رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

انتصارعبد المنعم: الكتابة نشوة تتأرجح بين الخلاص والسلوى

انتصارعبد المنعم
انتصارعبد المنعم

ولدت في إدكو، مدينة مر بها غزاة من أتراك وإنجليز وفرنسيين، لم يشيدوا فيها قصرا لهم أو مقرا، لم يؤثروا في أهلها، إنها الروائية والقاصة وكاتبة أدب الطفل انتصار عبدالمنعم.

حصلت "انتصار" على عدة جوائز مصرية وعربية منها: جائزة الدولة التشجيعية في الآداب 2014، جائزة سلسلة الكتب الثقافية للأطفال لمكتب التربية العربي لدول الخليج عن كتاب "الأميرة الصلعاء" 2012، جائزة المركز الأول في مسابقة إحسان عبدالقدوس2010عن قصة "تنويعات على ذات الرحلة"، جائزة دكتور عبدالغفار مكاوي للقصة، عن المجموعة القصصية" عندما تستيقظ الأنثى" 2012، تم تكريمها عن أديبات مصر في مؤتمر أدباء مصر عام 2011 لإسهاماتها الأدبية، جائزة يوسف أبورية للروايةعن رواية "كبرياء الموج" 2018.

تناولت أعمالها بعض رسائل الدكتوراة والماجيستير منها ما أعدته الباحثة الصينية (XUTIANJIAO) في رسالة ماجيستير تحت عنوان بنية السرد في "عندما تستيقظ الأنثى" للروائية، إنتصار عبدالمنعم، و"الأبدية بعيدا جدا" للروائية الصينية (TIA NINJ) تيه ننج.. في كلية الآداب، جامعة الإسكندرية تحت اشراف الدكتور محمد زكريا عناني فى2018.

هي عالم متفرد في الحياة والكتابة، كذلك علاقتها بالمكان والزمن وماهيتي المدينة، أو المركزية والأطراف، عن الكثير والغزير والبعد عن الشللية والعكوف على مشروعها السردي الكتابي، التقتها الدستور وكان هذا الحوار.

* حدثيناعن مدينة إدكو والإقامة بالإسكندرية في كتاباتك؟
- ولدت في مدينة إدكو، وهي مدينة ذات قدر غريب، مر بها الغزاة والولاة من مماليك وأتراك وانجليز وفرنسيين، ولم يقيموا فيها قصرا لهم أو مقرا، ولم يؤثروا في أهلها، ولا يوجد فيها من يفخر بأن له أصول دخيلة.
على شاطئها، تم اكتشاف أكبر حقل غاز طبيعي في الشرق الأوسط، ولكن، أطلق عليه اسم المدينة المجاورة لها "رشيد".. إدكو مدينتي، أعطت لكل ما أكتب المعنى والحياة، فهي مدينة الماء والرمال، البحر الأبيض المتوسط في شمالها وبحيرتها "إدكو" جنوبا، الماء فرض على الجميع حياة الصيد.. ولذلك تظهر إدكو في كل أعمالي، ببحرها، وبحيرتها، وأساطيرها وحكايا الأجداد، أحاول جاهدة حماية التراث من الاندثار.

مارس أهلها كل المهن، الصيد بالنسبة لهم حياة، مارسوا الزراعة، لكنهم لم يفلحوا في أن يصبحوا فلاحين. مدينتي موجودة بصفاتها وليست باسمها الصريح في كل أعمالي ومنها روايات " لم تذكرهم نشرة الأخبار" عن دار روافد، "كبرياء الموج" عن دار الهلال، "جوكات- حكايا الدار الحمراء" عن الهيئة العام للكتاب.. ولكنها موجودة بصفتها وفنونها في كتابي" حرف الأجداد – مستقبل الأحفاد" في سلسلة اقرأ عن دار المعارف، ولكي أكتبه جلست إلى الحرفيين في قرى إدكو ورشيد، وعايشتهم كي أوثق الحرف القائمة على النخيل والغاب..

أما الإسكندرية، فهي الامتداد الطبيعي لإدكو، نصف ساعة بينهما، كأني أخرج من باب بيتي بالإسكندرية، لأدخل بيتي الصيفي في إدكو.. فعندما أكتب يكونا دوما بؤرة الشعور وهامشه بالنسبة لي وبدرجة واحدة من الحب.

* ماذا عن علاقتك بماهيتي الإقامة وتمثيلاتها فيما يخص الأقاليم والقاهرة؟
- إقامتي بالاسكندرية تعطي لكتاباتي سمة متأثرة بالبحر، لكن ما إن يتم نشر العمل يصبح الترويج له خاضعا لجغرافيا المكان والاختلاط بصانعي البروباجندا.. لكن، مسألة التحقق تعود إلى جودة العمل الأدبي فقط، أما مشكلة الإقامة خارج العاصمة فتكمن في أنها تبطىء من عملية التعريف بالعمل وتقديمه لقاعدة أوسع من القراء، ومن يسعده الحظ بمعرفة ناقد يختصر له الطريق بالتنويه عن العمل أو تناوله بمقال.

