رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكراه.. قصة الراهب أندراوس الصموئيلي

أندراوس الصموئيلي
أندراوس الصموئيلي

"يكون معاك ما يكون عليك" كانت تلك الكلمات الأشهر للراهب الراحل أندراوس الصموئيلى، الذي تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، برئاسة البابا تواضروس الثاني، بذكرى رحيله الـ31.

في هذا التقرير وتزامنًا مع احتفال الكنيسة، تستعرض «الدستور» في سطور قصة الراهب الراحل الكفيف.

ولد القديس أندراوس الصموئيلي عام 1887 بعزبة بشرى حنا التابعة لقرية الجفادون مركز الفشن بمحافظة بنى سويف، وكان يدعى يوسف خليل إبراهيم.

فقد بصره وهو في الثالثة من عمره، وتعلم في كتاب القرية بعض المزامير وبعض آيات الكتاب المقدس، وأرسله أبوه إلى دير الأنبا صموئيل المعترف وهو في الثالثة عشر من عمره بغرض التعلم لا بغرض الرهبنة، وظل بالدير إلى أن وصل إلى سن الثانية والعشرين، حتى ترهب بالدير باسم أندراوس الصموئيلي.

"الصلاة كانت غذاءه الحقيقي كالسمائيين وكان لا يكف لحظة واحدة عن رفع عقله وقلبه إلى الله،
كان أحيانًا يجلس في هدوء محركا شفتيه دون صوت، وأحيانًا يردد المزامير بصوت عال ولساعات طويلة سواء ليلا أو نهارا، كان يعيش معاني الكلمات قبل إتقان اللحن، وحتى لو قال الكلمة عشرات المرات لا تفتر قوتها في وجدانه".

كان يعتبر نفسه خادمًا للجميع، وكان إذا قاده أحد الرهبان لمكان ما خارج قلايته كان يخجل أن يطلب منه أن يعيده إليها مره أخرى، وبالرغم من أنه كان كفيفا فقد كان يقوم بالأعمال الشاقة (جلب المياه من البئر) مثل باقي الآباء الرهبان وكان يقوم بهذا العمل وحده ولم يطلب أبدا مساعدة من أحد.

ورغم الآلام التي كان يكابدها والعمليات الجراحية الخطيرة التي أجراها، لم يسمع منه الأطباء أو الممرضات كلمة ضيق، بل كان يذهلهم بقدرته على تحمل الألم بشكر وتسليم تام.

كان يصدق كل شيء تماما كطفل، ومع ذلك فقد كانت له حكمة الشيوخ، فهو الوقور في جلسته، والمهيب الهادئ المقل في القول، لا يفتح فاه إلا إذا وجه إليه سؤال، وعندئذ كان يجيب بكلمات قليلة تتجلى فيها حكمة الشيوخ.

وحدث بسبب تأخر قافلة الجمال "التي كانت تجلب للآباء الرهبان الطعام والاحتياجات الضرورية من المدن والقوي القريبة من الدير"، فتدهورت الأحوال في الدير (دير الأنبا صموئيل المعترف) فهجره جميع الرهبان وحاولوا أخذه معهم لكنه رفض بشدة قائلًا: "أنا ما سيبش ديري أبدا، مايحصلش، دا أنا أبقى ماعنديش أصل"، وَفَضَّل البقاء في الدير وحيدًا تمامًا رغم عجزه وفقدانه البصر.

خاف الراهب على ديره من البدو المحيطين به، وأغلق الباب بنفسه من الداخل، ولم يكن الدير يُغْلَق من الخارج بل من الداخل، وظل يدق جرس الدير مرتين يوميًّا ليثبت أن المكان عامر، بالرغم من الصعوبة التي كان يلاقيها ليصل إلى الجرس كل مرة وهو فاقد البصر".

عاش القديس بمفرده تمامًا في الدير لمدة أربعة أشهر، كان غذاؤه خبزًا يابسًا وماءًا من البئر إلى أن عاد رئيس الدير من جولاته ومعه القافلة التي تحمل الطعام والاحتياجات، ولم يكن أحد يعلم إلى أي مصير كان سيؤول إليه الدير عندما يجده البدو مهجورًا أبوابه مفتوحة.

وكان الراهب أندراوس الصموئيلي هو الوحيد الذي بقى به تنفيذا لهذا الأمر وبقى الدير عامرًا حتى الآن.

ورحل الراهب أندراوس عن العالم، في يوم 7 فبراير عام 1989، واحتفلت الكنيسة بعشية عيده اليوم، وتستقبل الأديرة الواقعة على اسمه، غدًا الزائرين الأقباط المحبين له.