رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فيضانات السودان تكشف فساد نظام «البشير»

فيضان
فيضان

يشهد السودان موجة من الفيضانات الهائلة التى أسفرت عن مقتل أكثر من 100 مواطن وتشريد أكثر من نصف مليون أخرين، بالإضافة إلى تدمير المنازل المساكن والبنى التحتية.

وأظهرت الفيضانات التي ضربت معظم مناطق السودان حجم الدمار الكبير الذي لحق بالبنية التحتية والاقتصاد السوداني بسبب نهب ما يقدر بنحو 750 مليار دولار من موارد البلاد خلال الأعوام الثلاثين من حكم نظام حزب المؤتمر الوطني، الجناح السياسي للإخوان.

وكشف محمد التاج من سكان الفتيحاب بمدينة أم درمان، خريج هندسة، عن الضرر الذي ألحقه فساد نظام البشير بالمجتمع السوداني.

وقال التاج:"تحطمت البيوت من حولنا لأنها لم تكن مبنية بالمواصفات اللازمة لحمايتها من الفيضانات، ولا توجد بنية تحتية كافية لأن أموال البلد تعرضت للنهب طوال الأعوام الماضية".

وحتى 2019، ظلت منظمة الشفافية الدولية تصنف السودان في المراكز الأربع الأولى كأكثر بلدان العالم فسادا، بعد أن كان يتمتع بسجل جيد قبل استيلاء نظام البشير على السلطة.

وكان الفساد الذي استشرى في البلاد بسبب تحول الحزب الحاكم إلى دولة داخل الدولة هو أحد أبرز محركات الثورة التي أطاحت بالبشير.

وأفقد نظام البشير البلاد موارد قدرها خبراء ومراقبون في تحقيق بنحو 750 مليار دولار وغير المباشرة بأكثر من 250 مليار ليصل الحجم الكلي للفساد إلى أكثر من تريليون دولار، وفقا لفضائية سكاى نيوز عربية.

فيما كشفت الخبيرة القانونية إقبال أحمد، أن الرقم أكبر بكثير من ذلك إذا ما حسبت معه الآثار التراكمية التي ترتبت على الاقتصاد السوداني طوال حقبة المؤتمر الوطني التي امتدت 30 عاما.

وانعكست هذه الآثار الضخمة على حياة سكان السودان البالغ تعدادهم نحو 40 مليون نسمة، يعيش حاليا أكثر من 80 % منهم تحت خط الفقر.

ويشكل الفساد القاسم المشترك في معظم الجرائم الخمس الكبرى التي يحاكم عليها حاليا الرئيس السابق عمر البشير وعدد من عناصر نظامه وأقاربه.

وأصاب الدمار البنى التحتية في كافة مدن ومناطق البلاد، كما زادت معدلات الفقر بشكل غير مسبوق واختفت الطبقة الوسطى تقريبا وأصبحت جزءا من تركيبة الطبقة الفقيرة الغالبة في البلاد التي حرمت حتى من بناء المسكن الامن، وفقا لما تشير إليه الكاتبة الصحفية أمل تبيدي.

وأصبح معظم السودانيين يعيشون في أحياء تفتقد لأنظمة الصرف وفي مساكن تبنى بمواد بسيطة لا تستطيع مقاومة الكوارث الطبيعية.

وكان للقطاع الزراعي نصيب كبير من الفساد الذي خلفه نظام البشير حيث خسر أكثر من 150 مليار دولار كان نصيب مشروع الجزيرة، الأكبر من نوعه في العالم، نحو 100 مليار دولار.

كما شكل التلاعب في الصادرات وجها اخر من أوجه الفساد إذ أشارت تقارير إلى إخفاء عشرات المليارات من أرقام الصادرات خصوصا النفط والذهب.

وطال الفساد أيضا مؤسسات القطاع العام التي بيعت بأقل من قيمها الحقيقية بنحو 220 مليار دولار.

وفقد السودان نحو 300 مليار دولار بعد إدراجه في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي في قائمة الدول الراعية للإرهاب بسبب ميول النظام الأيديولوجية واستضافته لعدد من المتطرفين والمتشدد العرب، والعقوبات التي فرضت عليه لاحقا في العقد الأول من القرن الحالي عقابا على جرائمه التي ارتكبها في حرب دارفور التي اندلعت في العام 2003.

كما أوضح أستاذ الاقتصاد وعضو اللجنة الاقتصادية وأحد أبرز المرشحين لتولي وزارة المالية في التشكيلة الحكومية الجديدة المرتقبة، محمد شيخون، أن الفساد في عهد النظام السابق كان ممنهجا ومحميا بقدر كبير نظرا لسياسة التمكين التي انتهجها النظام.

وأشار شيخون إلى أن التلاعب في أرقام صادرات النفط والذهب كان أحد أوجه الفساد المدمرة التي انعكست بشكل مباشر على الاقتصاد السوداني.

ويشدد شيخون على ضرورة أن تشهد الفترة المقبلة إجراءات أكثر صرامة تضمن دخول كافة عائدات الصادرات إلى الخزينة العامة.

وفى السياق، أكد الخبير المصرفي والقيادي في قوى الحرية والتغيير، محمد عصمت يحيى، أن عناصر النظام السابق هربوا أكثر من 64 مليار دولار إلى خارج البلاد سواء بشكل مباشر أو عن طريق تصدير سلع أن تعاد عائداتها وخصوصا النفط والذهب.

ولفت يحيي إلى أن نافذين في النظام السابق كانوا يتحكمون في صادرات النفط خارج إطار الدولة وهو ما أكده تقرير منظمة النزاهة، وفقا لفضائية سكاى نيوز عربية.

فيما يقدر عميد كلية الحاسوب بجامعة مدني الأهلية، الدكتور عبدالله عكود، حجم الفساد والأضرار التي لحقت بالمشروع خلال الفترة من 1990 وحتى نهاية 2018 بأكثر من 100 مليار دولار.

ويصف عكود الفساد الذي شهده المشروع، الذي كان يعد أكبر مشروع في العالم يروى بالري الانسيابي، بالمدمر.

فيما تصف المحامية إقبال الفساد الذي شهده السودان خلال العقود الثلاثة الماضية بالعمل الكارثي الذي أقعد اقتصاد البلاد وأضر بالتركيبة السكانية حيث خلق طبقة طفيلية أشبه بسلاسل المافيا، تمثلت في مجموعة نافذي المؤتمر الوطني وعدد من المنتفعين حولهم الذين كانوا يسهلون كافة أنشطة الفساد بما في ذلك بيع مؤسسات القطاع العام والصفقات الاستثمارية المشبوهة.

وتقول إقبال، وهي عضو في العديد من اللجان القانونية التي شكلت مؤخرًا، إنه وفقا للمعطيات المتوافرة والتي تشمل الخسائر الكبيرة التي لحقت بمشروع الجزيرة والمقدرة بأكثر من 100 مليار دولار والتلاعب في القروض الخارجية وإخفاء عشرات المليارات من أموال الصادرات والعديد من أنشطة الفساد الأخرى المدمرة فإن الأرقام التي تقدر الخسائر التي لحقت بالاقتصاد السوداني بتريليون دولار خلال العقود الثلاثة التي سبقت سقوط نظام المؤتمر الوطني تعتبر متحفظة جدًا لأن حجم التلاعب بالمال العام وأصول البلاد كان كبيرا بشكل لا يصدق.