رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تغريد فياض: الأدب في زمن كورونا؟.. «مجنون» من لم يتأثر

تغريد فياض
تغريد فياض

من المؤكد أن العالم ما بعد وباء كورونا لن يعود كما كان قبله، وربما سيأتي اليوم الذي يؤرخ فيه بالفيروس، وربما قيل الوقائع الفلانية حدثت قبل أو بعد تفشيه، وبعيدا عن روايات أو عالم الــ"ديستوبيا"، استطلعت "الدستور" آراء العديد من الكتاب والمثقفين حول هذا الفيروس القاتل، وكيف يتخيل الكتاب شكل العالم ما بعد كورونا؟ وما التأثير الذي سيتركه على الأدب، وعليهم شخصيا، وهل سيفرض هذا الوباء نفسه على الكتابة فيما بعد، أو حتى تداعياته والتأثير الذي تركه على العالم كما نعرفه؟، كل هذه الأسئلة وغيرها في محاولة لاستشراف عالم الغد.

تقول الكاتبة اللبنانية "تغريد فياض": "من هو المجنون الذي يستطيع القول بأنه لم يتأثر بما حصل وما قد يحصل في العالم أجمع بسبب فيروس كورونا المستجد أو (كوفيد-2019)!، والذي ظهر في أواخر عام 2019 في الصين، لكننا لم نبدأ معاناتنا معه ومع انعكاساته إلا في بداية عامنا هذا 2020، والأولى بهذا التأثر هم الكتاب والمبدعين بشكل عام، حيث يكون تأثرهم بشكل أكثر ثراءا وتميزا في التركيز على الحدث وإظهاره من عدة طرق وزوايا مختلفة، تتنوع من مبدع لآخر".

"العالم بعد كورونا سيفتقد الكثير مما كنا منهمكين فيه منذ مدة وربما بإفراط، وسوف يكتسب قيما ومعطيات مختلفة وجديدة جدا علينا، أو ربما كان بعضها قديما ونحن قد هجرناه"، تقول فياض.

وتتابع: "بشكل شخصي، فلقد تأثرت كثيرا حين رأيت العالم يفقد واحدة من أهم مقوماته في نظري وهي الحرية الشخصية، الحرية في أن تفعل ما يحلو لك (في حدود المعقول طبعا، وغير المؤذي لغيرك)، حتى لو كان المكوث في المنزل، لكنه يكون حينها بإرادتك الشخصية، حتى لو فكرت في التمرد على ذلك، يتدخل عقلك وتفكيرك الواعي بشكل منفر، ليمنعك من هذا التمرد".

واستطردت: "فقد العالم أيضا الكثير من جمالياته ومن مظاهره الإنسانية، وأحسد الذين يعكسون الآية ويبالغون في شكر كورونا، لأنها منعت الكثير من أعمالنا وأنشطتنا الانسانية، وفي رأيهم أن هذا يصب في مصلحة العالم. فائدة واحدة رأيتها، واعتبرتها نصرا، وهي أن التلوث في الغلاف الجوي قد نقصت نسبته، وأن البيئة قد تحسنت بنسبة 45% كما قرأت في أحد مواقع الصحف، ولكن على حساب أي ثمن دفعناه وما زلنا ندفعه. طبعا هذا غير الاحساس بالأسى على الذين يصابون والذي ماتوا بسبب هذا الفيروس القبيح، والذين ينتظرون في خوف أو رعب أن يصابوا به، سواء هم أم أحباءهم. قد أستطيع تفهم، أن البعض يحاول أن يجد الجيد حتى في أقبح الظروف، وأن يستفيد من الوقت الطويل المتاح له بسبب الحجر في منزله، ولكنني أعتقد أن هؤلاء قله قليلة، حيث أن الأغلبية يقضون أوقاتهم في ملاحقة آخرالأخبار والتي تكون في الغالب سيئة، وتؤثر على حالتهم النفسية، وتقلل من وقتهم الذي يكرسونه للكتابة".

وأضافت تغريد فياض: "أما بالنسبة للأدب، فلقد بدأ منذ الآن وسوف يستمر في التغير والتأثر بما حصل وما زال يحصل من حولنا، بوباء أوقف كل أنشطة الحياة التي كنا نقوم بها ونستمتع بإقامتها، وكيف لا يكون ذلك وجزء كبير من الأديب أو المبدع هو نتاج بيئته وظروفه الاجتماعية وما يحدث من حوله، أتخيل أنه سوف تكون الفاجعة والفقد والهلع والألم، من أهم سمات أدب ما بعد كورونا، فهذا الهلع المنتشر حولنا في كل العالم، لا بد وأن يلقي بظلاله على ما نكتب، وقد يتمرد البعض عليه ولايذكره أو يذكر تأثيراته في كتابته أبدا، وكأنه لم يحدث، وهذه نسبة قليلة، من باب الإنكار".

أنا شخصيا بدأت بفكرة معينة لقصة قصيرة عن فيروس كورونا، لكنني توقفت منذ بدايتها، ولم أستطع اكمالها حتى الآن، بما أن الجرح ما زال طازجا، ولم يتوقف عن النزيف بعد. وعلى العكس من ذلك اتجهت إلى إكمال الرواية التي كنت بدأت كتابتها بداية هذا العام وتوقفت بسبب انشغالاتي الكثيرة، وهي ذات موضوع مختلف تماما عن كورونا وعما يحدث من حولنا، لكن شهيتي للكتابة قد فتحت بعد متابعة بعض الأخبار السارة عن ايجاد عدة علاجات للفيروس، وان كانت ما زالت تحت التجربة، وتعافي الكثيرين حول العالم منه، وأولهم الصين التي بدأت الكارثة على أراضيها. وربما كان فيروس كورونا وتأثيره على سجننا في بيوتنا، له بعض الفضل، وهذه حسنة نادرة من توابعه.