رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من محمد هتلر.. إلى رجب نتنياهو!



بنصيحة تركية، غالبًا، سار بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، على خطى الزعيم الألمانى أدولف هتلر، وحاول استخدام ورقة الدين للتقرب إلى المسلمين فى الأراضى العربية المحتلة، أملًا فى الحصول على أصواتهم فى الانتخابات البرلمانية، المقرر إجراؤها، فى ٢ مارس المقبل، للمرة الثالثة، خلال أقل من سنة.
نتنياهو، زعم فى حسابه على «فيسبوك»، أنه يعمل «جاهدًا» على تنظيم رحلات حج منخفضة التكاليف من تل أبيب إلى مكة المكرمة، وفى التدوينة التى بدأها بالآية رقم «٢٧» من سورة «الحج»: «وَأَذِّن فِى النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ»، كتب، باللغة العربية، أن «الحج، أحد أركان الإسلام الخمسة، وهو فرض على كل مسلم لمن استطاع إليه سبيلًا»، وأن «مواطنى إسرائيل المسلمين يسافرون لأداء فريضة الحج بطريقة غير مباشرة، مما يثقل كاهلهم بتكاليف إضافية». ثم كتب بالعبرية: «نعمل جاهدين على تنظيم رحلات مباشرة من تل أبيب إلى مكة، للتسهيل على الحجاج المسلمين».
قد يكون شبح «هتلر» هو الذى دفع نتنياهو إلى حذف التدوينة، بعد دقائق، مع أنه قال محتواها، وأكثر، فى تصريحات لقناة «هلا» الإسرائيلية، الموجهة لعرب ١٩٤٨، إذ زعم أن الإسرائيليين «يحلقون اليوم فوق السعودية»، وأعرب عن اعتقاده بأنهم سيصلون بسرعة «إلى وضع يستطيعون معه السفر برحلة جوية مباشرة إلى السعودية»، وأشار إلى مرسوم أصدره وزير داخليته، فى ٢٦ يناير الماضى، يسمح للإسرائيليين بزيارة السعودية لـ«المشاركة فى اجتماعات تجارية، أو البحث عن استثمارات» أو للقيام بالحج والعمرة بالنسبة للمسلمين!
بموجب اتفاق عقد الملك الأردنى الراحل الحسين بن طلال، مع الحكومة الإسرائيلية، يذهب الفلسطينيون إلى الحج، منذ سنة ١٩٧٨، عبر الأردن، ويدخلون الأراضى السعودية بجوار سفر أردنى مؤقت تمنحه لهم وزارة الأوقاف الأردنية، ولم يحدث ما يغير هذا الوضع، طبقًا لتصريحات فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودى، لشبكة «سى إن إن» الأمريكية، التى أكد فيها أن سياسة المملكة ثابتة، وأنه «لا يمكن لحاملى جواز السفر الإسرائيلى زيارة المملكة فى الوقت الراهن»، معربًا عن اعتقاده بأن قضية الانخراط الإسرائيلى فى المحيط الإقليمى قد تكون على الطاولة «عندما يتم التوصل إلى اتفاقية سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين».
لم يتم الإعلان عن سبب حذف نتنياهو التدوينة، واكتفى ميكى زوهر، رئيس كتلة «الليكود»، الحزب الذى يتزعمه نتنياهو فى البرلمان الإسرائيلى «الكنيست»، بأن قال لموقع «بانيت» إنه دعا رئيس الوزراء الإسرائيلى إلى «الاستفادة من اتصالاته مع السعودية من أجل إتاحة الفرصة أمام الحجاج من مسلمى إسرائيل للتوجه إلى المملكة فى رحلات مباشرة بسعر معتدل»، مضيفًا أن رحلات الحج المباشرة ستكلف حوالى ٥ آلاف شيكل «حوالى ١٤٦٠ دولارًا» بدلًا من ٣٠ ألفًا «٨٧٠٠ دولار» كما هى اليوم.
وسائل إعلام عبرية نقلت عن مسئولين كبار فى الجيش الإسرائيلى تعليقات غاضبة وصفوا فيها تصريحات نتنياهو بأنها «غير مسئولة»، وقالوا إنه وعدد من وزرائه «يكذبون فى قضايا أمنية، لخدمة أغراضهم الانتخابية»، كما ذكرت لجنة الحج والعمرة لفلسطينيى ٤٨ أن تكلفة رحلة الحج لا تصل إلى هذه الأرقام الخيالية، وأوضحت أن شيئًا لم يتغير فى نظام سفر الحجاج، وقال الشيخ هاشم عبدالرحمن، رئيس اللجنة، إن وزارة الخارجية السعودية هى صاحبة القول الفصل فى هذا الموضوع، مؤكدًا أن نتنياهو، الذى يروج لنفسه وكأنه وكيل سياحة للحج والعمرة فى محاولة لكسب أصوات فلسطينيى ٤٨، يقوم بالكذب والتضليل.
ربما بنصيحة تركية أيضًا، نشر أوفير جندلمان، المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلى، صورة فى حسابه على تويتر، لفتاة تُدعى صابرين سعدى، وصفها بأنها «المسلمة المحجبة الأولى، التى ستصبح قريبًا ضابطة فى صفوف الشرطة الإسرائيلية»، زاعمًا أنها «ترعرعت فى عائلة مسلمة ملتزمة»، وأنهى التغريدة بـ«علامة تعجب» بعد عبارة «فعلًا، الشرطة فى خدمة الشعب»!
خلال الحرب العالمية الثانية، أشاعت الآلة الدعائية التركية، فى الدول الإسلامية، أن الزعيم الألمانى أدولف هتلر اعتنق الإسلام وصار اسمه الحاج محمد هتلر، كما ذكر المؤرخ البولندى لوكاز هيرزويز، فى كتابه «الرايخ الثالث والمشرق العربى» أن ذلك لم يكن جديدًا وأن اللعبة نفسها حدثت، حين حاربت الدولة العثمانية إلى جوار ألمانيا فى الحرب العالمية الأولى، وأشاعت أن الإمبراطور الألمانى فيلهم الثانى أسلم سرًا، وأصبح اسمه الحاج جليوم.
تأسيسًا على ذلك، لا نستبعد أن يكون الرئيس التركى هو الذى نصح صديقه نتنياهو باستخدام ورقة الدين فى حملته الانتخابية. كما أنه ليس بعيدًا أو مستبعدًا أن يبرر عبيد «أردوغان» التقارب التركى الإسرائيلى، غير المسبوق، بأن رئيس الوزراء الإسرائيلى أسلم على يد «الخليفة» المزعوم، وغيّر اسمه إلى الحاج رجب نتنياهو!