رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عبدالمنعم شميس يواصل سرد حكاياته فى «حرافيش القاهرة»

حرافيش القاهرة
حرافيش القاهرة

يواصل عبدالمنعم شميس، أحد أكبر كتاب الإذاعة للدراما التاريخية والثقافية والإسلامية، سرد حكاياته بأجمل وأصدق النماذج البشرية الحية التي عاصرها في حي عابدين ونشرها في كتابه "حرافيش القاهرة" الصادر عن هيئة الكتاب.

ومن هذه النماذج البشرية التي رصدها "شميس" في كتابه شخصية البروفيسور باول كراوس٬ وحسب موسوعة ويكيبيديا عن "كراوس" بأنه مستعرب نمساوي يهودي درس اللغات الشرقية بجامعتي براك وبرلين، له «رسالة في تاريخ الأفكار العلمية في الإسلام» ثلاثة أجزاء، و«رسالة في فهرست كتب محمد بن زكريا الرازي لأبي الريحان البيروني» مات منتحرًا.

كان عبد المنعم شميس قد عاصر الفترة التي تواجد فيها "كراوس" في القاهرة٬ وربما كان صديقا شخصيا له فكتب عنه وعن الصداقة التي جمعت بين كراوس ونجار مصري بسيط يدعى الأسطى أحمد النجار.

يقول "شميس": أن تجد الأسطي أحمد النجار أشهر النجارين في القاهرة أمام ورشته يجلس على كرسي يتبادل حديثا وديا مع صديقه "باول كراوس" المستشرق النمساوي اليهودي الهارب من فظائع النازي في موطنه ألمانيا وجد الأمن والأمان في القاهرة حيث عين أستاذا للغات السامية وفقه اللغة بكلية الآداب جامعة القاهرة وكان أستاذا عظيما في اللغات له اهتمامات خاصة في الأدب العربي والفلسفة الإسلامية وقد ربطت أواصر الصداقة بين كراوس والنجار.

فتجد كراوس يأتي كل يوم جمعة ليجلس مع الأسطى أحمد النجار على كرسيين على الرصيف أمام ورشة النجارة يتحدثان في موضوعات فلسفية عميقة رغم أن الأسطى أحمد النجار رجل أمي لا يقرأ ولا يكتب ولكنه كان ذكيا مثقفا٬ وكان الدكتور كراوس كثير الحديث عما يدور في ذهنه عن القرآن ويحاول أن يثبت بطرق مختلفة أنه شعر وبذلك يكون محمدا صلى الله عليه وسلم شاعرا ويتحقق اتهام كفار قريش للنبي صلى الله عليه وسلم بطريقة علمية حديثة.

وقد سيطرت هذه الأفكار على عقل الدكتور كراوس في الشهور الأخيرة من حياته وأعد كثيرا من صناديق البطاقات التي يسجل فيها عناصر بحثه الجنوني وبدأ يقطع آيات القرآن على موازين الشعر العربي المعروفة والمجهولة على السواء وإن أعجزته الحيلة استرجع أوزان أو موسيقى الشعر العبري أو السرياني في محاولته، فينشد أشعار نشيد الإنشاد أو شعر الأشعار من التوراة باللغة العبرية، ثم يرتل بعض آيات القرآن باللغة العربية ويحاول أن يوجد صلة بينهما من ناحية الوزن الموسيقى.

وفي إحدى زياراتي له في شقته بالزمالك، استمر ليلة كاملة وهو يجري هذه البروفة وهو يروح ويجيء وسط الغرفة ثم يسجل على الورق كلاما ويحاول إقناعي بأن القرآن شعر٬ وفي سهرة ثانية من هذه السهرات بذل الدكتور كراوس مجهودا غريبا في محاولة إيجاد ميزان شعري لسورة الرحمن وظل يقفز في الغرفة قفزات تشبه قفزات المايسترو المجنون الذي فقد السيطرة على الأوركسترا وظل يتحرك وحده على خشبة المسرح وفي يده عصاه التي تتحرك نحو المجهول تلك المحاولات التي انتهت بانتحاره ذات ليلة وشنق نفسه بحبل الروب في الحمام وانتهت هذه الصفحة التي كانت من ظواهر الجنون كما قال لي الدكتور يوهان فوك ".