رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أعداد الكويتيين المُنحطّين تتزايد



أعداد المنحطّين تتزايد فى كل دول العالم، منذ ظهور فيروس كورونا المستجد، ومعروف أن أسوأ ما فى البشر يخرج فى الأزمات. لكن ما جعلنا نتوقف عند تزايد أعداد المنحطين الكويتيين، تحديدًا، هو اهتمامهم المبالغ فيه بتصنيف وترتيب المصابين بالفيروس داخل دولتهم، حسب جنسياتهم. ما جعلهم عنصريين فى مجتمع طيب، مسالم ومتسامح، يتكون أساسًا من مهاجرين!.
الأربعاء الماضى، وصل إجمالى عدد المصابين، طبقًا للبيانات الرسمية، إلى ٢٢٤٨ إصابة: ١٢٤٩ هنديًا، ٣٨٠ كويتيًا، ١٨٢ مصريًا، ١٧١ بنجاليًا. والخميس، صدمتنا جريدة «القبس» الكويتية بعنوان، تصدر صفحتها الثانية، يقول إن «أعداد المصريين المصابين تتزايد». وكان تفسير العنوان أو تبريره هو أنه «للمرة الأولى منذ اكتشاف تفشى كورونا فى البلاد، تجاوز عدد إصابات المقيمين المصريين نظراءهم من البنغاليين الذين ظلوا يحتلون المركز الثالث بعدد الإصابات حتى أمس (الأربعاء)، حيث هبطوا إلى المركز الرابع، ليحتل المصريون مكانهم».
بغض النظر عن ركاكة الصياغة، وبعيدًا عن انشغال الجريدة، أو من يستعملونها، بمراقبة وتصنيف وترتيب أعداد المصابين حسب جنسياتهم، فإنك لو عدت إلى بيانات وزارة الصحة الكويتية، الصادرة فى ٦ أبريل و٧ أبريل، ستكتشف أن كاتب الخبر كاذب أو اضطر إلى الكذب حتى يخرج بهذا العنوان، الذى نعتقد أنه يغازل البغل والبغيلى، الحمار والحميرى، صفاء الهبلة وناصر الدويلة، وباقى أيقونات أو حيوانات شبكات التواصل الاجتماعى.
هل المجتمع الكويتى عنصرى؟
السؤال طرحه عبدالوهاب النصف، فى مقال نشرته الجريدة نفسها أمس الجمعة:، وكانت الإجابة هى «قطعًا لا. لأنه يتنافى مع قوانين المنطق، فكيف يكون مجتمع مكوّن من مهاجرين مجتمعًا عنصريًا؟!». وأوضح: «تخلّف يصل إلى حدود الحماقة، أن تُمارَس عنصرية من مهاجرين قدماء على مهاجرين جدد، مهما كانت مبرراتها».
نتفق طبعًا مع الكاتب الكويتى فى أن وجود «فئة من العنصريين يشكلون استثناءً فى المجتمع أمر طبيعى». ونتفق معه تمامًا فى أن «هذه الفئة من العنصريين الكويتيين لا تتعدى نسبتهم فى المجتمع عن أى فئة مماثلة فى دول العالم المتحضر». وحسنًا فعل حين أشار إلى أن ما يُعرف بـ«أزمة الهجرة»، سنة ٢٠١٢، أدت إلى طفرة فى شعبية اليمين المتطرف فى العالم كله، وليس فى الكويت فحسب.
العنصريون الكويتيون، كما يشرح عبدالوهاب النصف، تبجحوا بعنصريتهم وتجاوزوا كل الحدود الأخلاقية، ولم يدفعهم الاستمرار بهذه الطروحات إلا أنهم لم يجدوا من يُنكر عليهم بجاحتهم ويُلجم ألسنتهم. ويرى «النصف» أن هذا يعود لسببين: أولًا: لأن حججهم، مع الأسف، بخصوص العمالة السائبة وخلل التركيبة السكانية واقع ملموس ونتيجة طبيعية لغض طرف الحكومة عن تجار الإقامات، مما دفع هذه الفئة من العنصريين إلى أن تعتز بالإثم وتأخذ من التعميم منهجًا لطرحها، وتهاجم هؤلاء الفقراء الذى يُجلدون بسوطين، سوط تجار الإقامات الذين يدفعونهم كى يلهثوا ليلًا ونهارًا حتى يؤمنوا مبالغ الكفيل، وسوط هذه الفئة من العنصريين ليسلطوا حناجرهم تحريضًا عليهم وتكريهًا بهم، وهم من أطبقوا صمت القبور على تجار الإقامات.
السبب الثانى، فى رأى الكاتب الكويتى هو أن النظام الانتخابى «الصوت الواحد» المعلول يقتضى النجاح به الاستناد إلى قاعدة صغيرة راسخة تتم مغازلة عواطفها واللعب على أوتارها العرقية، وهنا تتعزز الطروحات الفئوية والعنصرية والطائفية والقبلية، فهم بحاجة إلى قضية كالوافدين ليتسلقوا من خلالها إلى كرسى البرلمان.
ما كتبه «النصف» الصغير، سنًا لا مقامًا، منعنا من إضافة النصف الكبير، وليد عبداللطيف النصف، رئيس تحرير جريدة القبس، إلى قائمة المنحطين، الذين تتزايد أعدادهم بكل أسف، والذين نؤكد أنهم لا يمثلون إلا فئة ضالة من شعب الكويت الشقيق، سبق أن قلنا ونكرر إنهم يهينون دولة الكويت، حكومةً وشعبًا، حين يعتقدون أن وجود المقيمين أو «الوافدين» يتساوى مع عدمه. ولن نقول إن الاقتصاد الكويتى قائم عليهم. ولن نوضح حجم الخسائر الفادحة التى قد يسببها الاستغناء عنهم. كما لن نشير إلى المهارات التى اكتسبوها والخبرات التى تراكمت لديهم. فقط، سنشير إلى أن دولة الكويت لديها وزارة للتخطيط وهيئة عامة للقوى العاملة، تقومان بدراسة وتقدير احتياجات سوق العمل.
.. وأخيرًا، نحن أمام محاولات بائسة للنيل من متانة العلاقات بين شعبى البلدين الشقيقين، يقوم بها هؤلاء العنصريون، بمشاركة تنظيم الإخوان وأيقوناته أو حيواناته على شبكات التواصل الاجتماعى. لكن المؤكد هو أن ما بين البلدين الشقيقين أكبر بكثير من أن يتأثر بمثل هذه المحاولات البائسة أو اليائسة، التى نطالب بضرورة اتخاذ إجراءات رادعة ضد من قاموا بها، خشية أن يلحق بهم آخرون، لو لم يجدوا من يُنكر عليهم عنصريتهم، انحطاطهم، بجاحتهم، ويُلجم ألسنتهم.