كانت تعتمد على الحشد الجماهيرى٬ وسواء أكان هذا متعمدا أو غير متعمد إلا أن الشعور العام كان يلتهب حماسة٬ لشعوره أن القيادة تشاركه فى اتخاذ القرارات حتى لو لم يكن هذا فعليا إلا أن أحلام وآمال الجماهير كانت تراها تتحقق الواحدة وراء الواحدة٬ كانت الأجواء فى الخمسينات والستينيات من القرن العشرين مهيأة لقيم التحرر والشعور بالانتماء القومى ليس فى منطقتنا فقط، بل فى العالم أجمع٬ كل ذلك يصب فى جعبة تلك الشخصية التى كانت تبدو لجماهيرها مهمومة بواقعها ومستقبله.

واختتم: «أنظروا إلى صور عبد الناصر التى فتحت الباب واسعًا أمام عيوننا لنراه فى بيته يرتدى "البيجاما" التى يرتديها العامل رقيق الحال فى أى مدينة من مدن مصر، إنها الواصلة التى تربط بين الرئيس والعامل كأنهما أخوين يعيشان فى بيت واحد٬ تعرف الناس على أولاده، وبعضًا من حكاياتهم التى تنتهى دائما بدرس أن الناس سواسية٬ وأن عليك احترام زملائك بصرف النظر عن وضعهم المالى أو السلطوى. صور كثيرة بنت علاقة حميمية مورثة لا يمكن فصمها ـ لأنها بدت كأنها تخاطب الحقيقة دون تزييف، هذا زعيم من الناس، ولأنه من الناس فهم أولى به، ولن تستطيع أية قوة خلع مكانه من القلوب حتى بعد رحيله من خمسين سنة أو ألف سنة».