رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العنصرية تشعل أمريكا.. خبراء يكشفون لـ«الدستور» سيناريوهات المشهد الأخير

العنصرية
العنصرية


◄أيمن شبانة: ما يحدث هو نتاج طبيعي لترسخ العنصرية.. وواشنطن ستحول الأزمة إلى قضية
◄طارق فهمي: أمريكا ليست «جمهورية موز».. وترامب عنصري
◄سماء سليمان: تغريدات ترامب أشعلت الموقف.. والتدخلات الخارجية شماعة البيت الأبيض

مساء الإثنين الماضي، انتشر خبر مقتل المواطن الأمريكي جورج فلويد كالنار في الهشيم، واندلعت الاحتجاجات في مدينة منيابوليس، لتنتقل بعدها إلى ولايات أمريكية أخرى، لتتحول بعد ذلك إلى أعمال شغب وعنف وإحراق لمراكز الشرطة، وفرضت السلطات الأمريكية في لوس أنجلوس وفيلادلفيا وأتلانتا، السبت الماضي، حظرًا للتجول لاحتواء الموقف.

«لا أستطيع التنفس» كانت الجملة الأكثر انتشارًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهي العبارة التي نطق بها «فلويد» قبل لفظ أنفاسه الأخيرة، في مشهد ليس سينمائيًا لشرطي أبيض يدعى ديريك (44 عامًا)، ضغط بكل ما أوتي من قوة على عنق «فلويد» قبل أن يفارق الحياة.

«اليسار المتطرف» كان حجة ترامب الجاهزة لتفسير الأزمة للرأي العام، إذ قال: «يجب ألا نسمح لمجموعة من المجرمين أن تدمر مدننا».

في الوقت ذاته، انتقد ساسة وأعضاء بالكونجرس أداء الشرطة الأمريكية، وعلق عضو الكونجرس الأمريكي من أصل إسباني، خواكين كاسترو، على مقتل «فلويد» بقوله: «إن التفاوت العنصري موجود في كل جانب من جوانب المجتمع الأمريكي».

150 عامًا مرت على إعلان «تحرير العبيد» في أمريكا، إلا أن المراقبين يرون أن حادث مقتل «فلويد» ليس حادثًا معزولًا، وأنَّ هذه الأزمة تشير إلى تنامي العنف والتطرف والتمييز في المجتمع الأمريكي ضد الأقليات وخاصة السود، وأن الحادث يشير إلى أن العنصرية لم تنته، لكن ماذا يحدث هناك؟، أهو «الربيع الأمريكي» أم أن ما يحدث هو احتجاجات عادية.

الدكتور أيمن شبانة، أستاذ العلوم السياسية بكلية الدراسات الإفريقية العليا، قال إن ما يحدث في أمريكا هو احتجاج على مقتل مواطن من أصحاب البشرة السوداء نتيجة لرعونة فرد أمن، إلا أن العنصرية في أمريكا ما زالت موجودة في الممارسات السياسية.

وأضاف «شبانة» لـ«الدستور»: «التفرقة على أساس اللون لا تزال موجودة في الأذهان، والدليل هو إطلاق لفظ أول رئيس أسود على الرئيس السابق باراك أوباما، وأول وزير خارجية أسمر على كولن باول».

وتابع: «الولايات المتحدة تعاملت مع الاحتجاجات بعنف، وما يحدث هو نتاج طبيعي لترسخ العنصرية عند قطاع عريض من الشعب الأمريكي، حتى وإن اختفت هذه العنصرية في السياسات».

إنهاء الأزمة كما يرى «شبانة»، سيكون بتحويل واشنطن الأزمة إلى قضية جنائية تحقق فيها السلطات لمحاسبة الجاني مع فرض بعض القرارات التي ربما تمنع مثل هذه الجرائم مستقبلًا.
أما الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، فيرى أن الولايات المتحدة لا تواجه مأزقًا أمنيًا أو سياسيًا، فالأحداث نفسها تكررت على ما يقرب من 6 مرات في عهد أوباما، وهي المرة الثانية التي تحدث في عهد الرئيس دونالد ترامب.

وتذهب رؤية «فهمي» للأوضاع هناك- بحسب ما ذكر لـ«الدستور»- إلى سيناريوهين، أولهما استمرار حالة الفوضى وبالتالي نزول بعض وحدات الجيش وقوات الأمن وفق حالة كل ولاية ومقاطعة.

أما السيناريو الثاني فمرتبط بوجود قوة في المجتمع الأمريكي تستفيد من استمرار حالة التأهب واتهام ترامب باستخدام الفوضى وتعمل تحت شعار «أمريكا للجميع».

ويؤكد فهمي أن «أمريكا ليست جمهورية موز ليتحدث البعض عن تغيير النظام أو إسقاط النظام الفيدرالي المتماسك»، موضحًا أن ترامب «عنصري ويتضح ذلك من برنامجه الانتخابي المعتمد على أن أمريكا للأمريكان ولا مساحة للزنوج أو الإسبان أو الملونين فيها».
الدكتورة سماء سليمان، المتخصصة في العلاقات الدولية، قالت لـ«الدستور» إنَّ ما يحدث في أمريكا هو تكرار لمشهد واحد يكشف اضطهاد أحد أفراد الشرطة لمواطنين أمريكيين يشتركون في لون بشرتهم السوداء، وهذه المرة انتشر فيديو على نطاق واسع يظهر شرطيًا، راكعًا فوق رقبة «فلويد»، فيما كان المواطن جورج فلويد يردّد «لا أستطيع أن أتنفس، أرجوك لا تقتلني»، ثم لفظ أنفاسه الأخيرة.

وأضافت: «فتح مقتل المواطن الأمريكي، الجدل حول عنصرية الشرطة الأمريكية ضد المواطنين السود، واستمرار العنصرية ضدهم رغم القوانين العديدة، وحتى بعد اختيار أوباما الرئيس الـ44 للولايات المتحدة وهو من أصول إفريقية، لكن يبدو أن العداء بين أفراد الشرطة البيض ضد السود لن ينتهي».

أما عن تصاعد الأحداث في وقت انتشار فيروس كورونا المستجد في الولايات الأمريكية، فقالت: «كان هناك تأثير كبير لما تناقلته بعض الصحف وعلى رأسها (واشنطن بوست) بإن وباء كورونا يصيب ويقتل الأمريكيين من أصول إفريقية بمعدل مرتفع ومثير للقلق، وفقًا لتحليل أجرته الصحيفة على البيانات الأولى من مختلف أنحاء الولايات المتحدة، فيما أظهر تحليل البيانات أن معدل الإصابة في المقاطعات ذات الأغلبية السوداء، 6 أضعاف مقارنة بالبيض».

وتابعت: «تغريدات ترامب العنصرية دفعت المتظاهرين لمحاولة اقتحام البيت الأبيض، مما جعله مكان غير أمن بالنسبة لترامب».

ومضت قائلة: «هذه ليست المظاهرات الأولى تجاه عنصرية الشرطة، ولكنها المرة الأولى التي تشهد انتشارًا بين العديد من الولايات، ونزول 500 من الحرس الوطني»، كما أن إدارة ترامب تحاول تعليق فشلها على شماعة «الأطراف الخارجية وأعداء أمريكا».