لم أشعر بضرورة التواجد في القاهرة، عن طريق تكنولوجيا التواصل عبر الانترنت، نشرت أعمالي في كبريات المجلات والجرائد والمواقع داخل وخارج مصر، لم يسبق لي مقابلة رؤساء التحرير ولا مسؤولين بها، ما أكتبه ينوب عن وجودي بالجسد، بل إن روايتي الأخيرة" جوكات" عبرت الحواجز، أصبحت ضمن مقررات طلبة الدكتوراة في جامعة واسط بالعراق، أما من يقول بضرورة التواجد في القاهرة، عن نفسي لا أستطيع العيش في القاهرة أكثر من ثلاثة أيام، ويكفيني أن كل مجال كتبت فيه حصلت عنه على جائزة، وأول مجموعة صدرت 2009 حصلت على جائزة دكتور عبدالغفار مكاوي، كانت موضوع رسالة ماجيستير لباحثة من الصين، وبعد ست سنوات من احترافي الكتابة، حصلت على جائزة الدولة التشجيعية، وجوائز في أدب الطفل والقصة.

* كيف كانت طفولتك وعلاقتك مع الكتب؟
- أنا من أسرة قارئة، الكتب في كل مكان، ففي حين كان أقراني يتعلمون القراءة في كتب المدرسة، كنت أتعلمها بمقالات كبار الكتاب بصحيفة الأهرام على يد والدي، وفي الوقت الذي كانت الفتيات تتسلى بروايات عبير وزهور، كان والدي يأتيني بكتب من مكتبة الكلية البحرية في الأدب والجغرافيا والتاريخ والسياسة وغيرها.. كل هذا شكل ذاكرتي، التي استدعيها عند الحاجة، لدي مكتبة منذ الصغر، فقد كان والدي يصر دوما على شراء الكتب.

* ماذا عن شخصية الكاتب والحياة فيما يصبغ كتاباتك، حسيي أو ظاهر؟
- الكتابة كما أعطتني مساحة من الحرية على الورق، أعطتني أيضا الحرية على أرض الواقع، فأنا أستمتع بكوني كاتبة، أعطيت لنفسي المجال لاكتشف ما حولي، أحيانا أجلس إلى جوار بائعة جبن، وكأني أساعدها، وأحيانا أجلس على مقهى الصيادين، أتجاذب الحديث مع الحرفيين في مشغل الشربيني، وسعادتي في مسقط رأسي إدكو، أشعر أني على قيد الحياة، وسأظل على قيد الوجود في تاريخها..أشعر بالسعادة لأن مسقط رأسي تعرفني، وتحتفي بي.

* كيف تريين مستقبل وشكل الكتابة بعد أزمة جائحة كورونا؟
- كورونا، عدو حصد الأرواح بلا تمييز، أظهر قيمة كل يوم نعيشه، أصبحت ممتنة لوجودي على قيد الحياة، الدقائق ثمينة، والعدو الخفي أظهر ضعفنا، أعتقد أن الحوادث الكبرى لابد أن ينتج عنها أعمالا ناضجة، فليس من المعقول أن تظل قضية الصراع بين الرجل والمرأة والعلاقات المتشابكة بينهما، هي محور الأعمال الأدبية، فقد تخلصت من هذه المرحلة بعد 2011، انفتح أمامي عالم مدهش وضعته في أعمالي، سواء للأطفال، أو مشروعي الأكبر الذي أعمل عليه حاليا: "ثلاثية البحيرة"، وكانت "جوكات" الجزء الأول" منه، و"رواية "نخلة شافع" الجزء الثاني" والثالث قيد الاعداد.

* ما هي أقرب أعمالك لروحك؟
- كل أعمالي وعناويني سواء في الرواية، القصة، حتى كتاباتي للاطفال،تمثل حكايتي مع افكاري، كل عمل يعتبر محطة فارقة أبني عليها رؤى جديدة، "كبرياء الموج"، "حكايتي مع الإخوان"، كذلك "مالم تذكره نشرة الأخبار"كل عنوان روائي أو قصصي أو بحثي أو حتى سردا للفتيان أو الأطفال كان ورائه هدف ومشروع في تحقيق حلم ورغبة في التخلص من التوتر بحثا عن براح في الوجود وفي نفسي من قبل وبعد، فالكتابة بالنسبة لي ليست فضفضة بقدر ما هي نشوة تتأرجح بين معانى الخلاص والسلوى.