رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العيد.. رقاب الإرهابيين.. والعبيد


العيد، عند العرب، هو الوقت الذى يعود فيه الفرح والحزن، وقيل إنهم اشتقوا الكلمة من عاد يعود كأَنهم عادوا إِليه، أو من العادة لأَنهم اعتادوه. وكان فى الأَصل العِوْد، فلما سكنت الواو وانكسر ما قبلها صارت ياء، أو تم قلب الواو إلى ياء ليفرقوا بين الاسم الحقيقى وبين المصدريّن.
العيد، أيضًا، هو ما يعود من شوق أو مرض. وفى «لسان العرب» هو ما اعتادَك من الهمِّ وغيره. وفى ذلك قال الشاعر: والقلب يعتاده من حبها عيدُ. وربما لهذا السبب كان الكورال أو الأطفال يردّون بـ«يا سلام»، على الأستاذة صفاء أبوالسعود، كلما قالت «العيد فرحة»، أو زعمت أنه «أجمل فرحة». وغالبًا، يرجع هذا الإعجاز اللغوى فى تلك الأغنية: أغنية «أهلا بالعيد»، للملحن جمال سلامة، الذى جعل الأطفال مندهشين وأكثر ميلًا إلى عدم تصديق ما كتبه الشاعر عبدالوهاب محمد!.
المهم، هو أن عيد الفطر المبارك يعود هذا العام وكل الدول الإسلامية، تقريبًا، تفرض تدابير مشددة، تفاديًا لموجة جديدة من الإصابات بفيروس «كورونا المستجد». ولن تقام صلاة العيد فى المساجد والساحات، لأن تلك الدول، منذ وصلها الفيروس، قررت تعليق صلاة الجمعة والجماعة فى المساجد، بما فيها المسجد الحرام والمسجد النبوى. وبدءًا من عصر أمس الأول، الجمعة، بدأت السعودية تطبيق قرار حظر التجول الكلى فى جميع مدن ومناطق المملكة، حتى نهاية يوم الأربعاء ٤ شوال، رابع أيام العيد. كما أصدر عبداللطيف آل شيخ، وزير الشئون الإسلامية السعودية، توجيهًا بعدم إقامة صلاة العيد فى الجوامع والمصليات.
قبل أن يضحك عليك العبيد، أو غلمان جزيرة «موزة»، ويوهمونك بأن السعودية تحارب الإسلام، اعلم، حرقك الله، أن وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية القطرية أعلنت، فى بيان، عن استمرار قرار إغلاق المساجد وإيقاف صلوات الجماعة، بما فيها صلاة عيد الفطر. وأيضًا، أعلنت رئاسة الشئون الدينية التركية، فى بيان أصدرته الخميس، عن عدم إقامة صلاة عيد الفطر فى المساجد. وبدأ منتصف ليل الجمعة سريان حظر التجول، لمدة ٤ أيام، فى كافة الولايات التركية. وهو الحظر الذى سبق أن أعلنت الرئاسة التركية، فى حسابها الرسمى على تويتر، أنه سيبدأ «يوم عرفة»، ظنًا منها، أو من أحمق تركيا الأكبر، أن «وقفة عرفة» تسبق عيد الفطر.
النكتة، هى أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يكاد يكون هو الرئيس الوحيد، فى العالم، الذى طالب حكام ولاياته بإعادة فتح المساجد. وقال، الجمعة، خلال مشاركته فى حفل تكريم أسرى ومفقودين من قدامى المحاربين، إن «أماكن العبادة مثل الكنائس والمعابد والمساجد أساسية اليوم، وتقدم خدمات لا غنى عنها».
ترامب مستاء من أن «بعض المحافظين اعتبروا متاجر الخمور، وعيادات الإجهاض أماكن أساسية»، ورأى أن ذلك ظلمًا عليه أن يقوم بتصحيحه، لأن «الناس يطالبون بالذهاب إلى الكنيسة والمعبد، وإلى مساجدهم». وقال: «أحض الحكام على السماح بإعادة فتح كنائسنا وأماكن العبادة لدينا»، محذرًا إياهم بالقول «إذا لم تفعلوا ذلك، فسوف أتجاوز الحكام.. فى الولايات المتحدة نحتاج مزيدًا من الصلاة، لا أقل». ولا يعنى ذلك، طبعًا، أن المسلمين هناك صار بإمكانهم صلاة العيد فى المساجد والساحات. ليس فقط لأن «الخناقة» لم تنته بين ترامب وحكام الولايات، ولكن أيضًا لأنهم سيكونون بلا دم أو إحساس لو عيّدوا بينما عدد المصابين يقترب من المليونين، وكاد عدد من حصد الوباء أرواحهم يلامس المائة ألف.
عَيَّدَ أى شَهِدَ العِيدَ واحتفلَ به. وفى أيام مضت كانت أغنية الصغار المفضلة هى «بكرة العيد ونعيد، وندبحك يا شيخ سيد». وهناك من يرجحون أن الشيخ سيد المقصود هو الإرهابى سيد قطب، الذى تم إعدامه قرب العيد سنة 1966، بينما ذهب آخرون إلى أن أصل الأغنية كان «ندبحك يا خروف سيد» وحلت كلمة شيخ محل خروف حتى يستطيع الأطفال غناءها فى عيد الفطر الذى لا يتم فيه ذبح الخرفان.
فى الحالتين، هناك كائن يتم بيعه وشراؤه: إخوانى أو خروف، واعتاد أطفال المصريين أن يفرحوا بذبحه، أو إعدامه، بالضبط كما فرح المصريون، كل المصريين، صغارًا وكبارًا، بلقطات إعدام الإرهابى هشام عشماوى، التى انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعى، كأنها كرات لهب مربوطة فى أذيال قطط، تعاطت منشطات. وقيل إن النار طالت قلوب، مشيّها قلوب، داعمى الإرهابيين ومحركيهم، وأقضت مضاجع عبيدهم ومركوبيهم!.
عاد العيد، إذن، برقبة إرهابى جديد، أى بما مضى وبأمر فيه تجديد، محققًا نبوءة أبى الطيب المتنبى، الذى نرى ضرورة أن يأخذ داعمو الإرهابيين ومحركوهم بنصيحته وألا يشتروا العبد إلا والعصا معه. وهيا بنا نلهو ونلعب، فاليوم حرام فيه العلم، والصوم، ووجع الدماغ!.