رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الدستور" ترصد موجات التأييد والهجوم على بيان الأنبا سرابيون (تحقيق)

الأنبا-سرابيون
الأنبا-سرابيون

"هل يجوز إقامة قداس إضافي لعيد الميلاد، مساء يوم 24 ديسمبر، حسب الاحتياجات الرعوية في كنائس المهجر أم لا ؟"، هذا السؤال الشائك شغل الأوساط الكنسية، عقب البيان الذي أصدره الأنبا سرابيون مطران لوس أنجيلوس، بشأن إقامة قداس إضافي في ليلة الميلاد، وبين التأييد والموافقة حققت "الدستور" مع رجال الكنيسة من أساقفة وكهنة وشعب عن آرائهم.

الأساقفة والمطارنة فى مصر لـ"الدستور": "المهجر يجيب عن المهجر"

جاءت الإجابة الأكثر تكرارًا بين الأساقفة في تصريحاتهم الـ"الدستور" أن "المهجر يجيب عن المهجر"، لافتين إلى أن كل أسقف أو مطران في المهجر هو أدرى وأعلم بشئون إيبارشيته، والاحتياجات الرعوية لشعبه.

وأشار عدد من الأساقفة لـ"الدستور"، إلى أن أجابة قداسة البابا تواضروس الثاني المسجلة، في تعليقه على بيان الأنبا سرابيون، كانت شاملة ووافية وأجابت عن جميع التساؤلات.

أساقفة وكهنة وشعب المهجر: " نتضامن مع بيان الأنبا سرابيون وغير مخالف للتعاليم الكنسية.

أكد أساقفة المهجر خلال بيان لهم أن بيان الأنبا سرابيون غير مخالف للتعاليم الكنسية ولا التقاليد أو قوانين الكنيسة، لافتين إلى أن إضافة قداس عيد الميلاد في لوس أنجيلوس، يعالج طلب ملح من أفراد الشعب.

كما وجه الأنبا سوريال أسقف ملبورن السابق، أستراليا، بشكل خاص، كل الشكر للبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، على كلماته الشجاعة وإجلاء وإيضاح الأمر، بشأن بيان الأنبا سرابيون مطران لوس أنجيلوس للأقباط الأرثوذكس، الخاص بالاحتفال الذي وجهه إلى كهنة الإيبارشية، بإقامة قداس إضافي في ليلة عيد الميلاد، يوم 24 ديسمبر.

وأعلن الأنبا سوريال دعمه الكامل للأنبا سرابيون لخطابه لكهنة الإيبارشية، بالسماح بإقامة قداس إضافي في ليلة عيد الميلاد، يوم 24 ديسمبر، في حال وجود احتياج رعوي فى كنيسة ما في الإيبارشية.

وتمنى الأنبا سوريال أن يحفظ الله حياة البابا تواضروس الثاني، لسنين عديدة مديدة، واختتم رسالته بـ"ابنكم الأمين الأنبا سوريال".

ومن أكثر التصريحات المفاجئة، ما قاله أحد رعاة الكنيسة في كليفلاند بالولايات المتحدة الأمريكية لـ"الدستور" أن "كلمة البابا تواضروس رائعة وجسدت الواقع بدقة، حيث أننا في كليفلاند منذ ٤٤ عامًا نصلي بالفعل قداسًا، صباح يوم ٢٥ ديسمبر، حيث أن هذا اليوم إجازة رسمية والجميع يفرحون بهذا.

كما قال أحد رعاة النمسا: "أن أولادنا وعائلاتنا القبطية متفهمين تمامًا تقليدنا القبطية فحتى الآن، لا يوجد احتياج رعوي لإقامة قداس يوم 24 ديسمبر".

وأضاف الأنبا جابرييل أسقف النمسا، أنه لم يتحدث إلينا في مجمع الآباء، بخصوص هذا الأمر؛ لأنه لا يوجد ضرورة حتى الآن".

أما على المستوى الشعبي فقد تواصلت "الدستور" مع عدد من أقباط المهجر، للسؤال عن قرار الأنبا سرابيون، وقالت "م.س": "أن يوم 7 يناير هنا في المهجر، يفتقد لجميع مظاهر الأحتفال بعيد الميلاد، لأنه يوم عمل أعتيادى، ويوم دراسى لأبنائنا، أما 25 ديسمبر فيشهد احتفالات كبرى، فى كافة الأماكن، حيث تضئ الأنوار، ويحصل الأطفال على الهدايا ويشعرون حقًا ببهجة العيد.

