رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد ناصر.. «أبولمعة»

محمد ناصر
محمد ناصر

القصة لا تحتاج لتأصيل، أو مدخل لتفهم شخصية محمد ناصر، بكل بساطة يمكن أن ننظر إلى هيئته قبل أن ينطلق إلى تركيا ويلتحق بذيل الإخوان، ونقارنها بهيئته الحالية وهو يرتدى أغلى البذلات وأفخمها، لتعرف كيف يمكن أن تكون مهنة الأجراء مربحة ومريحة للغاية.
نعم.. كان جربوعًا، والفقر ليس عيبًا، ولا يمكن أبدًا أن نعاير إنسانًا بما كان عليه فى فقره.
لكن أين المشكلة؟
المشكلة أنه ما زال يدّعى الفقر حتى الآن.. وما زال يشكو، وهى كذبة لا تتناسب مع ما يعيش عليه وفيه الآن، خاصة مع التحولات التى طرأت على شكله، ووجهه الذى يلمع بعد أن كان شاحبًا ونتنًا.
حلقتان متتاليتان مؤخرًا، يحاول محمد ناصر فيهما نفى وثيقة، ظهرت، تزعم بأنه يتقاضى آلاف الدولارات فى تركيا، وقال إنه لا يتقاضى شيئًا، وإنه يدفع قروضًا لقناة مكملين، وإنه يملك سيارة متواضعة، وفيما معناه، فهو يقدم أثمن التضحيات من أجل الوطن والدفاع عن المظلومين والمهمشين والحق نفسه سبحانه وتعالى.. دون مقابل.
ما زال ناصر يبيع الوهم والارتزاق بداعى المظلومية، تلك البضاعة الرائجة التى كان يبيعها ويقتات منها، حين كان يعيش دور الفنان المثقف فى مصر.
وهنا أكبر درس يمكن أن يتعلمه الإنسان، أن فلوس الارتزاق قد تغيّر إنسانًا معفنًا من الخارج، لكن لا يمكنها أن تقضى على زناخته من الداخل.
نحن أمام مواطن مصرى كان يتمتع بكامل حريته فى بلده، اختار أن يكون عبدًا عثمانيًا، يمسح جوخ العثمانيين الجدد من أجل حياة مريحة وبيت فاخر وآلاف الدولارات شهريًا فى حسابه البنكى، ثم الحصول على الجنسية التركية، فهو بكل وضوح ودون مواربة، باع كل شىء فى ضميره، وأخذ كل ذلك، ونظن أن كل ما أخذه يرضى نفسه الدنيئة التى اعترف بنفسه عنها فى لقاء قديم مع «شوبير»، وقال: «أنا أنانى.. بحب نفسى فقط وبحب الحياة»، فهو رجل صاحب مزاج، يرفع الشعارات بيده اليمنى، ويأخذ مقابلها بيده اليسرى.
يمكن أن نقول إن محمد ناصر هو «أبولمعة» فى ثوبه الجديد، «أبولمعة» تلك الشخصية الدرامية التى كانت تعيش على الكذب، فهو يكذب كذبًا لا حدود له، ويقتات منه، فالكذب هو سلعة ناصر وكل أعوانه ومن شابههم، ولا مانع ولا خجل لديهم أن يمارسوا «الفلقسة» اليومية للمجرم العثمانى أردوغان للإبقاء عليهم فى حوزته وحمايته.
ومهما حاول محمد ناصر أن يغسل عاره وسمعته أمام أهله وناسه والمقربين بأنه كان مظلومًا فى بلده، فلن يغفر له أحد أبدًا ما اقترفه فى حق وطنه وجيشه وأبناء وطنه.
لن ينسى له التاريخ حين وقف وقال: «اقتلوا ضباط الشرطة والجيش»، ولن ينسى له التاريخ حين وقف وقال: «الجيش المصرى لا يقوى على الوقوف أمام جيش الأتراك»، وحين أهان الشعب المصرى ووصفه بشعب فرعون الذى يستحق الضرب بالسياط، لن ينسى له أحد حين قال فى سبتمبر الماضى بعد دعوات المقاول محمد على للثورة: «أشوفها بتولع.. أشوفها بتولع يا مصريين».
إننا نقف اليوم ونحاسب كل هؤلاء الخونة، ونذكرهم بحقيقتهم، وعليهم الوقوف أمام أنفسهم، وبالتحديد محمد ناصر، فهل نسى ما قاله بالصوت والصورة فى قناة «الشعب» فى ٢٠١٢: «الحمد لله.. أجلس الآن، لا أنا مع إخوان ولا مع حزب الكنبة ولا مع التيار الشعبى»؟، هذا المشهد كان وكأنه يندب حظه لأن أحدًا لا يراه، كأنها دعوة وصرخة: «حد يشوفنى بحاجة»، ويبدو أن الاستجابة قد جاءت من الإخوان، ليلتحق بفريق العثمانيين للصوتيات والمرئيات والفلقسة عبر الشاشات، يمارس العهر والكذب ليلًا وراء نهار، ويجتهد كى ينال رضا صاحب الباب الواطى فى إسطنبول.