رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر حتبقى.. قد الدنيا


كل عام وأنتم بخير.. كل عام ومصر وشعبها الأبى بكل العزة والكرامة، وهو يشق طريقه نحو الغد الذى حلم به طويلاً.. صحيح أن هذا الحلم تعثر خلال السنوات الماضية، لكن الشعب سار خطوات حقيقية فى طريق تحقق هذا الحلم الذى بات وشيكاً، رغم أنف الحاقدين، ورغم كل العراقيل التى مازال البعض يلقى بها على قارعة الطريق الذى بانت معالمه، وذاك بداية التحقق.. أن ترى كوة النور فى نهاية النفق المظلم، فإن ذلك يعنى أنك تسير على الطريق الصحيح، وذاك يدفعك إلى أن تتغلب على كل ما يعترضك فى هذا الطريق، لأن النور آتٍ، والغد قادم، والحلم مُتحقق لا محالة.

كالفراشات حول النور، أرى الناس فى الشوارع، لا يسيرون على أقدام بقدر ما يطيرون بأجنحة لا نراها، هى أجنحة الأمل الذى تفجرت ينابيعه مع الثلاثين من يونيو الماضى، يوم عبر الشعب عن إرادته ووضعها أمانة فى يد من يستطيع أن يعبر عنها، من يصونها ويضعها موضع التحقق، بعد التيه الذى عاش الشعب المصرى فيه سنوات عجاف، لا يابس فيها ولا ماء، يوم أن كان معدل التنمية لدينا 8%، لا يتمتع بثماره سوى 24 شخصاً، ويعانى 84 مليون مصرى شظف العيش وويلات الحياة.

صحيح أن الوضع الاقتصادى الآن فى أسوأ حالاته، كانعكاس لظروف مرحلة ثورية، أو نتاج لعراقيل تضعها أطراف خبيثة فى الشارع، تهدد تدفق الاستثمارات العربية والأجنبية إلى مصر، وتحول دون انتعاش السياحة وعودتها سيرتها الأولى كمصدر أساسى من مصادر الدخل القومي.. ولن أكون مبالغاً حينما أقول إن البعض ساءت ظروفه المعيشية عما كانت عليه من قبل، ومع هذا، تبدو الناس سعيدة منتشية بامتلاكها إرادتها، وثقتها فيمن يقود دفة السفينة نحو مرفأ الأمان والحرية والعيش الكريم القادم.

إن شعباً كهذا الشعب المصرى، ليستحق أن نُتَوجه بتاج العزة والفخار، بديلاً عن الذل والهوان الذى ثار عليهما، ورفض السقوط فى ربقة الإخوان، مع أنه يدفع ثمن ذلك الآن، من قوته وستر بيته، ومع هذا يتعاظم إحساسه بنفسه، وبامتلاكه إرادته، وأصبح على استعداد أن يحارب شياطين الإنس والجن، حتى تكون مصر بحق «أم الدنيا وقد الدنيا».. هذا التعبير الذى يحمل فلسفة الحياة المصرية الحالية، والتى تراها مُرددة على ألسنة الجميع من أبنائها، قادة وشعباً، حتى إنى أراها هى «المشروع القومى» الذى نلتف حوله.. وأذكر فى ذلك ما قاله «الأستاذ» محمد حسنين هيكل فى كتابه «خريف الغضب»، من أن مصر تعثرت طويلاً، وما كان لذلك أن يكون لو أنها امتلكت مشروعها القومى الجديد.

نعم.. فى زمن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، التقت إرادة الشعب حول مشروعات قومية فى الصناعة والزراعة، حول بناء السد العالى وإقامة الصناعات الثقيلة، وقد آن الأوان ليكون لمصر مشروعها القومى الجديد.. فإذا لم يكن ميسراً الآن مشروع بعينه، انتظاراً لتحديده وعمل دراسات الجدوى حوله، فما أقل من أن يكون تعبير «مصر أم الدنيا، وحتبقى قد الدنيا» هو مشروعنا القومى الحالى، لأنه معنى جامع مانع، أطلقه من يستطيع تحقيقه، بإرادة القائد والزعيم، وبالثقة فى شعب قرر أن يكسر القيد الذى طوق معصمه سنوات طوال.. مظلمة كانت، نعم هذا صحيح، لكن كوة النور لاحت الآن فى الأفق، وقد سار الشعب باتجاهها، ولا يمكن لأحد أن يرد الشعب على عقبيه مرة أخرى، بل إنه ماضٍ فى سبيله لكى يحقق الحلم القومى فى أن «مصر أم الدنيا، وحتبقى قد الدنيا».

كل عام ومصر وشعبها وقائدها.. فى ألف عزة وخير.

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.