وقال "م.ص" للدستور، نحن نقابل مشكلة حقيقية فى احتفالات عيد الميلاد فى المهجر، بالنسبة للأجيال الجديدة، حيث أنهم يكونوا مشتتين، لذلك أتمنى أن نتمسك بالروح، وليس الحرف طالما ليس هناك دليلًا قاطعًا؛ لحسم الخلاف على الاحتفال بعيد الميلاد في 25 ديسمبر أو 7 يناير.

المتحفظون على البيان: "هذه بداية فرط العقد"

ومن الجهة المقابلة استدل المتحفظون على خطاب الأنبا سرابيون، بأن هذا سينتج عنه انقسام الكنيسة في أمريكا عن الكنيسة الأم في مصر، بالإضافة إلى أنه سيصعب مهمة لجان الحوار مع الكاثوليك، كما أوضح البعض أن بيان الأنبا سرابيون، هو تهاون في العقيدة والطقس الكنسي.

ووصف القس ماركوس ناشد مرجان، أن هذا التدبير ليس رعويًا لأنه خرج من النطاق الرعوي إلى النطاق الطقسي والعقيدي والتاريخي بل والآبائي، معلنًا عن خوفه من حدوث " شيزوفرينيا دينية" للأقباط بالمهجر، عقب حضورهم قداس ليلة عيد الميلاد 24 ديسمبر، وينتهى بهم الحال لا أن يعيدوا يوم ٢٥ ديسمبر ولا يوم ٢٩ كيهك الذي يقابله 7 يناير.

وأضاف:"أخاف كل الخوف ما لا تقصده ولا تريده نيافتكم أن تكون هذه بداية فك حبة اللؤلؤ الأولى من عقد جواهر طقوسنا وعقيدتنا، ولن يعلم أحد كيف يجمعها من البعثرة، خاصة في أيامنا الصعبة التي نرى فيها الحرب شرسة جدًا على كنيستنا، من الداخل أكثر مما من الخارج".

واختتم: "سيدنا الغالي أكرر لنيافتكم محبتي واحترامي وتقديري، ولكني لم احتمل الصمت، وأضع تساؤلاتي أو تعليقاتي أمام عقل نيافتكم المستنير، وقلبكم المتسع، ولي عشم فى بيان جديد يفرح قلوبنا بحكمتكم وارثوذوكسيتكم المعهود".

فيما أضاف أحد رعاة المهجر "ق.ك" في تصريحات خاصة لـ"الدستور" أن بيان الأنبا سرابيون خطوة في غير محلها، حيث أنها ستساعد على عدم التمسك بالكنيسة الأم، وبالتالي يمكن أن تساعد هذه الخطوة على انفصال الكنيسة في أمريكا عن الكنيسة الأم في مصر، كما أنها ستصعب مهمة لجان الحوار مع الكاثوليك.

كما قال الناشط القبطي فادي يوسف من خلال صفحته الرسمية، عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "عشنا زمانًا هذه مدة غربتنا على الأرض، لم نغير تخومنا التي استلمناها من آبائنا العظام، وسوف نسلمها إلى أحفادنا كما كان يكون وإلى الأبد".

وأعرب أحد الخدام "م.ر"، عن اعتراضه على بيان الأنبا سرابيون، مناشدًا بأن هذا كسر للعقيدة والطقس الكنسي، قائلًا: "أن الكنيسة الأرثوذكسية هي كنيسة مجمعية، ولا يجوز أخذ قرارات فردية خاصة في طقس أو عقيدة".

رد البابا تواضروس على البيان قائلًا: "هناك فريسيون حرفيون مازالوا يعيشون وسطنا حتى اليوم".

وكان قداسة البابا قد أكد في كلمته أن طقس الكنيسة يتطور أما العقيدة فهي ثابتة، وذكر عدة أمثلة عن هذا الأمر، وأنه كان في الماضي يقام قداس واحد في الأسبوع، يوم الأحد؛ ولأن العطلة الأسبوعية الرسمية للدولة هي الجمعة، وقررت الكنيسة أن تقيم قداسًا آخر يوم الجمعة، ومع تزايد الاحتياج لإقامة قداسات باقي أيام الأسبوع، تُرك الأمر لكل كنيسة أن تقييم ما يحتاجه شعبها من قداسات.

مثال آخر، ذكره قداسة البابا أن صلاة الإكليل "سر الزيجة" في الأساس، كانت لا تقام إلا في القداس الإلهي، ومع تغير الظروف سمحت الكنيسة بإقامة صلاة الإكليل في أي وقت على مدار اليوم.

