رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

انحياز للوطن.. لا رجعة عنه


عود على ما بدأناه بالأمس، حول أسباب انحيازنا للجانب الرافض لتصرفات جماعة الإخوان الرعناء.. وقبل الاسترسال فى إبداء مزيد من الأسباب، دعونا نذكر هذه الواقعة التى حدثت يوم الخميس الماضى أمام فندق «أوروبا» الشهير بشارع الهرم، حيث كمين ثابت للشرطة،

يقوم على حراسة وتأمين الدخل إلى والخارج من الفندق، وإذا بأطفال صغار من مدرسة ابتدائية، بين الصف الثالث والرابع من المرحلة، يقودهم نحو 15 معلمة ــ وأأسف للتسمية بمعلمة - ومثلهن من الرجال ذوى اللحى، يندفعون جميعاً مهاجمين الكمين، بأقذع الشتائم، محاولين الاشتباك معهم والاستيلاء على ما مع أمين الشرطة وثلاثة جنود - هم كل القوة الموجودة ــ من أسلحة.. وقد وجدت هذه القوة المتواضعة نفسها فى موقف لا تُحسد عليه، إذ كيف يواجهون أطفالاً انطلقوا تحت أقدامهم بعقول صغيرة لا تعقل ما تفعل إلا ما لقنه لهم زبانية جهنم الذين معهم.. والأدهى أن واحدة من النساء المرافقات لهم طلبت من البنات الصغار أن ينطرحن أرضاً لتصويرهن على أنهن ضحايا اعتداء الجنود عليهن، ولم يدخر المصور المرافق لهم جهداً فى تصوير الأمر المطلوب نشره على أنه جبروت الشرطة المصرية فى مواجهة أطفال أبرياء.. ولم ينه الواقعة إلا تدخل بعض الأهالى الذين هالهم المشهد العبثى من أتباع الإخوان، والذى انطلق من مدرسة أُحيل أمرها إلى السيد وزير التربية والتعليم، وكذلك السيد وزير الداخلية، لاتخاذ قرار بشأن مدرسة سمح مسئولوها بخروج تلاميذ أثناء الدراسة لمهمة تتعرض فيها حياتهم للخطر، ولا داعى للسكوت عن معلمين يستغلون هؤلاء الأطفال بمثل هذه الطريقة المشينة، ويصنعون منها صورة كاذبة أمام الرأى العام.. هذه واحدة.

والثانية، هو بلاغ من عم إحدى طالبات الجامعة للجهات الأمنية عن ابنة أخيه التى جاءت إلى بيته، حيث تقيم معه بمدينة نصر، وهى أصلاً من محافظة الشرقية، وبحوزتها حقيبة تحتوى على مليون دولار، سلمتها لها خديجة ابنة خيرت الشاطر، لتوصيلها إلى قيادات مظاهرات الطلاب فى الأزهر وعين شمس، ناهيك عمن تم ضبطهم بالسويس أثناء مظاهرات الجمعة الماضية وبحوزتهم شيك بـ 39 مليون جنيه، لنصل إلى تفسير ما يحدث فى الشارع وساحات الجامعات بأنه مؤامرة إخوانية مدفوعة الأجر، لأطراف مغرر بهم، بوهم الدين فى جانب والإغراء المالى فى جانب آخر، إذا هم شاركوا فى هذه الهجمة الشرسة على الوطن لإرباكه وتطيل سير الحياة فيه!.

وليتنا نختلف على ما يمكن الاتفاق حوله بالحوار والنقاش، بل إنه خلاف جوهرى بين أبناء الوطن المهمومين باستقراره وأمنه وسلامة أراضيه والعيش الكريم فيه، وبين طغمة شيطانية، باعت نفسها لمن يريد هدم الوطن والوقوف على أطلاله!.. ليس بيننا ــ أيها السادة ــ ما يمكن التحاور بشأنه والوصول إلى كلمة سواء فيه، إذ لا تستقيم سلامة الوطن، مع من يحاول تقويض أركانه وبيعه لمن يدفع فيه الريال القطرى أو الليرة التركية والدولار الأمريكى، فوطننا ليس للبيع، حتى لو حاصره سماسرة النخاسة، الذين يتاجرون الآن فى العبيد، ويدفعون بهم إلى الشوارع والميادين، لعلهم يفلحون فيما أخفق فيه سادتهم من أقطاب الجماعة.

هل يمكننا بعد ذلك التفكير فى إلى أى الاتجاهين ننحاز؟.. إنه طريق واحد لا رجعة لنا عنه.. الوطن الذى ننتمى إليه ونعتز به، حتى ولو أدخلنا هؤلاء الشياطين فى متاهات ومتاهات، فالصبح لابد أن يشرق، وهو آت لا محالة، بشعب هذا الوطن وقواته المسلحة وشرطته، وكل المؤمنين به من أصدقاء الجوار العربى، والفاهمين لأهمية بقائه قوياً متماسكاً من أهل الغرب، حفاظاً على مصالحهم فى المنطقة.

عندما سمعت صفوت حجازى يتحدث فى برنامج عاطف عبد الرشيد، على قناة الناس قبل مدة، وهو يؤكد لو أن الأمر بيده، لأغلق كل الصحف والقنوات الفضائية، بل لأمر بتعطيل القمر الصناعى «نايل سات» حتى يحول بين الناس وبين ما يعرفونه عن حقيقة الإخوان المخجلة.. عند ذلك أيقنت أن ثورة 30 يونيو التى سبقها توقيع 22 مليون مصرى على ضرورة الخلاص من نظام الإخوان فى حكم مصر، كان لابد أن تنفجر، بدعم من الجيش والشرطة، لأن هذا الوطن كان على وشك الدخول فى نفق مظلم، لا خروج منه إلا بالدم، لولا عناية الله وإخلاص المنتمين لترابه، الذين انحازوا لإرادة شعبه.. ومرة أخرى، كان الله غالباً على أمره.

■ رئيس تحرير بوابة الجمهورية أونلاين