مثال ثالث ذكره البابا، وهو أن الكنيسة في القداس الإلهي تصلي من أجل نهر النيل، وتخصص صلاة خاصة لكل موسم ذراعي، على مدار العام للأمطار والزرع والحصاد؛ ولأن بلاد المهجر كلٌ منها تختلف فيما تحويه من أنهار ومن مواسم، قرر المجمع المقدس في عهد البابا شنودة الثالث، أن تصلي كنائس المهجر للمياه بشتى صورها، ولكل المواسم في آنٍ واحد.

ومن أقوى عبارات البابا التي قالها في كلمته أن هناك فريسيين حرفيين، ما زالوا يعيشون وسطنا حتى اليوم، مشيرًا إلى رد السيد المسيح المذكور فى الإنجيل على هؤلاء الذين يتمسكون بحرفية وصايا الناموس على حساب روح النص وجوهره بأن: "السبت جُعل لأجل الإنسان، لا الإنسان لأجل السبت".

اختتم قداسة البابا كلمته كما بدأها برفض التعدي من بعض المنتقدين لبيان الأنبا سرابيون، والذين نصبوا أنفسهم رقباء على الكنيسة، وظنوا في أنفسهم أنهم وحدهم يملكون الحق والأخرون يفرطون في عقيدتهم.

بيان الأنبا سرابيون الذي انفردت "الدستور" بترجمته ونشره:

كانت "الدستور" انفردت بترجمة ونشر البيان التاريخي للأنبا سرابيون، مطران لوس أنجلوس، كاليفورنيا، الولايات المتحدة الأمريكية، الخاص باحتفال عيد الميلاد المجيد، للعام 2019_2020، والذي وجهه إلى كهنة الإيبارشية، ويحتوى البيان الصادر على 3 نقاط، وهي كالتالي:

1_ تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية القبطية، في جميع أنحاء العالم، بعيد ميلاد السيد المسيح، يوم 29 كيهك من كل عام، بالإضافة إلى يوم 28 كيهك في حالة السنوات الكبيسة، كما في هذا العام، 1736 شهداء و2019_2020 ميلادية، والذي يقابله في التقويم الميلادي 7 و8 يناير.

2_ تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية القبطية، بقداس عيد الميلاد المجيد في منتصف ليلة يوم العيد.

3_ نظرًا لأن أطفالنا وشبابنا قد ولدوا وترعرعوا في مناخ يربط ميلاد السيد المسيح، باحتفالات الكريسماس، فقد رأينا أنه يٌعتبر من الاحتياجات الرعوية الملحة، أن يتم السماح للكنائس الإيبارشية، بإقامة قداس إضافي في ليلة عيد الميلاد، يوم 24 ديسمبر، بجانب قداس عيد الميلاد في منتصف ليلة 6 يناير، مع العلم أنه لن يتم قطع فترة الصوم حتى انتهائه بقداس ليلة العيد، يوم 6 يناير.

كان موضوع توحيد الأعياد، قد أثار جدلًا بين الكنائس الشرقية والكنائس الغربية، في أوساط الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، على مدار الشهور الماضية، حيث الكنائس الشرقية ومن ضمنها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، تحتفل بعيد الميلاد المجيد، يوم 29 كيهك، الذي يقابله في التقويم الميلادي يوم 7 يناير في السنوات غير الكبيسة، أما الكنائس الغربية فتحتفل بعيد الميلاد المجيد يوم 25 ديسمبر.

يشار إلى أنه من أهم طقوس الاحتفال بعيد الميلاد فى جميع الكنائس، هو إقامة القداس الإلهي ليلة العيد مساء 6 يناير في الكنائس الشرقية، ومساء 24 ديسمبر في الكنائس الغربية.

يذكر أن المجمع المقدس بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، قرر في شهر يونيو الماضي، منح أساقفة ومطارنة ايبارشيات المهجر الحق في تنظيم وترتيب الأمور الرعوية الخاصة بكنائسهم، حسب ما تقتضيه الاحتياجات الرعوية الملحة من واقع البيئة والظروف، التي ينشأ فيها أقباط المهجر التابعون له، ولكن لم تكن مسألة الاحتفال بعيد الميلاد المجيد مع الكنائس الغربية، مسألة مطروحة من ضمن الترتيبات الرعوية التي يٌسمح لراعي الإيبارشية تنظيمها تحت هذا البند.